أكد الحبيب الشوباني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة والنشر، أن حزب العدالة والتنمية لا ترهبه المعارك التي تدور لصالح الشعب، ف"سنخوضها بشرف، وسنربحها ما دامت عادلة، شعارنا هو شعار الشعب والمرحلة: لا للاستبداد ولا للفساد"، مشيرا، في حوار مع يومية "الأحداث المغربية"، إلى أن الحزب "لم يأت من أجل الأمور السهلة"، ف"نحن حركة إصلاح مدني سلمي سياسي، وأيضا حركة مقاومة يمكن أن تسميها إن شئت حركة 25 نونبر"، ف"نحن صنيعة الشعب وبرنامجنا تعاقد معه". واعتبر الشوباني أن إعادة الاعتبار للغة العربية والأمازيغية هو "رهان ومعركة حيويين لا محيد لحزب العدالة والتنمية عن خوضهما في أفق تحقيق الاستقلال الثقافي وتأمين المستقبل الوطني للأجيال القادمة"، مؤكدا، في سياق مختلف، أن "ليس لدى حزب العدالة والتنمية أي نية ولا مصلحة في إقامة محاكم تفتيش على الإبداع، وسنشتغل على المساهمة في تخليص عالم الفن من الفساد ومن الإبداع المشبوه والمزيف، والذي يمول من مال الشعب ضدا على مبدأ الشفافية والنزاهة، وسنترك التقييم والحكم على المنتوج الإبداعي لدافعي الضرائب، للشعب" وفي ما يلي نص الحوار: الملاحظ عند الاطلاع على توجهات البرنامج الانتخابي لحزبكم، سيما في ما يتصل بقطاعي الثقافة والإعلام، أنه لا يحمل أي جديد. إذ أنه يتبنى التراكم الحاصل في المجالين والمتمخض عن مختلف النقاشات التي طالت الإشكالات الكبرى المطروحة فيهما وعلى مدى السنوات الأخيرة.. أين هو التميز أو التجديد الذي جاء في برنامجكم الانتخابي في قطاعي الإعلام والثقافة؟ غير صحيح ما ذهبت إليه، فالبرنامج الذي قدمه الحزب في ما يهم قطاعي الثقافة والإعلام مبني على تشخيص دقيق لوضعية القطاعين الهامين، كما أن التدابير المقترحة تندرج ضمن تصور مجتمعي شعاره الراهن ومدخله الأساس هو محاربة الفساد والاستبداد. ومما لا شك فيه أن قطاعي الثقافة والإعلام يشكلان نموذجين بارزين لتفشي الفساد كما الاستبداد. فالمجتمع المغربي، يعاني من الفساد والاستبداد في المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويتم ذلك عبر آليات متعددة من أبشعها استغلال الحقل الثقافي والإعلامي بشكل تحكمي خطير ومدمر للمال العام وللقيم المجتمعية المؤسسة والحامية للكيان الوطني من الانحلال والتفسخ. أولا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن الفضاء أو المناخ أو البيئة اللغوية تعيش تدهورا وتلوثا كارثيين يتجسدان في استمرار هيمنة اللغة الأجنبية الاستعمارية على حساب الثروة الوطنية، سواء تعلق الأمر باللغة العربية الأمازيغية، وهو ما يخلق طبقية لغوية وهوة سحيقة بين أبناء المجتمع الواحد بتداعياتها التواصلية والاقتصادية، حيث دور النشر المغربية مثلا تخسر حوالي 12 مليار درهم سنويا لصالح دور النشر الفرنسية بسبب هذه الهيمنة الاستعمارية، ولكم أن تتصوروا ما يعادله هذا الرقم بلغة مناصب الشغل