اليوم سيكون للمغاربة موعد مع تفعيل قانون مدونة السير الجديدة،سيبدأ إذن التطبيق على ارض الواقع بموازاة مع كافة مراسيمها التطبيقية التي وافقت على مجملها الوزارات المعنية كالداخلية والعدل والمالية والصحة ، وقبل ذلك كانت عبر الإعلام الرسمي المغربي خطة استباقية من خلال بثها نشرات وروبورطاجات ومتابعة لمجلس الحكومة ، كما شكل موضوع مدونة السير الجديدة أهم مواد التي استأثرت باهتمام الصحف بكل عناوينها. الملاحظ أن هذه المدونة الجديدة خلفت فرقا داخل المجتمع المغربي فبين مؤيد لها يتزعمهم الوزير غلاب، باعتبار أ حوادث السير تعد مأساة شخصية، وخسارة اقتصادية بالنسبة للمغرب الذي يفقد سنويا 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام أي مايمثل 11 مليار درهم، إلى جانب أن المدونة الجديدة تشكل مبادرة وطنية حقيقية ترمي إلى ترسيخ قيم المواطنة، والتعايش، والسلم الاجتماعي في ظل احترام الحق في الحياة، أما الفريق الثاني هو الرافض والممتنع عن استيعاب هذه المدونة الجديدة ، حيث ما تزال محط احتجاج ما دامت أن النقابات على استعداد لشن الإضراب في أي وقت ممكن. ويبدو كما أسلفت الذكر أن الإعلام الرسمي ومن معه شن هجوما إعلاميا كبيرا ، خصوصا في الآونة الأخيرة، وهذا مايدفعني لطرح استفسارات حول طريقة التعبئة التي وظفتها قنواتنا التلفزية، وكان آخرها استضافة الوزير غلاب بالقناة الأولى مساء يوم الخميس في نشرة المسائية.وقد صاحب الحوار مع الوزير إعداد وإحصائيات حوادث السير ، حتى بدت لنا الصورة مخيفة وكأننا فعلا أمام غول اسمه حوادث السير. وهنا لابد لي أن أكلل استفساراتي أن ما لاحظته في إعلامنا هو أسلوب يخيف القريب قبل الغريب، أسلوب الترهيب بجميع وسائله الجاهزة، إما ببنود المدونة ( نقص النقط – السجن- الغرامة...) ،إما بصور الحوادث الرهيبة. أليس في قاموس سيد الوزير ومن معه من قنوات التلفزية مصطلحا آخرا أو أسلوبا أخرا يتضمن تحبيب هذه المدونة للمواطنين.؟لماذا سلك أصحاب الشأن هذه اللغة الترهيبية من أجل تمرير المدونة ( شغل الصحة هذا) ؟ نحن جميعا ندرك أن القانون لا يطبق سوى على المواطن الضعيف والذي لاحولة له ولاقوة، ولا يطبق على أصحاب النفوذ والسلطة والمال، فإني أعتقد أن قانون مدونة السير لا القديم ولا حتى الجديد يعنيهم في شيء. وأن هذه الزوبعة التي تسمى مدونة السير ستلد فأرا صغيرا، ولن يكون فيها الرابح سوى من وضعوها، وستبقى الحوادث والمخالفات مادام أن عقلية الرشوة طاغية على معاملات المجتمع المغربي. فلا بد من تغيير العقلية قبل تغيير الوضعية. وإلا فإننا كالذي يصب الماء في الرمل.