تعد المدرسة إحدى المؤسسات الاجتماعية التي تلعب دورا فعالا في تنشئة المجتمعات والأفراد، والمساهمة في تطوراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... خصوصا في عصرنا هذا، حين أصبح الحديث عن الرأسمال الرمزي، بشكل قوي وملفت للانتباه، وذلك تماشيا مع التوجه العالمي السائر نحو ترسيخ ثقافة المعرفة وإرثها، لكن هذه المؤسسات تختلف من مجال إلى آخر، بفعل مجموعة من الضغوطات و"المقدسات"، تهدف إلى تكوين "مواطن"حسب مقاسها الخاص وتوجهاتها السياسوية، خصوصا المخزني منها؛ إذ سيخلص المتأمل في مقررات ومناهج كل المستويات الدراسية، أن مدرستنا المغربية تحاول تمرير مجموعة من "خطب" الحكام، وتصوراتهم للواقع، و"لاهوتهم" عن طريق دمج الصرح الديني والقداسي في كل المقررات، بطريقة كنائسية، تهدف حجب الواقع، وإلانشداد عنه، بحيث يتم تغليف الكثير من القضايا الحارقة في التاريخ، بعباءة من الدين، لعلها تكون سدا مانعا أمام إعمال العقل والنقد، قأضحت مدارسنا المغربية بمناهجها التقليدية، أداة لتكوين "المؤمنين" بالمفهوم العام للمؤمن-، أولئك الخانعين و"الآمنين" بالقدر، حتى وان كان هذا "القدر" هضما للحقوق والالتفاف على المطالب. لقد صدق أستاذنا عصيد، في ندوة حول الديمقراطية وحرية التعبير، حين قال: إن المدرسة المغربية تخرج أفواجا من "المؤمنين" بدل المواطنين، إذ أنها تربط مفهوم "المواطنة" بالعقيدة وبوحدانية الله، في حين أن جوهر هذا المفهوم هو الالتزام بالواجبات وممارسة الحقوق، بغض النظر عن عقيدتهم وانتمائهم الديني، بحيث أصبح مدخل التربية على المواطنة وحقوق الانسان، في جميع المواد، صرحا ينهل من الخطاب الديني وتشكلاته التفسيرية والاجتهادية، والأكثر من ذلك "ارتد" المدرس عن تخصصه وأدواره الطلائعية، وبات مدرسا "لاهوتيا" يستحضر المقدس في كل خطاباته، ينافس من خلالها مدرس التربية الدينية، ويبارك السياسات التخديرية والمغرضة. بقلم: محمد ابرهموش.