يبدو أن رسالة الأصوات الغاضبة، التي بحت وهي تنادي بمناسبة وبدونها بضرورة محاسبة المفسدين والمتلاعبين بالأموال والممتلكات العمومية، قد وصلت وتم التقاط معانيها الظاهرة والمضمرة ، من طرف القيمين على تدبير أمور البلاد والعباد. فالأخبار التي تردد صداها مستهل الأسبوع الذي نودعه، بأكثر من مكان وتناقلت تفاصيلها مختلف الصحف الوطنية، هي مطمئنة ولو بتحفظ، على أكثر من مستوى. فالخبر اليقين جاء من الرباط وليس الدارالبيضاء، كما كان مرتقبا، وهو يفيد بما لا يدع مجالا للشك أن خالد عليوة، الرئيس الأسبق للقرض العقاري والسياحي والقيادي التاريخي في الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بفرنسا والزعيم الإشتراكي والوزير الأسبق في قطاع الشغل والتكوين المهني. ...إلى غير ذلك من الألقاب التي كان يحب أن ينادى بها من طرف العاملين معه وكذا الذين يشتركون معه "قناعاته"، مطلوب للإدلاء بإفاداته أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالرباط بعد إحالة الملف عليها من طرف وزارة العدل. وأسباب النزول هي الاختلالات المسجلة على عهده في تسيير القرض العقاري والسياحي والمتمثلة أساسا وليس حصرا في " النفقات غير المبررة المخصصة لبعض الوحدات الفندقية التابعة للقرض العقاري والسياحي إضافة ّإلى بعض المبالغ التي صرفت في إعادة تهيئة بعض الفنادق وما أسماه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، منح امتيازات غير قانونية لخالد عليوة ولأفراد من أسرته وعدد من المسؤولين بالبنك". هذه الاتهامات التي ينبغي عليه تقديم الأدلة الدامغة لإبعاد التهمة عنه ، إن توفرت لديه، كنا في "مغرب اليوم" قد أثرناها في أكثر من عدد وبالتفصيل، إلى أن جاء تقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير ليقطع الشك باليقين ولتتحرك مسطرة المساءلة التي تردد صداها في مسيرات 20 فبراير. ملف خالد عليوة ليس هو الأول الذي خضع لمسطرة المتابعة ولن يكون حتما الأخير، فقد سبقه ملف أخر لا يقل عنه قيمة وهو معروض حاليا أمام أنظار الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعدما أسال الكثير من المداد ولازال، وهو ملف عبد الحنين بنعلو، وأحمد أمين برق الليل ذراعه اليمنى سابقا في مكتب المطارات، اللذان يخضعان حاليا للتحقيق. وكان بنعلو مديرا لمكتب المطارات، فيما كان برق الليل يشغل مديرا للموارد البشرية في نفس المكتب، قبل أن يقال بنعلو قبل سنة، أما برق الليل فقد تم الاستغناء عن خدماته في فترة سابقة قبل إعفاء برق الليل من مهامه على رأس مكتب المطارات. التحقيق معهما، جاء بناء على ما نسب إليهما من فساد في مكتب المطارات، على خلفية التقارير التي أنجزها "المجلس الأعلى للحسابات" . لكل ذلك، فالرأي العام يتتبع بترقب كبير ما ستفسر عنه هذه التحقيقات ويتساءل بصوت مرتفع، عما إذا كان التحقيق سيشمل باقي المفسدين، وهم كثر، وهذا هو المعيار الحقيقي لمعرفة ما إذا كان مضمون الرسالة قد استوعب بشكل جيد أم لا؟