أسدلت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الستار على فصول البحث التمهيدي، الذي نفض الغبار على مجمل الإختلالات والتجاوزات التي واكبت إنجاز وبناء سوق الجملة للخضر والفواكه الجديد بمنطقة المسار بمراكش، وألقت كرة القضية في مرمى الوكيل العام باستئنافية المدينة، لاتخاذ المناسب من الإجراءات في حق المتهمين بهدر وتبذير ملايين السنتيمات من مالية الجماعة الحضرية. مجريات البحث التمهيدي، أحاطت عمر الجزولي عمدة مراكش السابق وبعض المقاولين والأطر الجماعية بسياج التحقيق والإستماع لإفادتهم، مع محاصرتهم بجملة من الحقائق والمعطيات المثيرة التي ترشح بنفحات" الفقيه دحان،اللي قرا البرية سبع مرات،وقال الخط عيان".
المحامي محمد الغلوسي رئيس فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش، كان بدوره في قلب استفسارات عناصر الفرق، باعتباره الطرف المشتكي، الذي حرك المياه الراكدة لملف القضية، التي لهفت أزيد من 9 مليار و600 مليون سنتيم، لتمنح لمراكش وساكنتها كائنا مسخا ،لاهو في عير التجارة ولا في نفير المرافق العمومية.
تبديد أموال عمومية والرشوة والتزوير، واستغلال النفوذ والإغتناء غير المشروع، هي التهم التي كانت في قلب تحقيقات الفرقة الوطنية، بناءا على تعليمات الوكيل العام بمراكش، واستمعت خلالها لافادة المومأ إليهم.
انطلقت فصول التحقيقات ،حين اقدمت نخبة من محامي هيئة المدينة الحمراء، على وضع شكاية باسم الهيئة الوطنية لحماية المال العام- فرع مراكش، اعتمادا على ما خلصت إليه اللجنة التي تم تشكيلها لدراسة وتحليل تقرير المجلس الجهوي للحسابات،المتعلق بالملاحظات التي ابداها قضاته خلال يناير2011 تحت عنوان" مذكرة الملاحظات حول مراقبة تسييرالجماعة الحضرية لمراكش".
الشكاية سجلت جملة من مظاهر الإختلال على مستوى تدبير وتسيير شؤون الجماعة ، خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2009،أي على عهد رئاسة عمر الجزولي للمجلس الجماعي،باعتباره تدبيرا "يعرف العديد من الإختلالات المالية والإدارية التي يرقى البعض منها إلى مستوى الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي.
" شكارة الإختلالات" حبلت حسب الشكاية بالعديد من مظاهر" قال ليه مال باك طاح،قال ليه من الخيمة اخرج مايل"، من قبيل تسجيل "صفقات غير مطابقة للقانون وتفتقد للشفافية والحكامة"، ما يؤشر عليه إنجاز اشغال الصفقات خلال مدو قصيرة غير واقعية،وعدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بإصدار الاوامر بالشروع في العمل فيما يخص 21 صفقة أنجاز اشغال وتوريدات خلال الفترة الممتدة من 2006 إلى 2009.
مظاهر السريالية التي ميزت طريقة التدبير إياها، كشفت عنها كذلك قضية" إنجاز دراسات بمبالغ ضخمة دون تنفيذ الأشغال المرتبطة بها "في إطار سياسة"فلوس اللبن،تايديهوم زعطوط" و يتعلق الأمر هنا بالصفقة رقم 61/04 لسنة 2004 حيث طلبت الجماعة الحضرية لمراكش إنجاز دراسات تقنية و تتبع أشغال تهيئة و تقوية الطرق و المنشآت الفنية بمبلغ 13.925.000.00 درهم، إلا أن انجاز الأشغال المذكورة لم يتم من قبل الجماعة و توصلت شركة "فابيت" صاحبة المشروع بمبلغ 10.300.168.21 درهم عن الدراسة المنجزة و لم تتوصل بمبلغ 24.225.168.21 درهم عن تتبع تنفيد الأشغال، الأمر الذي يؤكد أن الأشغال لم تنجز و بقيت الدراسة من دون جدوى.
وحتى تتسع مساحة العبث على مستوى طريقة تدبير "فلوس المدينة" فقد سجلت ملاحظة مثيرة من خلال إقدام المسؤولين المنتخبين، على حشر مالية الجماعة في متاهة "اداء مبالغ صورية" ما انزلت بها القوانين المنظمة للمجال من سلطان، حين عمدوا فيما يخص بعض الصفقات،إلى أنجاز اشغال إضافية تمت تسويتها" بشكل صوري في حجم اشغال واردة بجدول اثمان صفقات اخرى .
بتاريخ 1 دجنبر 2006 أقدمت الجماعة كذلك على إبرام الصفقة رقم 86/06/م.ج المتعلقة ببناء مدخل و حائط سياج سوق الجملة للخضر و الفواكه بمبلغ 5.282.915.04 درهم إلا أنه تبين فيما بعد أنه تم انجاز أشغال اضافية لم تكن مدرجة بدفتر الشروط الخاصة تقدر قيمتها ب 311.844.44 درهما فعمدت الجماعة إلى تسويتها عن طريق الرفع بشكل صوري من حجم الأشغال الواردة بالصفقة.
كما عمدت الجماعة و لأجل تغطية جزء من التكاليف المترتبة عن عملية هدم المحلات التجارية بقاعة بيع الفواكه (المربع « B ») و التي يقدر مبلغها ب 298.887.48 درهما، بالزيادة بشكل صوري في حجم الأشغال المدرجة بالصفقة السالفة الذكر تحت رقم 86/06/م.ج و المتعلقة ببناء مدخل و حائط سياج السوق المذكور.
و استمرارا في نهج أداء مبالغ صورية و وهمية من طرف الجماعة الحضرية فإنها قامت بتسوية جزء من الأشغال الاضافية المنجزة في إطار الصفقة رقم 134/06/م.ج المتعلقة ببناء قاعة لبيع الحبوب و محلات تجارية و مقاهي (الشطر "ه") بقيمة 598.851.98 درهم و ذلك بتحويل هذا المبلغ و أدائه من الاعتمادات المخصصة للصفقة رقم 68/06/م.ج المتعلقة ببناء أرضية مسطحة عن طريق الزيادة بشكل صوري و وهمي في حجم الأشغال موضوع الصفقة المذكورة.
التفاوت كذلك بين كميات الاشغال الواردة بجدول المنجزات والكميات الواردة بكشوفات الحسابات النهائية،شكل بعض غيض من فيض الإختلالات التي مجريات البحث التمهيدي، وتم تضمينها بتقرير مفصل وضعت أوراق تفاصيله على طاولة الوكيل العام، ما يؤشر على قرب انطلاق مجريات محاكمة أخرى في إطار "سرابة" قضايا وملفات الفساد التي نفضت عنها الهيئة القضائية باستئنافية مراكش الغبار، وحاصرت من خلالها بعض الوجوه السياسية البارزة والأطر الجماعية النافذة، بأسباب المتابعة والمساءلة.