وجدة في 15 مارس 2013 لقد كثرت الهجمات والاستهدافات من طرف المتأسلمين المغاربة ضد الحركة الأمازيغية، حيث يتم ترويج اتهمامات ضدها لا تمت للممارسة السياسية بأية صلة لأنها تفتقر إلى الدليل والحجة والبرهان و لا أساس لها من الصحة في واقع الأمر، من قبيل عداء الحركة الأمازيغية للاسلام واللغة العربية بالخصوص، فبعد التصريح اللامسؤول للريسوني، ها هو المسمى فؤاد بوعلي يعود بمقال منشور في جريدة الأخبار يوم الخميس 13 مارس 2013 تحت عدد99، بعنوان ”الأمازيغية والحركة الاسلامية”، حيث اختلطت عليه المفاهيم والأوراق أو ربما جهله بالإطارات المناضلة من أجل القضية الأمازيغية، فعوض التحدث حول الحركة الأمازيغية، تعمد ربما استعمال مفهوم الحركة الثقافية الأمازيغية، التنظيم العامل من داخل منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بأنها ” تراهن على إدخال الحركة الاسلامية في مواجهة محتدمة مع الأمازيغية من خلال استغلال الاراء والمواقف المحتدمة وتوجيهها نحو مصار تصادمي”، ناسيا أو متاجهلا أو جاهلا بأن هذا التظيم الرديكالي في مواقفه قد حسم في مسألة الدين الاسلامي منذ بزوغه وظهوره بالجامعة المغربية باعتبار أن الاسلام دين لجميع المغاربة وليس من حق أي طرف أو جهة معينة استغلال هذا الدين الأسمى في جوهره ومضمونه من أجل أغراض سياسوية ضيقة الأفق والبعد. ف: إذا كانوا هؤلاء يقصدون الحركة الأمازيغية، فأظنهم يروجون ويهللون لإشاعات ومفاهيم دون أدنى حجة أو ثابتة، و لا تمت لأية صلة لأدبيات الحركة الأمازيغية أو إيمازيغن بصفة شمولية (دون الأخذ بعين الاعتبار أمازيغ السربيس)، كالسعي جاهدا من أجل طرد العرب من شمال إفريقيا، التعامل مع العرب بالاحتقار والاذلال والعنصرية والإقصاء، استئصال العربية من خصوصيات الشعب المغربي…الخ من المفاهيم المروجة، كأن الشعب المغربي والشمال إفريقي عامة يعيش هجرات سنوية أو فصلية من شبه الجزيرة العربية نحو هذه الرقعة الجغرافية التي يشهد تاريخها وأناسها على هويتها الحقيقية ومنظومتها الثقافية علىكرم عيشهم وحسن سلوكهم ومعاملاتهم سواء مع المحيط الإقليمي أو الخارجي، كما أنهم ينكرون التعريب الذي طالها ومازال يطالها باسم الدين الاسلامي تحت شعار تعريب الحياة العامة، بالإظافة إلى أنهم كانوا يفكرون في زمن ليس بالبعيد لإخراج قانون اللهجات من اجل إفراغ الأمازيغية من صبيبها الهوياتي الحقيقي، والدليل ما سرحوا به في البرلمان مؤخرا حول عدمية كتابة الأمازيغية بحرفها الأصلي تيفيناغ والسعي إلى كتابتها بالحرف الآرمي (العربي). الهجمات والاتهامات المتكرر ضد الحركة الأمازيغية تعتبر بمثابة خطط مفبركة من طرف مهندسي السياسة بالمغرب والمنظوين تحت لواء النظام المخزني المغربي بتواطؤ دائم مع أذياله التي تعتبر بمثابة دمى وأبواق مكترية بهدف التهجم على على مناضلي القضية الأمازيغية، ومن أجل عرقلة وشرذمة نضالتهم الآنية والمستقبلية، كما أن هذه الفرملة غدت لتأخذ منحى أمازيغي وهمي عن طريق تنظيم أو إيهام الشعب المغربي بخطوات أمازيغية في ظاهرها، لكنها