في إطار المحاولات المتواضعة للنبش في تاريخ الأغلبية الصامتة بإقليم خنيفرة نتوقف في بضعة أسطر عند مدشر صغير يمكن تصنيفه ضمن التجمعات القروية الصغيرة التي شيدت حول " الأضرحة"، واستمدت منها قوتها (وشرعية) تواجدها وهو مدشر "لمباركيين" بمنطقة "تستاوت" . يقع مدشر "لمباركيين" أو قرية "محمد بن مبارك" بالمنطقة المعروفة ب " تستاوت" داخل النفوذ الجغرافي لجماعة حد بوحسوسن بإقليم خنيفرة على بعد حوالي 7 كلم جنوب غرب مركز الجماعة ، على تل صغير تطل عليه قلعة حجرية ضخمة . ينتسب " المباركيون " إلى وليهم محمد بن مبارك الزعري التساوتي الذي ولد وفق مايستشف من اجتهادات تلميذه الثائر ابن أبي محلي في كتابه " الإصليت في قطع بلعوم العفريت" سنة 1530 ، وقضى بدايات حياته سائحا في طلب العلم ، شارك في معركة وادي المخازن الشهيرة سنة 1587م في إطار الجهاد الصوفي ضد العدو البرتغالي الكافر، وتوفي سنة 1599م بوباء الطاعون الذي عم البلاد خلال المرحلة وأودي بحياة السلطان أحمد المنصور نفسه بعد أربع سنوات . ترجع نواة المدشر بالرجوع إلى رواية صاحب "رسالة المراحل في مناقب أبي يعزى الراجل" إلى المسجد الذي بناه التستاوتي للصلاة وتلقين العلم بالمنطقة ، ليبدأ استقرار بعض العامة في مساكن جوار المسجد إلى جانب طلبته ك : أبو عبيد الله محمد الشرقي البجعدي ،و ابن أبي محلي ، وعبد الله أمغار وغيرهم. بعد وفاته شيد السلطان أحمد المنصور السعدي القبة الحالية على ضريحه ، ثم خضع ضريحه لترميم أول خلال عهد الحسن الأول الذي وصل إلى المنطقة في إطار سياسته التفقدية ، وأمر بتجديده من خلال الاستعانة بصناع مكناس ، وأضاف إليه مسجدا صغيرا . تم ترميم ثان سنة 1918م من طرف سكان المنطقة بمساعدة مالية من صندوق أبي يعزى ، فظل على ما هو عليه حتى نهاية ثمانينات القرن 20 م حيت شيدت له صومعة شامخة خصص بعدها المسجد الأول للصلوات الخمس و الجمع ، والصعير لتحفيظ القرآن وأصول الدين . إلا أن اللافت في الأمر هو تزايد عدد سكان المنطقة بشكل كبير خلال فترة الحماية في إطار مسألة "الاستحرام " بالأضرحة خوفا من بطش المستعمر . أما اليوم فقد أصبح المدشر شبه خاو على عروشه بسبب وفاة معظم أعيان ومشايخ المنطقة من جهة ، الهجرة القروية لشبان المنطقة بسبب التهميش الكبير الذي يطال المنطقة ويجعلها مجرد خزان انتخابي يستغل المرشحون رمزيته الدينية ويدعون (((شرف النسب))) إلى جانب العصبية القبلية لتحقيق مصالحهم الخاصة . مصدر الصور : https://www.facebook.com/bladidahaoui?fref=ts