في سياق مواصلة الانخراط المسؤول في النقاش الدائر حول إصلاح منظومة العدالة، احتضنت مدينة الرباط مؤخراً أشغال ورشةٍ نظمها المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية بتعاون مع منظمة هانس سايدل الألمانية حول موضوع : "مشاريع القوانين التنظيمية للسلطة القضائية"-نسخة 25 ديسمبر 2013- قراءات على ضوء المعايير الدولية والمبادئ الدستورية . وقد افتُتِح هذا اللقاء بكلمة رئيس المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية الدكتور عبد اللطيف الشنتوف الذي أكد على أن الورشة تأتي في إطار أهداف المرصد المتمثلة في الدفاع عن استقلال القضاء، وذلك تزامنا مع ورش النقاش المجتمعي حول مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالإصلاح القضائي في أفق عرضها على البرلمان، داعياً إلى ضرورة تنسيق الجهود بين الجمعيات المدنية والمهنية الفاعلة من أجل إعداد خطة للترافع أمام الجهات المختصة لضمان تنزيل ديمقراطي سليم لدستور 2011 في شكل قوانين ضامنة لاستقلال السلطة القضائية. وقد شهد اللقاء حضور العديد من الفعاليات الحقوقية والمدنية والقضائية، حيث حضر كل من ذ ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب، ذ. جعفر حسون القاضي وعضو المجلس الأعلى للقضاء السابق، ذة. جميلة السيوري عن جمعية عدالة، ممثلة منظمة هانس سايدل الألمانية، د. محمد الهيني عن جمعية عدالة، وممثل تراسبرانسي. وقد شهدت الورشة أيضاً مشاركة أعضاء مكتب القضاة المتمرنين، إيماناً منهم بضرورة الانخراط المبدئي في تطوير النقاش وإغنائه بما يؤسس لرؤية استشرافية تعكس مدى وعي القاضي المتمرن بأهمية المرحلة وانخراطه فيها عبر إسهامه في كل المبادرات التي من شأنها أن تعزز ضمانات استقلال القاضي، إذ تناولت الأستاذة شهيناز جلال نائبة رئيس مكتب القضاة المتمرنين الأعضاء في نادي قضاة المغرب مداخلتها من خلال ثلاث نقط أساسية: النقطة الأولى : تتعلق بترقية القضاة و عدم شمل القضاة المتمرنين الحاليين بنظام الترقية الجديدة طبقا لمقتضيات المادة 122 من مسودة مشروع النظام الأساسي للقضاة و الذي يعتبر حيفاً في حقهم الذي يتمثل في عدم استفادتهم في الترقية الخماسية و بقائهم خاضعين لنظام ترقية ثمان سنوات بعد إقرار القانون و دخوله حيز التنفيذ. النقطة الثانية : إشكالية التنقيط و إلزامية تحديد معايير موضوعية وواضحة للتنقيط من طرف المسؤول القضائي و ضرورة الإطلاع عليه و إعطاء الأجل الكافي للطعن فيها لمتمثله هذه النشرات من أوراق حاسمة في تحديد المسار المهني للقضاة. النقطة الثالثة : إشكالية الانتداب و ما تشكله من مساس خطير لاستقلال السلطة القضائية و خاصة إذا أسيء استعماله من طرف المسؤولين فهو يضرب صميم روح 108 و 109 من دستور 2011. فيما تطرق الأستاذ بلال بوكرينة منسق لجنة الشؤون الثقافية والاجتماعية بالمكتب إلى بعض حقوق القضاة المنصوص عليها في قوانين الدول العربية والتي لم يتم التنصيص عليها في مسودة مشروع النظام الأساسي وقد حددها كما يلي: الحق في الاستقرار والحصانة من النقل: تنص المادة 26 من قانون رجال القضاء الجزائري على أنه: "لا يمكن نقل القاضي أو تغيير منصبه بعد قضائه عشر سنوات في العمل إلا بناء على رغبته