احتجاجات ،مسيرات ،اعتصامات هنا وهناك وخاصة بالعالم المسمى قروي ... أكيد لكل هذا ما يبرره : التهميش،العزلة، الإقصاء... وكل مصطلحات القاموس اللغوي المرتبط بهذا الحقل الدلالي... واقع الحال هذا الذي ليس وليد اليوم، لكن ما يميزه اليوم ، هو ظهور بعض الكائنات وسط حشد المتظاهرين وهي ترتدي ،ظاهريا، قميص الاحتجاج وقبعة التمرد وخطاب العصيان ... وبقلب ينبض،باطنيا ،على إيقاع دقات الاستحقاقات وسمفونية الانتخابات ... هاته الكائنات، وهي من صنف المطرودين من المدارس ومن أشباه "القاريين" ،تعرف الكتابة والقراءة والقليل من "الفرنسوية" وما تيسر من الكلمات السياسوية من قبيل" التهميش" "دستور 2011" "الجهة" بعض الفصول من ظهير الجماعات ،أسماء بعض الأحزاب وأمنائها العامين ،تتابع جلسات البرلمان المتلفزة وبعض البرامج الحوارية " مباشرة معكم" وبرنامج العدوي عبد الرحمان وفاطمة أوشرع على القناة الأمازيغية ... ومختصة، كل حسب الجماعة المستهدفة ،في أسرار المستشارين والرؤساء "الفاسدين" ... هذه الكائنات تتناول الكلمة في حشد المتظاهرين وتقصف مسؤولي الجماعة بكل الأسلحة ولكنها تبارك السلطات المحلية والمركزية التي لا تقصر جهدا في خدمة الوطن والمواطنين وقد تصعد من خطابها الشعبوي تحت التصفيقات وتهدد بالهجرة إلى جماعة أو إقليم آخر و ربما إلى الدول المجاورة إن لم تتدخل السلطات العليا لحل الإشكالات القائمة... هذه الكائنات ، قد تستغيث بالجمعيات الجادة لإضفاء المشروعية على "نضالها" ولكنها في نفس الآن تخاف هذه الجمعيات لأن تدخلها وخطابها قد يعصف بمشروع الكائنات الاسترزاقية لأن أفقها انتخابوي ليس إلا ... وقد تنقلب بسرعة البرق ضد مؤازريها وتتهمهم بالعمالة لجهات أجنبية والاستخفاف بالثوابت الوطنية وزعزعة استقرار البلاد - أي استقرارها هي على كرسي الجماعة ومصاحبة القائد ورئيس الدائرة والتعرف على المقاولين واستعمال سيارة الجماعة وتقديم تهاني العيد لعامل الإقليم ثم شرب الشاب العاملي وما تيسر من كعب الغزال ... – ولأنها تعلم علم اليقين أن الوصول إلى الجماعة يمر أساسا عبر قنطرة سيدي المخزن ،فإنها لا تدخر جهدا في التقرب من المقدم والشيخ والقائد إن استطاعت إلى ذلك سبيلا ... وتردد بشكل بباغوي في كل وليمة ومأثم ، أن دستور 2011 أجمل ما أنتجه فقهاء القانون الدستوري ،وأن المغرب محط أطماع الحساد وأن جماعاتنا غنية، وبوليسنا ودركنا وداخليتنا جنود مجندين من أجل الصالح العام وأن المصيبة التي أصبتنا هي من رؤسائنا ومستشارينا ... وتمضي السنوات ، والدورات الخريفية وغيرها من الدورات الأخرى التي لا تمت بصلة إلى الفصول الأخرى ثم بعدها تظهر كائنات أخرى لتعزف نفس السمفونية وهكذا ذواليك ...