بعد ماض مشرف جدا في الوساطة" القوادة" تحول " مسيلمة الكذاب" إلى عالم الصحافة الذي ولجه من بابه الضيق، وهو صاحب " شاف شامبري" أي رئيس احدى المعاقل الذي كان نزلاءها يمارسون عليه التناوب، وظل صاحبنا في زنزانته يتسلل إلى مكتبة السجن، وهناك كان يطالع الصحف الصادرة، والتي تداولت إسمه في أشهر قضية في مجال الوساطة، فصاحبنا كان وسيطا بكل مافي الكلمة من معنى إلى درجة أنه كان مخلصا في عمله، وحقق العجب العجاب في ذلك، وبشهادة المغاربة والأجانب، وكم كانت صدمته كبيرة وهو يتودد إلى أحد الزملاء لكي لا يتداول الملف المخجل المتابع فيه. أمضى أيام التناوب بزنزاته بسجن بولمهارز قبل أن يغادره … عانق مسيلمة الكذاب الحرية وأخد يتربص بالأمن الوطني والصحافة والقضاء، ولأن الصحافة مهنة من لامهنة له، وبدون سابق إندار اختار صاحبنا بعض " المنابر" أو بالأحرى "دفتر وساخ" شبيه بصاحبه ومالكه الذي لايكاد يفرق بين كتابة الهمزة والياء، حتى أنه أضحى ينال كل موسم لقب " زعيم الركاكة" وهو صاحب الواقعة الشهيرة " فلوس المبادرة هي باش دار العرس ديالو" ففتح له الباب على مصراعيه، وأخد مسيلمة يكتب وبلغة " ركيكة" كل مايخطر ولايخطر له على البال، حتى أن تربصه أضحى عادة سيئة تنتقل من مجال إلى آخر. مسيلمة الكذاب لمن لايعرفه هو صاحب الوجه " الأكلع" والسمرة الداكنة، وقصير القامة، وكثير التودد، ولايفارق أزقة وحواري المدينة العتيقة، يقول أحدهم إنه يعيش حالة هستيريا لكونه انكشف أمام الجميع، وأضحى يردد الأغنية الشهيرة " ماتفكرنيش" في الماضي … مسيلمة الكذاب بعدما كل وتعب تحول إلى بركاك " الإدارت" وأصبح يبلغ عن الحاضر والغائب، وكعادته " كذاب" امتهن كل الرذائل بما فيها " بناد" يحرر الشكايات الكيدية بتعبيره الركيك والمقزز، وظل على حاله وهو يعلم أنه تاه الطريق…يعيش بدون إسم حقيقي وبدون رفيق حياة … والله يستر … ملاحظة : ولد مسيلمة باليمامة ولا يعرف تاريخ ميلاده على وجه الدقة لكن بعض المصادر(تاريخ الخلفاء للسيوطي) تشير إلى أنه ولد قبل عام الفيل بوقت طويل بل بعضها يشير إلى أنه ولد قبل مولد عبد الله بن عبدالمطلب والد النبي محمد. والد مسيلمة هو: ثمامة بن كبير بن حبيب من بني حنيفه من بكر بن وائل. عاش مسيلمة في كنف الكنيسة منذ طفولته، وكان يعلق صليب من الفضة في عنقه، كان مسيلمة يردد دائما الآية التى وردت فى الإنجيل : " إذا أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء ".