يكتسي الاحتفال بعاشوراء في مراكش طابعا خاصا ومتميزا حيث تقام الاحتفالات العامة في الشوارع ويخرج العذارى على وجه الخصوص مرددات أغاني تمجد حريتهم تلك الليلة على إيقاع التعاريج والدفوف. وللرجال في مراكش مظاهر احتفال بعاشوراء تقليدية وأصيلة، حيث يقيمون "الكور" وهو جمع يقتعد فيه الرجال والشباب الأرض في شكل دائري كحلقة يهزجون بالتعاريج على إيقاعات متواترة ومنسجمة يتوسطهم رجل وقور غالبا ما يكون عليه إجماع الحي بالاحترام والوقار. ويتتبع الرجل الوقور بأذن موسيقية تناغم الإيقاع وانسجامه ويوجه الشباب الذين يخلون بالميزان لالتزام الإيقاع الصحيح الذي يعرف في الفولكلور والموسيقى الشعبية بالدقة المراكشية. ويحيي المراكشيون الدقة المراكشية فقط بمناسبة عاشوراء وعندما يبلغون مبلغ البهجة والحبور في المناسبات السعيدة بما يشبه الجذبات والشطحات الصوفية. ويحضر البعد الصوفي في احتفالات الرجال في مراكش بليلة عاشوراء عندما يتغنون في الدقة المراكشية ب"العيط" وهو نوع من التوسل لله بجاه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجاه الأولياء والسادات الصوفية ورثة الأنبياء، والتشفع بالمغفرة وطلب التوبة والدعاء الصالح بمصاحبة إيقاعات التعاريج ودف واحد وقراقيب صفائح الحديد، وعلى ضوء نار ملتهبة لاهجة من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر. ويميل الرجال في هذه المناسبة إلى الأجواء الروحانية في المساجد، فينصرفون إلى الصلاة والعبادة والنسك استعاذة بالله من الشيطان ومن الجن والسحر الذي يتفقون على أن النساء أجمعن أن تكون ليلة عاشوراء ليلته بامتياز.
وتتميز ليلة عاشوراء أيضا ب"الشعالة" أي إشعال النار في أجواء احتفالية للنساء والرجال معا، يتحلقون حولها ويرمون في لهبها أنواع البخور الذي ينتشر شذاه كالعنبر مع الدفء ويملأ الأجواء حتى تصبح المدينة وكأنما تحترق مسكا وعودا. ولا يغيب البعد الرمزي في الاحتفالات صبيحة اليوم العاشر، عندما يتوجه المغاربة إلى المقابر لزيارة موتاهم والترحم عليهم بالرياحين وماء الزهر والورد. كما لا تغيب روح المرح عن تلك المناسبة إذ يبلغ العبث بالماء أقصى درجاته، حيث يرش الناس بعضهم بعضا باعتداء وإفراط أحيانا فكأنهم يطفؤؤون لظى النار ولهبها الذي أججوه في الليلة السابقة.