ناقش مشاركون في منتدى العدالة الدولية الثالث بمدينة برشلونة الاسبانية، على مدى أربعة أيام، "موضوع الاتجار بالبشر وسيادة القانون". المنتدى الذي انطلقت فعالياته الاثنين 20 يونيو ،2011 بقصر المؤتمرات، عرف حضور أكثر من 450 شخصية قيادية من مختلف دول العالم. وتطرق المشاركون لتداعيات موضوع الاتجار بالبشر على مسيرة حقوق الإنسان في العالم وانتهاك سيادة القانون الوطني والدولي على السّواء في العديد من دول العالم بسبب تفاقم الظاهرة، معتبرين أنّ الاتجار بالبشر من أكثر الجرائم الدولية التي تشهد انتهاكا لحقوق الإنسان في حين أنّها تحتل المرتبة الثالثة عالميا أيضا من حيث عائداتها الربحية بعد الاتجار بالمخدرات والأسلحة. وشدد المؤتمرون على أن ما يثير الرعب في نفوس العاملين في الشأن العام لمكافحة هذه الظاهرة هو انتقالها من الشكل التقليدي القديم أيّ "العبودية والرّق" إلى الشكل الجديد "المقنّع" أي استغلال الأطفال النساء عبر فرص عمل "كاذبة" و"أهداف غير واضحة" لينتهي بهم الأمر في أعمال الدعارة والاستغلال الجنسي واللأخلاقي. واستشهد المشاركون بنموذج وضع النساء والأطفال منذ العام 1975 في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر. وتدخلت في الجلسة العامة رويدا مروّة، مديرة "المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات"، معلّقة على حصر أسباب ظاهرة الاتجار بالبشر بأسباب غير كافية كقوانين العمل وآليات سيادة القانون معتبرة أن نموذج دول شمال إفريقيا، حيث ميدان عمل المركز الذي تشرف عليه، يثبت أن وجود نزاعات دولية وداخلية من ابرز أسباب استغلال النساء والأطفال وقد استشهدت بنموذج وضع النساء والأطفال منذ العام 1975 في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر. وفي هذا الصدد أبرزت رويدا مروّة، مديرة "المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات"، أن الفيلم الوثائقي الجديد الذي قام بإنتاجه وتصويره المركز يناقش بالبراهين والأدّلة وشهادات العائدين من مخيمات تندوف، من رجال ونساء، وضعية الاتجار بالبشر في هذه المخيمات من قبل ميليشيات البوليساريو منذ أكثر من 36 عاما. وذكرت مروّة أن ظاهرة أخذ الأطفال بحجة الدراسة إلى كوبا (وهو ما يناقشه الفيلم بصورة خاصة) منذ بدء النزاع على الصحراء خير شاهد على ذلك، حيث تمّ ترحيل هؤلاء بحجة إكمال دراستهم في كوبا لينتهي بهم الأمر يعملون في الليل في أعمال شاقة لا تناسب عمرهم وأوضاعهم الصحية والنفسية إضافة إلى تعريضهم لعمليات "غسيل مخ" إيديولوجيا ومنعهم من رؤية ذويهم داخل المخيمات. إلى ذلك أضافت مرّوه في مداخلتها أن استغلال النساء داخل المخيمات يتّم بطريقة "لا تخطر على بال أحد" وهي إجبار النساء لا سيّما الأرامل منهم على الزواج بأي رجل تختاره قيادة البوليساريو وذلك فقط بهدف زيادة نسبة الإنجاب داخل المخيمات وربط النساء "معنويا" بالمخيمات والحدّ من هروبهم من المخيمات والعودة إلى الوطن "المغرب". وكانت مرّوة قد خصت موقع "ميديل ايست اونلاين" بتصريح حديث ذكرت فيه أن الفيلم الوثائقي الجديد والذي يحمل عنوان "المخلوع" The Terrifiedوالذي يتناول قصص وشهادات حيّة لعائدين من نساء ورجال من المخيمات يروي معاناة النساء والأطفال ومساجين الرأي في مخيمات البوليساريو في تندوف وقد تمّ تصويره داخل مدينة العيون في الأقاليم الصحراوية الجنوبية المغربية بالاستعانة بأرشيف ضخم حول قضية الصحراء لاسيّما تصريحات مسجّلة سابقا لشخصيات سياسية عربية لها علاقة بالنزاع أبرزها العقيد معمر القذافي. وذكرت مروّه أن العرض الأول للفيلم سيكون من داخل المغرب يليه عرض آخر في العاصمة اللبنانية بيروت إضافة إلى عروض أخرى في دول عربية و أوروبية قريبا للتعريف بانتهاكات حقوق النساء والأطفال داخل المخيمات. كما أهدت مرّوه الفيلم إلى كل امرأة وطفل محتجز داخل المخيمات والذين يعانون منذ 36 عاما وسط آذان "غير صاغية" بل "متجاهلة" عربيا وإفريقيا ودوليا لأوضاع المحتجزين في مخيمات تندوف، مشيرة إلى أن أنّ قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الموجود جبريا في نواكشوط حاليا تجعل هذا النوع من الأعمال الوثائقية والتصويرية الأقدر على إيصال رسالة كلمة الحق والحرية إلى العالم حول قضية الصحراء ومعاناة الصحراويين في مخيمات تندوف بسبب تصلّب جبهة البوليساريو حول مطلب "الانفصال" ورفض مقترح الحكم الذاتي. يذكر أن منتدى العدالة الدولية تمّ تنظيمه في المرة الأولى في العاصمة النمساوية فيينا وبعدها في جامعة الأخوين في مدينة افران المغربية ليحلّ في سنته الثالثة بمدينة برشلونة الاسبانية.