بصيغة الندبة ولو وجدنا أبلغ في التعبير عن فداحة الموقف من الندبة لحق لنا أن نستعمله فالمندبة كبيرة والميت ليس فأرا، سقط تعليمنا وفشلت كل المحاولات البئيسة لمده بالأكسجين منذ أن استيقظنا على صدمة تقارير دولية تجعلنا في ذيل تصنيفات تضم دولا كنا نتخذ من بعضها مادة للتنكيت والطنز في ساحات مدارسنا خلال فترات الاستراحة، وجاءت فضيحة التسريبات الأخيرة لتدق المسمار الأخير في نعش النزاهة والمصداقية التي ما فتئ المسؤولون يلوحون بها شعارات كشف الزمان عورتها، ومع ذلك ننتظر التحقيق ليضرب بيد من حديد على الفاعل الحقيقي الذي مرغ في التراب سمعة وطن بأكمله، ولولا ذاكرتنا القصيرة الأمد لعلمنا ان انتظار شيء من هذا القبيل في دولة الحق والقانون سيكون بمثابة الأمل في أن يفي عرقوب بوعده، فنفس الأمر حدث في 2006 حين تسرب امتحان جهوي بكامله بمكناس تافيلالت ولم يكن من تحرك غير تأجيل الامتحان إلى ما بعد أربعة أيام من التاريخ الذي قرر له. قد يبدو كل حديث عن التعليم في بلادنا من قبيل "الجناوى" التي تكثر عندما تسقط البقرة لكن فداحة الفضيحة فعلا تقتضي أن نتوقف مليا لنشخص الداء الذي عجزت الجهات الوصية لزمن ليس باليسير عن الاهتداء إليه أو ربما تعاجزت على غرابة صيغة التفاعل من الجذر عجز . بعد الإصلاح وإصلاح الإصلاح وما بعد الإصلاح، وبعد أن ضربت عن الإدماج كشحا وطوت عن الأهداف صفحا خرجت علينا الوزارة بمخطط جديد لم يحمل هذه المرة طابعا استعجاليا في التسمية على الأقل وبدت الجودة محور هذا المخطط، يبدو للمتفائل أن الوزارة فعلا وضعت اليد على الجرح ضعف التعلمات الأساسية عند أبنائنا خلال المرحلة الابتدائية في التواصل بمختلف اللغات نطقا وكتابة والقواعد الأساسية للحساب، طلع علينا ايشيكاوا بميماته الخمسة التي تضمن جودة التعلمات خطة خماسية الأقطاب: المعلم والمتعلم والوسائل والمناهج والوسط التعليمي، تبدو الأمور في الطريق الصحيح ولو على الورق. لكن نظرة فاحصة لهذه الأقطاب الخمسة تبين أن إصلاحا من هذا الحجم يتطلب أموالا طائلة فلسان حال منظومتنا التعليمية يقول أن الخصاص مهول في الموارد البشرية والاكتظاظ لا يمكن التخلص إلا بتوظيف عدد لا يقل عن المتوفر من الموظفين حاليا والبنيات التحتية لمدارسنا أقل ما يقال عنها أنها هزيلة والوسائل منعدمة أو مهترئة في أحسن الأحوال والمناهج ضعيفة تتراوح بين الإغراق في مالاينفع حينا والإسفاف أحيانا أما الوسط العام الذي يعيش فيه المتعلمون فتلك حكاية أخرى. هكذا إذن وفي دولة لا يتجاوز معدل إنفاقها على التعليم 2.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام علما ان الأجور تأخذ جل هذا الرقم ، وإذا علمنا أن روسيا نفسها التي استيقظت على ضعف تعليمها أنفقت بلياري يورو لإنشاء جامعة سكولتيك بسكولكوفو قبل ثلاث سنوات وأن دولة مثل سنغافورة أنفقت في السنين الأخيرة على تعليمها 13 بليار دولار نتأكد أن أي إصلاح جاد يقتضي ميزانية ضخمة، وإذا أضفنا إلى ذلك ما نعانيه من ضعف الحكامة وغياب الشفافية في تدبير الشأن العام فإن جعل المدرسة العمومية تواكب العصر يبقى مجرد حلم حتى إشعار آخر.