تستيقظ قرية كروشن بإقليم خنيفرة على وقع رتابة أيامها ، لا شيء يوحي بالجديد ، الكل يُمَني النفس بغد قد تطلع فيه الشمس آتية معها بالجديد لتنصف القرية وأهلها مما لحق بهم من آثار العزلة القسرية ، أماكنها معلومة ومختومة بخاتم مشمع يشهد عليها الكبير والصغير، أماكن محكوم عليها بحالة الفراغ القاتل إلا من بعض الفضوليين الذين يتربصون الذاهب والآتي محاولين اقتناص عثرة منه ليجعلوها حديثهم الخاص يصرف عنهم هَم طول يومهم. الكآبة هنا في قريتي عششت ونامت واستيقظت وارتاحت ولم تُرحْ ، لا شيء يوحي هنا بمظاهر الحياة تآخت مقبرة الأموات مع مقبرة الأحياء ، لا شيء يقطع صمت هذه البلدة إلا صوت تلاميذ المدرسة المجاورة للمقبرة وهم يهتفون بالنشيد الوطني « منبت الأحرار » قريتي قرية جميلة وديعة مسالمة ، قرية تنعم بآداب المصافحة ، إذ يبادرك الكل بتحية السلام عليكم ولكونها كذلك فقد بادر أحد أولادها القدماء بالإنعام عليها من خلال وسائط سامية بمسجد غاية في الإتقان ، مسجد يوحي لك بأنه هدية جادت بها السماء على الأرض "زمردة" بقراميد خضراء وزخاريف جبسية وفسيفساء غاية في الإبداع والإتقان ، مفارقات عجيبة وخداعة، الإنسان في قريتي مشروع إنسان "مُسَلٍمْ" يشكو بلواه إلى الله ، مشروع إنسان محكوم عليه بالعزلة. كل شيء هنا يوحي لك بالموت ، لا شيء هنا يوحي لك بالحياة الكل هنا مُزِجَ وعُجِنَ وكُيٍفَ ليعطي عنوانا لكل عبارات النكسة واللاإعتبار ، فرد برقم بطاقة وطنية تُوهمُ بانتماء وهمي لأرض ما في مجموعة شمسية ما ، رقم وطني لمشروع إنسان مُسَلٍمْ مسالم وديع صالح لاستعملات تخدم أغراض سياسوية لا تخدم مصلحته ولا مصلحة قريته. نموذج لخطأ في مكان ازدياد أبناء القرية في بطاقة التعريف الوطنية " قروشن خنيفرة ". إنسان أريد له أن ينعم بحاسة البصر " لا البصيرة " حاسة ترشده لِتَلَمٌسِ طريق المسجد ليشكو آهاته للواحد الأحد الذي لا يموت ، إنسان يبني رغباته على مبدأ التواكل لا التوكل على الله ، إنسان بُرْمِجَ ليكون رقما في لوائح انتخابية ليس إلا ، في انتظار أن يصبح رقما ضمن سجلات وفيات جماعته أو جماعات أخرى ، وهكذا .... وديع مسالم صالح لرغبات وطنه متناسيا لرغباته وحاجياته في سبيل الوطن و حاجيات الوطن. كلنا فدى الوطن ، جنود لحماية الوطن ، فلتعش يا وطني قرير العين وكل عام وأنت بخير، يا وطن الوديع والمشاكس ، يا و طن المسالم والمخادع .....