موكب جنائزي مهيب رهيب، مزق سكون أزقة واحياء كاسطور في هذا اليوم الرمضاني . من حي المسيرة مرورا بحي تاركة وحي البهجة وكاسطور والحي الحسني الى مقبرة دوار العسكر القديم. ساكنة كاسطور على قلب رجل واحد تشيع الكريم الجميل عبد الحق الأبيض إلى مثواه الاخير، تتدافع الدموع فتبكي الشجر والحجر وتتسابق العبارات في منحدر هذا الفقد الكبير، ورقة اخرى تسقط ايها الاصفياء من شجرة كاسطور، يوم حزين اخر يتلحفه الوجع . في هذه الظروف العصيبة يكون الصمت ابلغ من الكلام وما قيل في تابينك اقل بكثير مما كان ينبغي ان يقال. قد لا تطاوع العبارات ولا الكلمات في رصد هذا المصاب الجلل لكن الصدق سيسعفنا في ان نقول كم كان تواجدك رائعا بيننا سيدي عبد الحق ، ....كنت اكبر من لحظات الحياة العابرة، كنت الواحد المتعدد بيننا، صدوق خلوق خدوم خجول رحوم، كنت اطول من قامتك، وارحب من شساعة وجودك، واكبر من أن تكون السي عبد الحق الاعب الدولي السابق والمتيم بحب الكوكب المراكشي والمربي والجنعوي فقط، كنت امتدادنا الجميل الأخر، احبك الله فاحببنا فيك. من يعرف الفقيد عبد الحق الابيضا يوقن كم هو صعب ان يدرك الانسان درجة الانسان فيه وكم هو صعب ان يكون كبيرا ويبقى كبيرا حتى الرمق الاخير من لحظات حياته. قد تخوننا الكلمات ولكن وحده الحب سيجمعنا الحب السلاح الوحيد الذي كنت تقسو به على هفواتنا. ايها الاصدقاء من يرتق هذا الجرح الغائر،، ونزيف هذا الفقد ما اغزره. قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه ابراهيم " ان العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول الا ما يرضي ربنا، وان لفراقك يا ابراهيم لمحزونون" ونحن نقول " ان لفراقك ياعبد الحق لمحزونون" كل احياء كاسطور ممتنة لكل المواساة والاسترحام الجميل والشعور النبيل، ولكل من بلسم هذا الجرح الذي سكننا ، الراحل عبد الحق الابيض فقيد كاسطور و فقيد مراكش الحمراء، فقيد الحس الانساني النبيل و قبل هذا وذاك فقيد الوطن. في هذه اللحظات العصيبة ونحن نرتشف الحزن وبكل ما اوتينا من مجاديف الوفاء سنفتخر ان الراحل عبد الحق الابيض كان منا وبيننا ومعنا وستبقى ذكراه نبراسا يشع في اعماقنا . فلنصبر ولنحتسب.