يدرك جميع المثقفين و الجماهير الواعية أنه أية حكومة عندما تفشل فشلا ذريعا في تدبير ملفات مشاريع مجتمعية طموحة كإصلاح التعليم و الصحة، فإنها تلجأ للبحث عن الشماعة الأقرب و الأضعف لإلصاق فشلها عليها، فطن السيد رئيس الحكومة و من دون مساعدة أحد لمكمن داء المنظومة برمتها .حيث اكتشف ،بقدرة قادر، أن الداء منحصر في عناصر بشرية حددها بالاسم :" المدرسون ، المديرون والمفتشون و العميد".و صرح بكل صلابة وجهه البشوش أنهم لايحملون هم الإصلاح ،لا هم ولا نقاباتهم التي لا تطالب سوى ب:اعطيني أكثر بدون تضحية في المقابل؟!!!وماذا عن تضحياتهم لعقود من السنين في بقاع نائية لن يستطيع حتى نطق أسمائها بشكل صحيح؟ حيث أفنت هاته الفئات ربيع عمرها مرابطة في حجرات مدرسية كانت لهم مسكنا و فصلا دراسيا؟ مدرسات ومدرسون أبوا إلا تبليغ رسالتهم النبيلة رغم قساوة الظروف المناخية و الجغرافية و تعدد المستويات المشتركة في نكران تام للذات . و ما ذنب أبنائهم أن يعيشوا مبعدين قسرا عنهم والآ يروهم إلا في عطلة نهاية الأسبوع أو في عطل الأقطاب الثلاث. ما ذنب أبنائهم في حرمانهم من حقهم في أسس الرؤية الاستراتيجية المنبنية على الإنصاف و الجودة و الارتقاء؟ هل تبادر إلى ذهن السيد رئيس الحكومة خطورة تبخيس دور المفتش و المؤطر و أدواره في تخليق الحياة المدرسية و ترسيخ مفهوم تجويد التعلمات أم أنه بات عرضة لمرض الخرف و العياذ بالله منذ وفاة حكيم حزب العدالة و التنمية في واد الشراط و غرَه كرسي الرباط؟ هل تغافل مطالب المفتشين عندما تتملص النيابات من عدم توفير نقل لهم لزيارة و تفتيش أساتذة المناطق الصعبة بذرائع واهية؟ ومن يقوم بمهام التكوين و إطلاعهم عن المستجدات التربوية ؟ كيف وصل به الحد لتقزيم أدوار مدراء المؤسسات المدرسية و لفها بغطاء المطالب في الزيادة في الأجور ؟ يكفينا أن يصرح أحد أعضاء حزبكم الفائز برئاسة مجلس إقليمي أن يطالب بالزيادة في أجره كي لا يتطاول على المال العام. فهمتيني ولا لا؟ هل للسيد رئيس الحكومة اطلاع على أدوار الإدارة التربوية من تنقل بين النيابة و الفرعيات و التعجيل بتوفير الإحصاءات و مسار و حسن تدبير مجالس المؤسسات وغيرها من شؤون السيرورة التربوية؟ أعتقد أن السيد بنكيران عندما كان يعد برنامجه الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لم يلتجئ لآلاف الأساتذة المنضوين تحت حزبه و الذين كان لهم الفضل الكامل في تبوئه المرتبة الأولى وطنيا ولم يستشر ذراعه النقابي لأنهم بدورهم لا يحملون هم الإصلاح . فكيف يحملونه و كانوا وأنا منهم في أول الصفوف الاحتجاجية قبل دخوله تدبير الشأن العام ؟ فألجم صوتا كانت أسوار باب الحد بالرباط ترتعب منه و تضع له ألف حساب، بدليل أنه يتغنى في كل محفل أنه قضى على الاحتجاج بذريعة الأجر مقابل العمل. أتساءل في الأخير عمن يحمل هم الإصلاح إذا انعدم في أسرة التعليم و ما دور المجلس الأعلى للتعليم المكون من النقابات و المفتشين والأساتذة والأحزاب وغيرها. لماذا شغلتمونا بمجالس التدبير وجمعيات مدرسة النجاح و المجالس التربوية إن كانت مفرغة أساسا من أدوارها وأهدافها؟ إذن ، فالوحيد الذي أرَقه هم الإصلاح هو رئيس الحكومة وصندوق النقد الدولي المسكينين. هل الأطر التي اتهمت باطلا هي المسؤولة عن تبدير ملايير المخطط الاستعجالي؟ هل هي من بنت المدارس الوهمية في مدينة سلا؟ هل هي من فوتت المدارس العمومية للخواص؟ هل هي من فوترت الشكلاط من المال العام؟هل هي المسؤولة عن تقليص المنح و الكيل بمكيالين بين تلاميذ الوطن بخصوص برنامج تيسير ؟ أين يتموقع تخريف بنكيران من خطاب الملك المنوه للأساتذة أينما كانوا؟ لم يكذب حميد شباط عندما صرح بأن بنكيران له علاقة بداعش فكلاهما يقصف بشكل عشوائي و يحلل ويحرم على هواه. ننتظر من السيد رئيس الحكومة وزرائه و برلمانييه كقدوة لنا أن يضحوا بأجر تقاعدهم المريح من عملهم التطوعي لصالح إنقاذ التعليم والصحة .وصدق قوله تعالى في حقه : " و من الناس من يشهدك على قلبه و هو ألذ الخصام". و لا يسعنا إلا الدعاء بالشفاء العاجل من فوبيا الأطر التربوية.