مهما حاول الإنسان جاهدًا توخي أقصى درجات الموضوعية في تحليله للظواهر،وعدم السقوط في شَرَكِ الأحكام الجاهزة، والإبتلاء بعدوى التعميم ، و الإرتهان بتيّار السّوْداوية و غيرها من الآفات الكابحة لإِحكام العقل و المنطق. إلا أن لسان حال مدينة خنيفرة ينطق بالعديد من الإشكالات و الأزمات المُتفاقمة، التي تجعلنا نََنْساق بطريقة لاشعورية في تيَّار النّقد اللاذع الذي تُذْكيهِ غَيْرتُنا الصادقة على مدينتنا. لعل الواقع المُزري لمدينة خنيفرة في شتى المجالات ( الإقتصادي، الإجتماعي،الثقافي، الصحي...) والقائمة طويلة طبعًا ، يطرح الكثير من التساؤلات حول حجم الصورة القاتمة ،و تداعياتها المُحتملة على مُستقبل المدينة والأجيال القادمة على حدِّ سواء.إذ لا يُنكر جاحدٌ تدهور الوضع الإقتصادي للساكنة التي تُعاني أصلاً وَيْلاتِ الهشاشة ، بحيث تتعاظم نِسب الفقر في صفوف فئات واسعة من الخنيفريين ،وذلك بسبب إفتقار المدينة لنسيج إقتصادي مُؤهل و قادر على إستيعاب جحافل العاطلين عن العمل، والذين يتزايد عددهم باستمرار. وتبقى هجرة أعداد كبيرة من أبناء المدينة أصدق دليل على صعوبة الأوضاع المعيشية في مدينة " مشلولة " إقتصاديا. تنضاف إلى ذلك كله حالة ' السُّبات الثقافي' الذي نعيشه منذ سنوات خَلَتْ ، إذ تفتقر جل أحياء المدينة لِ" بنية تحتية ثقافية" من قبيل ' دور شباب ، مكتبات عمومية ،مُركبات ثقافية...' والتي تُشكل مُتنفسًّا لشباب المدينة الذي تتربص به مخالب الإنحراف و المُخدِّرات، ونسوق في هذا الصدد حي" أمالو إغريبن" الذي يُعتبر أُنموذجا صارخا ' للأحياء الميتة' . والجدير بالذكر، أن الواقع الصحي بالمدينة لا يخلو هو الآخر من مشاهد بئيسة يعكسها بجلاء تردِّي مستوى خدمات المؤسسات الإستشفائية ، وضعف إمكانياتها البشرية و المادية . ويظل المشفى الإقليمي عنوانا لمسلسل رُعبٍ حقيقي يتَوَجَّسُ منه المواطنون، و لعنة تُطارد كلّ مُرتادٍ لدهاليزه المُرْعبة. وأمام هذا الزخم الكبير من الإشكالات المُعقّدة، يبقى المجلس البلدي كأحد الأطراف المعنية بهذا الوضع السوريالي بعيدًا كل البعد عن النهوض بأوضاع المدينة على جميع الأصعدة ،من خلال بلورة تصوُّرات تَتَغَيَّا تجويد الخدمات المُقدمة للساكنة. من إصلاح للبُنى التحتية ووضع مُخطّطات تنموية تروم تحسين الأوضاع المعيشية ، لتبقى طموحات الخنيفريين بالعيش الكريم حُلْمًا بعيد المنال. بقلم : يوسف عيادي