أصدرت محكمة فرنسية الخميس حكما بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ على الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وذلك بعد أن وجد القاضي أنه مذنب بالفساد وتبديد المال العام واستغلال ثقة الشعب. وجاء في منطوق الحكم الذي تلاه القاضي دومينيك بوت: "لقد خرق جاك شيراك واجب النزاهة المطلوب من قبل المسؤولين العاملين في الحقل العام، وذلك على حساب المصلحة العامة للباريسيين". والحكم هو الأول من نوعه بحق رئيس دولة فرنسي سابق وذلك منذ إدانة المارشال فيليب بيتان، قائد ما كان يُعرف بنظام فيشي، الذي أدين بالتعاون مع النازيين عام 1945. وقد غاب شيراك، البالغ من العمر 79 عاما، عن جلسة النطق بالحكم "بداعي المرض"، رغم أنه كان قد نفى مرارا التهم التي كانت قد وجِّهت إليه، أو ارتكاب أي مخالفات. إلاَّ أن ابنته بالتبنِّي، الكاتبة آن داو تراكسل، حضرت جلسة المحاكمة وتحدثت إلى الصحفيين في أعقاب النطق بالحكم بحق أبيها. محامي الدفاع من جهته، قال جورج كيجمان، محامي شيراك: "بالنسبة للذين كانوا يتوقعون طيَّ القضية، أو على الأقل عدم معاقبة المتَّهمين، فإن هذا الحكم قد يبدو مخيِّبا للآمال". وأضاف كيجمان، والذي يدرس الآن مع زملاء آخرين له ما إذا كانوا سيستأنفون الحكم أم لا، قائلا: "آمل آلاَّ يغيِّر هذا الحكم على الإطلاق الودِّ العميق الذي يكنُّه الشعب الفرنسي لجاك شيراك". يُذكر أن شيراك قُدِّم للمحاكمة بتهمة تحويل أموال عامة الى وظائف وهمية لأعوان سياسيين حين كان رئيسا لبلدية باريس بين عامي 1977 و1995، وهي الفترة التي شكَّل فيها حزبا ديغوليا جديدا ينتمي ليمين الوسط أطلق من خلاله مسعاه الناجح لتولي الرئاسة. وقد وصل شيراك إلى سدَّة الرئاسة في بلاده في عام 1995 واستمر فيها حتى عام 2007، عندما خلفه في المنصب الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. "ضعف ذاكرة" وكان شيراك قد أُعفي من حضور أغلب إجراءات المحاكمة على أساس "ضعف ذاكرته". ومن الناحية النظرية، كان يمكن الحكم على شيراك بالسجن عشر سنوات، وبغرامة قدرها 150 ألف يورو (حوالي 200 ألف دولار أمريكي) بسبب توظيفه 21 شخصا في وظائف وهمية، وهي أقصى عقوبة يمكن أن يواجهها من تثبت بحقِّه مثل هكذا تهمة في فرنسا. لكن القاضي أصدر عليه حكما مخفَّفا بعد أن حثَّه الادِّعاء العام على تبرئته مع تسعة متَّهمين آخرين في القضية. وقد برَّأت المحكمة بالفعل اثنين من المتَّهمين التسعة، وأدانت السبعة الآخرين بالفساد. إدانة جوبيه وفي عام 2004، وخلال وجود شيراك في قصر الإليزيه، أُدين عدَّة أشخاص بالقضية ذاتها، بمن فيهم ألان جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي الحالي، والذي حُكم عليه بالسجن 14 شهرا مع وقف التنفيذ. وقال مراسل بي بي سي في باريس إن الحكم الصادر بحق شيراك سيكون مفاجئا للفرنسيين لأن الادِّعاء العام قال إنه لم يثبُت أن الرئيس الفرنسي السابق كان على اطِّلاع بأي من قضايا "الوظائف الوهمية"، والتي اتُّهم بالضلوع بها. إلاَّ أن المراسل رأى أن الحكم، ورغم تخفيفه، سيظل يشكِّل "وصمة عار" في تاريخ شيراك