في جوهرها تتنافى والاستراتيجيات العملية والتظيمية التي تخوضها الحركة الأمازيغية، بالإظافة إلى الاستدارج اليومي الافتراضي للمناضلين على مواقع التواصل الاجتماعي، بانتحال شخصيات أمازيغية بأسماء أمازيغية مستعارة، من أجل التجسس عليهم وخوض نقاشات عميقة تعبر عن تدني المستوى الفكري والعلمي لدى هؤلاء المنتحلين للشخصيات، وحتى يتسنى لها إيهام الرأي العام والدولي صراع أمازيغي-أمازيغي، محاولين من خلاله تطبيقه وتجسيده على أرض الواقع، ناسين أو جاهلين بأن إيمازيغن لم ولن يكونوا يوما عدائيين مع بعضهم البعض أو مع الغير، لأنهم كانوا دائما متعاونين فيما بينهم (نظام ثاويزا الفلاحي والاقتصادي نموذجا)، ويساندون ويدعمون دائما الشعوب المضطهدة والتواقة إلى الانعتاق والتحرر من كل القيود الاطلاقية والظلامية، الذين سلبت حريتهم واغتصبت في أرضهم باسم نشر الدعوة الاسلامية، تطبيق هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستغلالهم لضعف المستوى الاقتصادي، الاجتماعي والفكري لهاته الشعوب للعب على أوتار اللاشعور، الفقر والعاطفة. تاريخ إيمازيغن شاهدعلى نضالهم السلمي، من أجل انتزاع حقوقهم المغتصبة قسرا وقهرا، شاهد أيضا على تآخيهم وتعاونهم وتآزرهم مع مختلف مكونات الشعب المغربي (العرب الأقحاح، اليهود…)، لأن الشعوب الأمازيغية على مر العصور عرفت بتعايشها وتلاقحها وانفتاحها على مختلف الشعوب الأخرى، وساهم هذه الاختلاف والانفتاح في ازدهار حضارتهم والحضارات التي عايشتهم، دون أدنى تمييز ديني أو عرق أو هوياتي أو سياسي، وينددون دائما بالسياسات الفاشلة الرامية إلى إقبار الشعوب وتفقيرها وتهميشها في كل بقاع العالم الثالث، من أجل العيش في مجتمع متعدد، مسالم ومتسامح، مجتمع ديمقراطي يؤمن بالآخر ويعطي المجال لكل فرد من أجل العيش بحرية وكرامة. لبنات فكر وتصور الحركة الأمازيغية مبني على احترام انسانية الانسان والذات البشرية العاقلة والمفكرة حسب تعبير الفيلسوف العقلاني الفرنسي روني ديكارت، و لا يأخذ بعين الاعتبار الانتماء العرقي والديني، لأن هذا الأخير نابع من الفكر الأحادي والوحدوي، كما أن فكرها مبني على تجذير أسس التحليل النسبي للأمور والعلمي والعقلاني، وتكريس حرية التعبير والرأي، وإبداء الرضى أو السخط على وضع معين دون قيد أو شرط في حدود طبعا المنظومة الأخلاقية المعروفة لدى إيمازيغن، كما تلح على مبدأ العمل بتطبيق وتنفيذ مقتضيات القانون الدولي والعمل به، والالتزام بالمعهدات الدولية والمواثيق العامة لحقوق الانسان وحرياته. لقد صدق عالم المستقبيات المغري المهدي المنجرة عندما قال في حوار أجراه معه الصحفي عبد النبي اد سالم من جريدة العالم الأمازيغي: ”هذه بلاد التناقضات، فالثلاث الأولين المبرزين في اللغة العربية في هذه البلاد أمازيغيون، منهم لخضر غزال ومحمد شفيق…، أقول لك لولا الأمازيغين لماتت اللغة العربية… فمحاربة الأمية يجب أن تكون بالأمازيغية وليس العربية فقط، لأن الأمية شيء عام”، ويسترسل قائلا: ”ستأتي فترة حساسة جدا ستكون الأمازيغية أمازيغية، ستكون هناك خلافات بين الفروع، بين من يقول أنا مع تشلحيت، واخر مع تاريفيت، نعم ولكن ما الذي يجمعني بتاريفيت؟ هنا يجب على الانسان ألا يكرس التفرقة وأن يطرح ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا”. من هنا يتضح حسب شهادة المهدي المنجرة أن الشعب الأمازيغي لا يكن اية ضغينة ضد اللغات الأخرى وخاصة العربية، بل ساهموا في تنميتها وتقدمها وحمايتها، حتى لا يعتقد من يروجوا الإشعات أن اللغة العربية مستهدفة ممن طورها ونماها، حيث يقول محمد شفيق: ”أريد أن تهب رياح ثقافات كل العالم على باب بيتي، لكن لا أريدها أن تذهب بثقافتي”، وعلى العكس ستكون أكثر محمية وأكثر أمانة، لأن هناك من الحركات الاسلامية من بدأ ومن سيبدأ في تسييس اللغة العربية كما سيسوا الدين الإسلامي. مسلسل استهداف الأمازيغية بالمغرب ليس بالجديد، بل هو كائن منذ توالي وتعاقب مكرسي التعريب والقومية العربية، رغم أن العمق التاريخي والحضاري الأمازيغي لهذا البلد يعتبر بمثابة حاضن للثقافات الأخرى والعربية بالخصوص، والتثقاقف فيما بينهم في إطار سيرورة تاريخية واجتماعية، فاللغة العربية لن تحمى باستهداف الأمازيغية، وحماية الإسلام لن يكون بإقصاء الآخر وحرمانه من حرية العقيدة، حماية القرآن لن يكون بالتهجم اللامسؤول عن الثقافات الأخرى والضرب في عدالتها وشرعيتها، بحماية الاسلام والعربية يتأتون بالتربية الحميدة الممنية على أسس كونية قحة تحترم كل الأديان وكل الأعراق، مصداقا لقوله عز وجل: يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وانثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعرافوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. (سورة الحجرات الآية 13 ). من جانب آخر، إذا كانت العربية لغة الرسول الكريم والصحابة والمبشرين بالجنة، فهي قبل ذلك لغة أبو جهل وأبو لهب، أي أنها لغة أهل النار وجهنم (رغم إيماني بأن الجنة وجهنم أمور إلاهية هو الحاكم والفاصل فيها)، فكيف تنظرون إلى لغة من اعتبروا الرسول مشعوذا، ساحر ومجنونا؟، من أرشقوه بالحجارة حتى دمعت عيناع ودمت قدماه وكل سائر جسمه؟، من وئد البنات أحياء؟، من حرموا الفتيات من الحياة التي وهبها لهن الله عز وجل؟. في الأخير، لا يسعني القول إلا أن هذه الهجمات اللاعقلانية ضد إيمازيغن لن تزيد لهم إلا قوة وصمود وعطاءا في سبيل تحرر الشعب ونموه وتثقيف المجتمع ونشر الوعي السياسي، وحافز من أجل الرقي بعجلة ترسيخ قيم الاختلاف والتعدد داخل مجتمعاتنا، كما يقول الفيسلوف الهندي المهاتما غاندي: ”إن زمن الشجاعة الجسمانة قد ولى، وجاء زمن الشجاعة الفكرية”، ويمكنني وصف هذه الترهات والتفاهات المنافية لآداب الممارسة الفكرية والسياسية وقوة الحجة، بأنها مجموعة من العقد الدفينة في نفوس أنصار ومريدي التيار الاسلاموي، عقدد تتشخصن في الاستعلاء والتطلع للستحواذ على المغرب وشعبه وثرواته الطبيعية، البحرية، والمنجمية…عن طريق الترهيب الديني واللعب على أوتار العواطف الجياشة التي ستقود البلاد إلى مصير لن يحمد عقباه.