حينما يتساءل ذلك المقهور المجهول المعلوم ، ذلك الكائن المركب المعقد البسيط ، الذي لا تستند هويته على مرجعية واحدة ،ذلك التشكيل الذي يتداخل فيه المادي بالرمزي ،الفطري بالمكتسب ،الظاهري بالباطني ،الثابت بالمتغير ،الفردي بالاجتماعي...... والوعي باللاوعي ، الحرية بالإكراه، المطلق بالنسبي، العقلي بالتجريبي،السوي بالمريض ،الشرير بالخيّر، الحب بالكراهية، الصداقة بالعداوة، الإيثار بالأنانية ،التعصب بالتسامح ، المقدس بالمدنس......والماضي بالحاضر، ذلك الإنسان الواضح الغامض المتناقض في كينونته، المنخور الصارخ باستفهامات ذاتية ووجودية عميقة ومؤلمة ،يتساءل جهرا أو سرا بكيف"و "ويل"؟؟؟؟فيعلنها ب : كيف الوجود بلا إنسان ؟ وكيف الإنسان بلا وجود ؟ و كيف الإنسان بلا حرية؟ كيف تحول الإنسان إلى ظل إنسان؟ كيف يُنسى وهو الإنسان؟ كيف الإنسان بلا قيمة؟ بلا نسيان؟ وبلا ذاكرة؟ كيف الإنسان بلا إرادة؟ بلا غير ؟ وبلا هوية ؟ كيف الإنسان بلا تاريخ؟ بلا خيال ؟ وبلا إنسانية؟ كيف الإنسان بلا وطن ؟ بلا تسامح ؟ وبلا حقيقة ؟ كيف الإنسان بلا عهد ؟ بلا صدق ؟ وبلا سعادة ؟ آه من الإنسان ولاءاته اللامتناهية كيف ظهر الإنسان؟ وسلك طريقا بلا عنوان؟ و تناسى إنسانية الإنسان؟ كيف العقل بلا شك؟ و الكلمة بلا حرية ؟ و الحرية بلا معنى ؟ كيف العيش بلا كرامة ؟ و الشعب بلا ذاكرة؟ و الكمال بلا نقص ؟ كيف يسب دين الله ويخشى الحكومة؟وكيف الوشم بلا جسد؟ والقلب بلا إيمان ؟ كيف اغتال(الإنسان) القصيدة في فم شاعر؟و حوّل الجمود إلى حراك؟ كيف اعتقل الكلمة بين جذران زنزانة؟و قدس الجهل ودنس العقل؟ كيف يشكو ماسيه لمن لا يواسيه ؟ و يقاوم صولجان الجلاد ؟ كيف يزرع العار ويحصد الكرامة؟ و يُغتال مرتين، مرة هنا ومرة هناك؟ فالويل ثم الويل لمن مات فيه الإنسان فويل للإنسان من الإنسان، ومن حل في موطنه الجهل مكان العلم ؟ ويل لإنسان يُجبر الناس العيش في العراء؟ و يتبنى الوقاحة دستورا لحياته؟ ويل لمن تحدى نجوم السماء، ويموت يغرق لايملك أن يتحرر؟ ويل لمن تحدث بكلام يذيب الحجر، وقلبه أصلب من جذع الشجر؟ ويل لمن في فمه ماء من ذهب وغيره يتجرع عصير أشواك؟ يسير في درب بلا هدف؟ ويل لمن يحتقر الإنسان؟ وينسى المستقبل، ويبكي على زمن ضائع لايعود؟ آه من آه ألف آه، وكيف ألف كيف، وويل ثم ويل، من صرخة إنسان مقهور؟