أو موافقته، نفس المقتضى نص عليه الفصل 20 من القانون الأساسي للقضاء التونسي بعد قضاء القاضي مدة خمس سنوات في الخدمة، وكذا المادة 23 من قانون السلطة القضائية المصري التي نصت على أنه: "لا يجوز نقل القضاة إلا بناء على رضاهم." المقترح: التنصيص في القانون التنظيمي لرجال القضاء المغربي على أنه لا يجب نقل القضاة من مكان إلى مكان أو من منصب إلى آخر إلا بناء على رغبته أو موافقته، وذلك بعد قضائه مدة في العمل ست أو ثمان سنوات. الحق في السكن الوظيفي: ينص الفصل 20 من قانون رجال القضاء الجزائري على أنه: "تلزم الدولة بتوفير سكن وظيفي للقاضي، يكون ملائما لمهامه وغير قابل للتنازل عنه، أو تدفع له الإيجار". المقترح: تمكين القضاة من السكن الوظيفي خاصة الجدد منهم. الحق في عدم توقيف مرتب القاضي في حالة توقيفه لسبب ما: تنص المادة 97 من قانون السلطة القضائية المصري على أنه: "في حالة حبس القاضي بناء على حكم فإنه يترتب عن ذلك توقيف القاضي عن عمله، ولا يترتب عن الوقف حرمان القاضي من مرتبه، ونصت على نفس المقتضى المادة 38 من قانون السلطة القضائية البحريني، وكذلك المادة 118 من قانون السلطة القضائية اليمني". المقترح: التنصيص على هذا الحق في القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. الحق في معاش التقاعد في حالة العزل: تنص المادة 115 من قانون السلطة القضائية اليمني على حق القاضي في معاش التقاعد في حالة عزله، ونفس المقتضى نصت عليه المادة 42 من قانون السلطة القضائية البحريني. المقترح : ضرورة التنصيص على هذا الحق في القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. واستأنف الأستاذ بلال عرض مقترحاته من خلال مداخلة ثانية تحدث فيها عن مقتضيات المادة 30 من مسودة مشروع القانون التنظيمي لرجال القضاء التي تنص على أنه: "يعين القضاة المتمرنين نواباً للملك ولا يمكن تعيينهم قضاة للحكم إلا بعد قضائهم سنتين في النيابة العامة على الأقل" معتبراً أن هذه المادة تعتبر تراجعاً عن مكتسب كان منصوص عليه في النظام الأساسي للقضاء لسنة 1974، فضلا عن كونها تميز بين قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم، بل وتقلل من قيمة قضاة النيابة العامة، مقترحاً تعديلها بالتنصيص على اعتماد رغبات وميولات القضاة المتمرنين في التعيين، كما اقترح إلغاء المادة 123 لكونها مادة مجحفة وغير دستورية. الورشة التي استمرت على مدى يومين عرفت مشاركة مستشارين وقضاة وممثلين عن عدد من جمعيات المجتمع المدني وجمعيات مهنية ومدنية للقضاة بالإضافة إلى محامين وباحثين جامعيين حيث شخص المشاركون عددا من العيوب الواردة في مسودتي مشاريع القوانين التنظيمية داعين إلى تنسيق الجهود بين جميع المتدخلين لحماية المكتسبات التي كرسها دستور 2011 في شق السلطة القضائيين رافضين أي التفاف عليها أو تقزيم حقوق القضاة والمتقاضين في عدالة قوية ونزيهة ومستقلة عن سلطة المال والسياسة داعين إلى إسقاط فصول اعتبروها مفاتيح للتحكم في القضاء وإضافة فصول أخرى لتقوية حقوق القضاة باعتبار أن صفتهم القضائية لا تجردهم من حقوقهم كمواطنين من قبيل الحق في المحاكمة العادلة. مكتب القضاة المتمرنين الأعضاء في نادي قضاة المغرب –الرباط