وتطوير الاقتصاد الوطني والمقاولة الوطنية في مجال الطباعة والنشر، الأمر الذي يهدد على المدى المتوسط والبعيد تماسك النسيج المجتمعي وثقافة الوحدة والتضامن، بالإضافة إلى الإضرار المباشر بالسيادة الوطنية. لأجل ذلك كان من أولويات الحزب على مستوى توجهاته البرنامجية مكافحة هذا التلوث والفساد اللغوي، ووضع تدابير ترمي إلى تمتيع الشعب المغربي بأفضال سياسة عمومية تعلي من شأن الثقافة الوطنية العريقة من خلال تقوية حضور اللغة العربية واللغة الأمازيغية في الحياة العامة وفي مؤسسات الدولة. لكن، اللغة العربية ليست اللغة الأم للمغاربة، ويتعذر على الملايين منهم اعتمادها أداة تخاطب بحكم الأمية المتفشية بينهم.. على أية حال ليست اللغة الأجنبية المهيمنة لا لغة الأم ولا لغة الأب ولا الجد ولا الجدة ! انتبهي جيدا، المهم أن الشعوب الديمقراطية، كما الحكومات الديمقراطية التي تحترم نفسها وتحترم شعبها، تعمل على الارتقاء بلغاتها الوطنية. ومخطئ أو مغرض من يعتقد أن اللغة العربية ليست اللغة العالمة للشعب المغربي وإحدى أبرز مقومات هويته الوطنية التي نصت جميع الدساتير على وضعها الاعتباري المتميز قبل أن يتم إنصاف اللغة الأمازيغية بدسترتها أيضا.. نعم هناك أوهام يروج لها ويدعمها أشخاص وجهات معروفة بولاءاتها المشبوهة تريد للمغاربة أن يعيشوا تحت وطأة التخلف السياسي والاقتصادي والتبعية الثقافية. وما تفشي الأمية إلا دليل على أن الفئات الحاكمة والمتحكمة تعتمد وتنفذ سياسات تفرز وتكرس الطبقية اللغوية كآلية من آليات التحكم المنتج للفساد. لقد افتقر المغرب لعقود لسياسة عمومية تهم الهوية اللغوية، وحزب العدالة والتنمية سيضع هذه السياسة بوضوح وشراكة وشجاعة ووفق برنامج حكومي واضح من بين مضامينه وأولوياته إعادة الاعتبار للبيئة الثقافية الوطنية، وفي طليعة ذلك رد الاعتبار للغة العربية والأمازيغية وكافة عناصر ومكونات المشهد الثقافي الوطني. لكن المغرب عاش تجربة تعريب المناهج المدرسية، وهي التجربة التي كان لها الكثير من السلبيات، بل إنها في نظر العديد من الخبراء فاشلة.. نحن نرفض كافة الأحكام الجاهزة والخاطئة وغير البريئة والمبنية على أسس غير علمية. موضوع اللغة يتصل بسيادة الدولة وشرف المجتمع وأمنه الثقافي. وكل دولة تحترم نفسها لا يجوز لها أن تناقش موضوع لغتها الوطنية، لأنه أصلا موضوع محسوم من جهة صلته بكرامة الشعب ومن منطلق التعاقد الدستوري أيضا هذه الملفات لا ينبغي النظر إليها والحكم عليها من منطلق فشل أو نجاح التجربة السابقة، بل لا يتعين حتى التساؤل بشأن تكرار التجربة. الأمن الثقافي واللغوي لا يقلان أهمية عن الأمن الغذائي، فهل يمكن مراجعة الحاجة إلى الأمن الغذائي للشعب المغربي إذا فشل مخطط المغرب الأخضر مثلا؟ أم نعاود الكرة لتحقيق الهدف؟ الأجدى والأصوب أن نسائل النخب والمسيرين لماذا فشلوا في سياستهم وبرامجهم لتطوير وتعزيز السيادة اللغوية وليس اتهام اللغة؟ إن هذا المنطق يمكن أن يمارس غدا على اللغة الأمازيغية، وهو مرفوض أيضا لذات السبب ولذات الاعتبارات التي أوضحت. إن إعادة الاعتبار للغة العربية والأمازيغية هو رهان ومعركة حيويين لا محيد عن خوضهما في أفق تحقيق الاستقلال الثقافي وتأمين المستقبل الوطني للأجيال القادمة، بعيدا عن التبعية والإلحاق للمستعمر. لابد من الاعتراف أننا نعيش خصاصا وعجزا في تنمية الهوية الوطنية وتحقيق السيادة اللغوية، كما يجب أن نؤكد أن جزءا مهما من نخبتنا السياسية والفكرية تتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية جراء عجزها أو تفريطها في تحقيق طموح الشعب المغربي على هذا الصعيد. ما هي إذن مقاربتكم الإجرائية لتنزيل أفكار برنامجكم في هذا الصدد؟ أولا، الاستناد إلى الدستور وتفعيله بأوسع تأويل ديمقراطي ممكن لتحقيق الكرامة الثقافية لأبناء الشعب المغربي. وثانيا، إقرار منظومة تشريعية وتنظيمية تضع الأمور في نصابها وفق رؤية وطنية تعتز بالانتماء الوطني وتتشرف بخدمته. وثالثا، توفير البنية المؤسساتية المختصة، التي يعهد لها بتنظيم وتنفيذ السياسات العمومية ومراقبة تنزيل وتفعيل التشريعات والتدابير المتصلة برد الاعتبار للثروة وللبيئة اللغوية الوطنية. هذا في مجال اللغة كمدخل لتعزيز الهوية اللغوية. ما هي تصوراتكم التدبيرية في المجال الثقافي؟ ننطلق من قناعة مبدئية مفادها أن الحكومات لا تصنع الثقافة. فالحكومة الناجحة لا تُنتج الفعل الثقافي، بل توفر البنيات الخاصة به وتنظم التنافس بين الفاعلين وتحقق تكافؤ الفرص وتوزع المال العام بشكل شفاف وعادل بين الجهات والفئات المبدعة.. فالمجتمع المتحكم فيه والمستبد به هو الذي يعيش تحت نير الثقافة الموجهة التي تنجها الدولة وتتحكم فيها الطبقة الحاكمة.. إن الإبداع رديف وعنوان ملازم للحرية. السياسة المثلى التي لابد من انتهاجها في هذا المجال هو العمل على توفير البنيات الثقافية الأساسية واللازمة لاحتضان الفعل والإبداع الثقافي كأولية استراتيجية. قلتم أن الإبداع رديف الحرية، هل تضعون حدودا لهذه الحرية الإبداعية بالنظر إلى التخوفات وهواجس القلق عند المبدعين من الحد من حريتهم وتوجهاتهم؟ أقول لكل من يراوده قلق مماثل "ارتاحوا مع روسْكومْ"، ليس لدى الحزب أي نية ولا مصلحة في إقامة محاكم تفتيش على الإبداع.. نحن عشنا تحت هذا الظلم والإقصاء بسبب مرجعيتنا الإسلامية.. سنشتغل على المساهمة في تخليص عالم الفن من الفساد ومن الإبداع المشبوه والمزيف والذي يمول من مال الشعب ضدا على مبدأ الشفافية والنزاهة، ولولا ذلك لما قامت له قائمة. سيقتصر عملنا على توفير البنيات الثقافية اللازمة وعقلنة الاستفادة من المال العام في إطار من الشفافية والعدل والنزاهة، لن نتدخل في موضوع الإبداع، وسنترك التقييم والحكم على المنتوج الإبداعي لدافعي الضرائب، للشعب. بطبيعة الحال، سنتصدى للفساد الذي يتستر تحت اسم الإبداع، ويتبنى سياسة ثقافية هجومية واستفزازية لقيم النزاهة والشفافية ويستغل المال العام بشكل مستبد.. لن نتعرض لمن يبدع من ماله الخاص بغض النظر عن طبيعة إبداعه.. فله كامل الحرية في إبداع وعرض ما شاء وكيفما شاء وحيثما شاء في إطار احترام القانون.. ففي مجال الفن يكون الحكم الأول والأخير هو الجمهور. هل هذه سياسة تطمينية؟ هذه قناعات مبدئية وفي تناغم مع انتظارات الشرائح الواسعة من أبناء الشعب وتصب في اتجاه مطامحه وآماله لبناء مجتمع بعيد عن سطوة وسيطرة الفساد والاستبداد. وماذا بشأن مجال الإعلام؟ نطمح إلى تحقيق إعلام ديمقراطي لا يخضع للوبيات الفساد. إعلام مفتوح على كافة المغاربة، ويضمن لهم الولوج إلى المعلومة، ويقدم لهم الخدمة العمومية التي تجعلهم يفتخرون بإعلامهم الوطني بدل احتقاره وكراهيته. لكن الإعلام ووسائله هو أداة الدولة لبسط هيمنتها وتمرير خطاباتها الرسمية.. كيف يمكن لكم تحريره من هيمنة الفئة المتنفذة في السلطة؟ وسيلتنا ومرجعيتنا الأساسية هي الدستور الجديد، الذي يمنح للحكومة صلاحيات واسعة ومسؤولية مباشرة على كافة القطاعات في إطار العلاقة الجدلية والقانونية والمؤسساتية بين المسؤولية والمحاسبة. هدفنا إعادة هيكلة قطاع الإعلام وجعله في خدمة الشعب وقضاياه لا أهواء وشهوات فئة متنفذة ومتعالية عليه. سنشتغل على جعل وسائل الإعلام العمومي تضطلع بدورها الأساسي المتمثل في الإخبار والتثقيف والترفيه بعيدا عن ثقافة التحكم والفساد.. بمعنى سنتطلع أن تتحسن علاقة المشاهدين بالقنوات والإذاعات الوطنية، وأن تتحسن تنافسية إعلامنا العمومي وتتراجع هجرة المشاهدين نحو محطات أجنبية لمعرفة ما يجري في وطنهم.. نريد، وسنعمل أيضا، على أن يضطلع الإعلام العمومي بدوره الحيوي في المساهمة بتخليق الحياة العامة والمساهمة النوعية في إدارة النقاش العمومي بجرأة ومسؤولية. لكن مسألة تحرير القطاع لن تكون بالهينة.. أنتم تدرون أنه من القطاعات المقاومة للإصلاح؟ نحن لم نأت من أجل الأمور السهلة.. سبيل النكتة: قال شخص لآخر "أريد منك أن تنجز لي حُوَيْجَةٌ (يعني حاجة بالتصغير !! )، فأجابه صاحبه: ابحث لها عن رُوَيْجِلْ !! .. يا سيدتي، نحن حركة إصلاح مدني سلمي سياسي، ونحن أيضا حركة مقاومة يمكن أن تسميها إن شئت "حركة 25 نونبر".. نحن صنيعة الشعب وبرنامجنا تعاقد معه.. ب"الداريجة: حنا جينا للصعيبة.. حنا قادرين نقاوموا، اللي قبل يخوي الطريق مزيان واللي ما قبلش غان واجهوه. حنا ما جيناش نديرو الخواطر"... نحن نعلم أننا مقبلون على معارك شرسة، وأن الشعب ينتظر النتائج، ونحن حزب مُقاوم أبا عن جد، لا ترهبنا المعارك التي تدور لصالح الشعب.. سنخوضها بشرف وسنربحها ما دامت عادلة.. شعارنا هو شعار الشعب والمرحلة: لا للاستبداد ولا للفساد. ومثلما نحن مستعدون لخوض المعركة نحن مستعدون أيضا، وقبل ذلك، للتحاور والحوار وتصحيح الأوضاع بشكل فعال وبدون ضجيج. موقع العدالة والتنمية