كشفت التحقيقات التي يجريها قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، مع بعض المسؤولين المنتخبين السابقين والحاليين وبعض الأطر الإدارية بالمجلس الجماعي، عن جملة من الحقائق الصادمة، التي تكشف في بعض تفاصيلها،عن الطريقة التي ظلت متبعة في صرف مالية البلدية،والتي تنهل في أساسها من مبدأ"المال السايب..". ظل أهل الحل والعقد بالبلدية يسخرون المال العام وسينفقونه على أغراض وأهداف، لا تربطها بمصلحة المدينة وساكنتها سوى الخير والإحسان، وتشتم منها رائحة"جود أمسعود، بخليع ليهود". ظلت رئيس القسم الإقتصادي والإجتماعي ونائب العمدة المفوض له حينها الإشراف على القسم المذكور ، يستقبلون أستاذا جامعيا يعمل بالبيضاء، ويوفرونه له ظروف إقامة مريحة بأحد بفندق مصنف، تؤدى مستحقاته من "فلوس البلدية" في غياب أي رابط بين "الضيف المكرم" ومصالح الجماعة. مديرة ديوان عمدة الرباط الأسبق، وبعض أعضاء مجلس مراكش وزوجاتهم، تمت تغطية نفقات إقاماتهم ولوازمهها من مالية الجماعة دون موجب حق أو قانون،وفي غياب أدنى مبرر من شأنه منح التغطية القانونية لهذه الطريقة في صرف المال العام. الكرم الحاتمي امتد للأجانب، فتم في أكثر من مناسبة استقبال مستشارة رئيسة مجلس الشيوخ السنغالي وتخصيصها بإيواء وإطعام من المستوى الرفيع، بالرغم من الزيارات كانت تدخل في صلب سهرها على مصالحها الخاصة. مفتش مركزي بوزارة الداخلية وشخص يقيم بفرنسا، كانا بدورها في مرمى تغطية نفقات إقامتهما داخل وخارج التراب الوطني، التي تؤدى من حسابات المجلس الجماعي، فيما لم يتردد أهل البلدية في تمتيع كاتبة احد نواب العمدة، بأداء مستحقات إقامتها وزوجها خلال رحلة لقضاء شهر العسل، ظل رئيس القسم الإقتصادي كذلك يتردد في أكثر من مناسبة على مدينة الجديدة،وتفرد له مساحة شاسعة من المال العام ،لتغطية نفقات الأكل والإقامة،دون أي مبرر أو تفسير مقنع. أهل حزب "العاود" كانوا بدورهم محط كرم البلدية،باعتبار انتماء أقطاب تسييرها لهذه الهيئة السياسية، فلم يتردد مثلا عبد الله رفوش النائب الأول للعمدة حينها،من كراء حافلة على حساب مالية الجماعة لنقل شبيبة الحزب لمخيم الجديدة،وهي العملية التي تمت فيها المصادرة على المال العام باسم" الأعمال الإجتماعية للمجموعة الحضرية التي كان يرأسها المنسق الجهوي لشبيبة الحزب، وهي العملية التي تتنافى ومنطوق كشوفات وزارة الشبيبة والرياضية الخاصة بالإستفادة من المخيم الصيفي والتي تؤكد بأن المراسلة تمت باسم الشبيبة الدستورية،وليس باسم المصالح البلدية. بعض الموظفين من اعضاء الحزب ذاته،كانوا ينخرطون في زيارات لمدينة مارسيليا الفرنسية تحت يافطة "بعثات" وتتم تغطية نفقاتها من أموال الجماعة، بالرغم من كونهم مصنفين في أدنى السلالم ( السلم 1-2 و5)، مع ركن الاطر الادارية على الرف، وبالتالي السؤال حول الأسباب الحقيقية لهذه الزيارات ومردوديتها النفعية على تسيير المرفق. محمد نكيل نائب العمدة المفوض له تدبير وتسيير شؤون القسم الإقتصادي، وكاتب المجلس الحالي،كان بدوره محط كرم مالية الجماعة، عبر تدشينه لعدة سفريات شخصية خاصة لمدينة فاس وإقامته بفنادق باذخة على حساب الجماعة، في غياب أية وثائق رسمية توثق للرحلات وتكشف عن طبيعة المهمة التي استدعت تمتيعه بهذا النوع من" التفجاج". امتدت مظاهر العبث إلى قيام المعني بإصدار جملة من الرخص الاقتصادية في عز الحملة الإنتخابية، مع