المتأمل للمشهد السياسي المغربي، يلوح له مبدئيا أن هناك زلزلة يعيشها المغرب من ناحية السياسة وأن هناك حراكا غير عاد تعرفه دهاليز الدولة، وأن هناك مسألة الاحتقان التي يعيشها الشارع المغربي والعربي هذه الأيام تلوح بظلالها على التغييرات التي ستحصل في صورة المغرب المستقبلية.لكن ما يحصل الآن في كواليس النظام والذي طفا بشكل غريب نحو سطح الاعلام يدخل في اطار لعبة سياسية محضة ..؟ فالأكيد أن ظهور أسماء وازنة في حكومات الظل المغربية مثل الماجيدي والهمة وحسن اوريد في مقالات ومواضيع وفضائح مالية وصفقات لها ما يبررها الأن وبالضبط في هذا الوقت الحرج الذي يعيشه المغرب، وهي فترة زمنية مهمة حتى للأحزاب والأسماء الصغيرة لفرض منتوجها على أرض الواقع من خلال أجندة راهنية تتحكم فيها عدة قضايا محلية وعربية وعالمية. هذه الأجندة أرخت مزاميرها على ما يجري من صراع بين أحزاب مغربية معينة خصوصا بين أحزاب البام والعدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي.. الذين يعيشون جميعا على ايقاع استحقاقات انتخابات 2012 المقبلة، عبر صراعات المجالس الجماعية والبلدية من خلال كشف عن خروقات واختلالات لكل حزب على حدا. أدرك جيدا أن الذي حصل من ثورات في كل من تونس ومصر وليبيا كان سيؤثر كثيرا على المشهد السياسي الحزبي بالمغرب، لو تم تأخيره قليلا مع فرب سنة 2012، خصوصا على حزب الأصالة والمعاصرة، لكن يبدون أن السرعة التي تمت بها هذه الثورات في هذه الدول سيزول تأثيره على هذا الحزب، فالعكس هو الذي حصل بالضبط ، فقد أعطت هذه الثورات واحتجاجات حركة 20 فبراير الأخيرة درسا لرفاق عالي الهمة، من أجل مواكبة الأخطاء التي وقع فيها الحزب سابقا، ومنحه نفسا جديدا للوقوف على الثغرات التي سقط فيها الحزب وهذا ماجعله يعقد مجلسا وطنيا حضره الهمة شخصيا وأنس العمري الذي قيل انه هرب إلى فرنسا، وهي رسائل تعد مشفرة لبعض التيارات داخل القصر بأن الحزب ما زال موجودا بجميع أسمائه. الاختيارات المنهجية لهذا الحزب والتي بدأت منذ( الكذبة السياسية) لعالي الهمة أنه لن يؤسس أي حزب مباشرة بعد خروجه من أم الوزارات وتأسيسه لحركة لكل الديمقراطيين، وهي اختيارات مبنية على دراسة واقعية لعقلية المواطن المغربي وقوة اي حزب سياسي مغربي. من بين الشعارات التي رفعتها حركة 20 فبراير هو حل الأحزاب السياسية، وهو نفس المطلب والشعار الذي رفعه حزب البام مند ظهوره ، وهو تقليص عدد الأحزاب ، مما يدل على أن حركة 20 فبراير تخدم بشكل غير مباشر أجندة أصحاب التراكتور. حيث كان هذا الأخير يوجه سياسته إلى ابتلاع جميع الأحزاب تحت يافطته واختراق بعضها من اجل إستراتيجية مستقبلية في الانتخابات البرلمانية المقبل ولنا نموذج إدريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، الذي صار يبارك كل ما يفعله الهمة وحزبه. من هنا لابد من القول أن حزب البام وبقياس السرعة التي كان ينهجها في الحياة السياسية المغربية، يكون قد فعل أزيد من 70 في المائة من أجندته السياسية ( بطبيعة الحال بما فيها الكذبة السياسية التي يمتاز بها الهمة) وتبقى 30 في المائة رهينة ما سيقع في الأيام المقبلة في العالم العربي وايضا الشارع المغربي ومصداقية الحطابات المطروحة على الواجهة بكل تمفصولاتها الغريبة بدلبل أن المشهد السياسي المغربي يعيش بئسا ولا يمت للأخلاق السياسية بصلة. إلى جانب ذلك فالصراع بين ديناصورات المخزن داخل السلطة القائمة يتأجج يوما بعد يوم ويطرح علامة استفهام قوية حول موقع اعراب هذه الأسماء داخل منظومة القصر . وما يكشف الأن على صفحات الجرائد والمجلات يبين أن هناك جهة ما تريد التخلص من بعض الوجوه ، لأنها احترقت فور خروج الشارع بمطلب محاكمتها ومحاسبتها.. لكن قد تكون هذه لعبة دهاليز السياسية وقد أخشى ان تعود هذه الوجوه بقوة وتتحكم في دواليب شؤون هذا البلد من خلال حكومة الظل التي كانت..وحتى لو لم يكن هذا السيناريو محتملا فإن أطر حزب البام ستستفيد لامحالة من اي تغيير سيكون مستقبلا وستكون لها الكلمة في مؤسسات الدولة وهي نفس الصورة التي وظفت مع أطر حزب الاتحاد الدستوري، حين حلت حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمن اليوسفي ، وتم توزيع وإسناد أهم الأمور لأطر حزب الإدارة ...