باعتباري منخرط في حقل النضال الأمازيغي العريض، ومقتنع بضرورة نبذ كل تفرقة وعنصرية قد يتعرض لها المجتمع عامة، والمغربي خاصة، أقول أن ما نشهده اليوم من حراك نضالي أمازيغي رافض لمصطلح "المغرب العربي" الذي يطلق على شمال إفريقيا، لا يجب أن ينقلب إلى تفرقة وعنصرية مضادتين، بمعنى أن النضال يجب أن يوجه في مسار "إماطة الأذى عن الطريق" لا العكس. إنه لمن كبير العار أن يسعى "المهاجرون/العرب" إلى طمس وتهميش ثقافة "الأنصار /الأمازيغ" باعتبارهم ضالين، وباعتبار "المهاجرين" حاملين لرسالة شريفة كفيلة بتنوير الشعوب. كما أنه من المشين جدا أن تعي الشعوب المقهورة ما تعيشه، وتقرر النضال من أجل استرداد ما ضاع منها، وبعد أن تواجه ما تواجهه من عراقيل طبيعية، تحول مسار نضالها لتكريس عنصرية أخرى، ستستوجب نضالا آخر في مستقبل غير بعيد. ما أريد قوله هنا هو أننا يجب أن نناضل من أجل تحقيق العدالة التي يفتقر إليها الواقع، لا من أجل قلب الموازين، لا لصالح أحد بل سنكون يومها ضد البشرية. كل مطلع على المواقع الإجتماعية والجرائد الإليكترونية، يتبادر إلى ذهنه أن حقل النضال الأمازيغي الحداثي والإنفتاحي، يتجه في منحى عنصري وعرقي محض، بل وقد تصل به الأمور إلى الإعتقاد أن كل المنخرطين في هذا الحراك ينبذون المعتقدات الدينية ويتبنون الفكر اللاديني كوسيلة نضالية تتيح فرصة التحرر من القيود "الربانية"، وتضمن لهم نوعا من الحرية ما قبل الحرية. وهنا يجب على المتتبع أن يمتلك آليات التفريق بين الآراء والممارسات الفردية/الشخصية، وبين مبادئ ومواقف الحركة الأمازيغية –طبعا داخل وخارج أسوار الجامعة- التي لا تبني نضالها ومواقفها على إثنيات ولا عرقيات، بل تبنى على المواقف داخل الحركة على مبادئ كونية وشمولية، وطبعا هي تسعى لإخراج الشعب الأمازيغي (الإنسان والثقافة)، من غياهب التهميش الممنهج في حقه، لكن هذا لا يجعل منها حركة تريد ثمرة لنضالها أن يطغى عرق على آخر، أو تؤيد دين على حساب دين آخر. يجب الإشارة هنا إلى أن المناضل الحق، ينتصر للإنسانية، وتقول مواقفه العدالة ونبذ العنصرية والإقصاء، وتنطلق ممارساته من الواقع لتعود إليه، قصد تغيير ما يمكن تغييره وتكييفه مع العصر ومع ذهنية الشعب، وهذا ما لا يفهمه بعض الذين يعتقدون أن لا طائل من وراء نضالنا سوى التفرقة، وأننا نسعى لإنشاء دولة العرق النقي كما كان هتلر يريد لدولته، ويكون المبرر والبرهان الذي يحسمون به في النقاش، ويقنعون به أنفسهم " كلنا مسلمين"، طبعا لا حق لي في التكلم باسم الآخرين لأقول نعم أو لا، ولكن الحقيقة أن الدين كيفما كان لا يمكن أن يكسب صاحبه هوية، بل على العكس فالدين انتماء إثني لا أقل ولا أكثر، بدليل أن هويات مختلفة وعديدة تشترك نفس الدين ولكنها تعرف أن الدين ليس هويتها بل هو منهج حياة يتم تبنيه، في حين أن الهوية لا يد لأحد في اختيارها. في الأخير، أدعو كل الفاعلين في الحركة الأمازيغية، إلى التريث في معرض نقاشاتهم كي لا تصدر عنهم ممارسات قد تنسب للإطار الشريف بشرف مساعيه الديمقراطية، والحداثية، وأهم من هذا الشمولية والكونية، التي لا يعنيها سوى تحقيق العدالة.