قريتي كروشن ، قرية معلقة بين السماء و الأرض ، معلقة بين الرجاء في غد مشرق زاهر و واقع مرير لا يبشر بغد أفضل ، ما أصعب أن يصل بك واقع الحال المرير إلى استجداء الرحمة من جلادك ، فلا الرحمة أنت نائلها و لا الموت أنت بالغه ، حياة قريتي حياة قرد أعرج ، لا هي قرية تتمتع بمواصفات قيام أغلبية قرى المملكة و تملكها لأسباب قيامها من توفرها على الطرق التي تربطها بالكيانات المجاورة ، ومستوصفات لفحص و علاج مرضاها و ملعب رياضي لتهييء خلف صالح، ومدارس لتكوين الأطفال و أزقة مرصوفة جعلت ليرتادها الماشي على اثنين بدل الماشي على أربع ، ولا هي قرية مستقطبة لعشائر قبلية متطاحنة، حتى ولو كانت آسرة التصاهر تجمع بينها . من سوء حظ قرية كروشن أن يطلق عليها جماعة قروية هذا الاسم يحيل على كيانات تتمتع بمواصفات قيام جماعات صالحة لاستقطاب نسور آدمية منتخبة بالطرق التي أعرفها أنا وتعرفها أنت، والتي يخول لها أن تخدش متى شاءت وأن تفترس متى أرادت بدون حسيب ولا رقيب، لست أبالغ فواقع حال قريتي عنوان عريض للنهب الذي طال الميزانيات السابقة لمجالسها المخزية ، ميزانيات أريد لها أن تأخذ المنحى الذي يتيح تسمين الأغراض الشخصية لمرتادي نادي علي بابا و الأربعين حرامي ، مجالس جماعية تعطيك الانطباع و كأنك بصحبة عصابة محصنة بتمثيلية قانونية أريد لها أن تتصرف كذلك . كل هذه الخروقات و الممارسات انعكست على وجه قريتي الشاحب الذي لم تجديه المحاولات الترقيعية و التجميلية التي أتت بها مشاريع التنمية البشرية. فواقع حال قريتي لكي تنميه لا بد من التفكير في فك عزلته وفك العزلة لا يأتي إلا من خلال إصلاح الشرايين المغذية لقلبه النابض ، فلا حياة لتجمع سكاني ما إلا من خلال اعتماد السبل المتيحة لانفتاحه على تجارب تجمعات أخرى ، وليس ذلك بعسير على ذوي النوايا الحسنة ، فالأجر الذي سيجنيه من بناء مسجد هو نفسه أو أكثر مما سيجنى من فك العزلة وضخ دماء الحياة في جسد قريتي المنهك. مشاريع التنمية البشرية التي ستستفيد منها قرية كروشن يجب أن تستهدف إصلاح طريقه المؤدية إلى دائرة القباب و الطريق المؤدية إلى دائرة بومية وبذلك نكون بحق قد ساهمنا في مواساة ساكنة هذه القرية مما أصابها من ويلات ممارسات مجالسها السابقة ونكون بالتالي قد ساهمنا في تسهيل انفتاحها على غد مشرق، غد عنوانه مواطن صالح في خدمة وطن صالح ، جماعتي تنتمي إلى إقليم حنون يوزع الابتسامة و اللقمة المغطية على أبنائه بدون تمييز ولا تفضيل ، متى ستنعم قريتي بذلك سؤال يطرح في انتظار الذي لن يأتي و ربما سيأتي عندما تمتلئ بطون فرقة علي بابا و الأربعين حرامي ، فهل يعقل أن تعف بعد ذلك من أكل ما ليس لها !!! سؤال اتركه للأيام الآتية، عفوا للسنوات القادمة، أو ربما للقرون الآتية.