كان مركز القباب إلى عهد قريب مضربا للمثل على الصعيد الإقليمي، من حيث كونه بلدة جبلية جميلة ونظيفة ببنية تحتية ومؤسسات لا بأس بها. إلا أنه خلال السنين الأخيرة عرفت مؤشرات التنمية المحلية به تراجعا كبيرا. ولعل المتفحص لهذا التأخر سيخلص سريعا إلى أسباب كثيرة، أهمها أن النسيج الجمعوي بالقباب مقصر إلى حد كبير في القيام بالدور التنموي الذي تتبناه جل جمعياته وتسطره كأولوية في قمة أهدافها. يضم مركز القباب أزيد من سبعين جمعية من بينها أكثر من عشر جمعيات تنموية هي التي يمكن أن يقال عنها جمعيات نشيطة تحصل على منح سنوية من المجلس الجماعي والجهوي أحيانا إلا أن هذه المنح، بغض النظر عن تفاوتها من جمعية إلى أخرى والمعايير التي توزع بحسبها، تظل هزيلة جدا ولا تكفي الجمعيات حتى في سد حاجياتها اللوجستيكية الضرورية، فكيف لها ان تبرمج بها مشاريع تنموية تفيد المنطقة؟ هذا من جهة، من جهة أخرى فقد حادت بعض الجمعيات عن هدفها التنموي المحايد الذي من المفترض أن يخلو من أي انتماء حزبي أو نقابي، فأضحت تشكل أذرعا دعائية لجهات سياسية معينة بعضها عن طواعية، والبعض الآخر مضطر لذلك لتضمن إمدادها بالمنح. هذا النسيج الجمعوي الذي يمكن أن يوصف باللامتجانس بسبب عدم اتفاق مكوناته واتحادها، يعاني من كونه نسيجا غير مؤطر ويفتقر إلى كفاءات حقيقية بإمكانها أن تحكم تسيير الجمعية وأن ترسم لها مسارا واضحا وتسطر أهدافا معقولة، بحيث أن أغلب هذه الجمعيات يغلب عليها في نمط اشتغالها طابع العشوائية سواء في تسيير شؤونها الداخلية أو حتى في إنجاز مشاريعها التي لا ترقى في الغالب إلى تطلعات ساكنة القباب التي بدورها أنهكها انتظار تفعيل مشاريع حقيقية من شأنها انتشال المنطقة من مستنقع الهشاشة والتهميش الذي غاصت فيه. أخيرا تجب الإشارة إلى أن سبب هذا الضعف في الموارد وآليات العمل الذي يطال مكونات المجتمع المدني بالقباب، مرده إلى الفقر في برامج التكوين التي تقوم بها الجهات الوصية لتقوية قدرات الجمعيات.