تمكين منتخبين من طبع ملصقاتهم الإنتخابية من مالية البلدية،وكذا كراء السيارات. أما بالنسبة للجمعيات الوهمية التي استفادت من عشرات الملايين من السنتيمات، والتي كان يقف وراءها منتخبون وأعضاء بالمجلس،فحدث ولا حرج، بل امتد الأمر إلى تمتيع بعض الجمعيات بحصة من الكعكعة بالرغم من تواجدها خارج النفوذ الترابي للجماعة، وكذا تقديم هدايا قيمة لجهات ولأسباب لا يعلمها إلا القيمون على الشأن المحلي حينها. مظاهر التسيب التي كشفت عنها التحقيقات، عرت عن تخصيص مبالغ قيمة لإحدى الجمعيات المعنية بفئات العجزة بمنطقة الداوديات، والتي ظلت محط رعاية وعناية أحد نواب العمدة في إطار حسابات انتخابية ضيقة، كلفت بدورها مبالغ مالية لاقتناء بدل رياضية وبعض المعدات الرياضية ضمنها ملابس وكرات، حيث كان السؤال المحير عن علاقة العجزة بهذا النوع من اللوازم. سفريات أبناء بعض الأعضاء لدولة أوكرانيا لاستكمال دراستهم، تمت تغطية نفقاتها برحابة صدر صادمة من مالية الجماعة مساحة الهدر ستمتد إلى تسجيل أرقام فلكية لتغطية بعض الأنشطة السريالية،من قبيل صرف 12 مليون سنتيم بمبرر تصوير حفلات الجماعة،استفاد منها مختبر بعينه بباب دكالة، فيما المصالح البلدية لا تتوفر على أي أرشيف للصور يبرر كل هذه النفقات. مؤثمر اللبرالية الأممية الذي استقبله حزب الإتحاد الدستوري، تم ت تغطية نفقاته على حساب الجماعة بالرغم من كون الأمر يدخل في صلب النشاطات الحزبية، البعيدة كل البعد عن تسيير الشأن المحلي بمدينة الرجالات السبع. كان بعض الأعضاء وفي إطار حملات انتخابية خارج الزمن الإنتخابي، يعمدون إلى تنظيم حملات ختانة،لوجه الله وبمال البلدية. جمعية الأعمال الإجتماعية لموظفي ومتقاعدي البلدية التي يوجد محمد مزري رئيسها السابق قيد التوقيف والإعتقال، بتهمة تبديد أموال عمومية خاصة بالجمعية المذكورة، تم تخصيصها بمبلغ 200 مليون ستنتيم بالتمام والكمال، بالرغم من وضعيتها غير القانونية حينها، ما يجعل السؤال مشروعا،حول حالة الإستعجال التي دفعت بالمسؤولين لتمرير كل هذا المبلغ لجمعية لم تستوف بعد شروط تواجدها القانوني. مجال كراء السيارات كان بدوره في قلب مظاهر التبديد والتبدير، حيث كشفت التحقيقات عن تمتيع ثلاث موظفين يعلمون بالقسم الإقتصادي والإجتماعي ب"التبختير" على متن سيارات كراء تؤدى مستحقاتها من مالية الجماعة، شأنهم في ذلك شأن إمام احد المساجد بالمدينة، فيما تمت تغطية نفقات تذاكر رحلات جوية لابن احد المنتخبين من نفس المال العام. علاقة المقاولين المستفيدين من صفقات البلدية، ببعض نواب العمدة ورئيس القسم الاقتصادي والاجتماعي كانت بدورها في صلب التحقيقات، تماما كما هو الشأن بالنسبة لصفقات التسوية غير القانونية، وسبب انسحاب شركة"الساتيام" من صفقة النقل الخاصة بأطفال المخيمات لفائدة شركة يسيرها شقيق المسؤول الاول بالبلدية. مهنة المتاعب وأصحابها ،كانوا بدورهم محط كرم حاتمي من طرف أهل الحل والعقد بالمجلس الجماعي. فطاقم القناة الثانية الذي حل بالمدينة لانجاز إحدى حلقات برنامج"أبواب المدينة" والمكون من ثمانية عناصر، تمت تغطية نفقات إقامتهم وإيوائهم من أموال الجماعة، بالرغم من أن غدارة القناة قد خصصت الغلاف المالي الكفيل بتغطية نفقات عناصرها. أحد الصحفيين بذات القناة، ظل يتردد على المدينة الحمراء في أكثر من مناسبة، وتفرد له غرف أنيقة بفنادق مصنفة وإطعام من المستوى الرفيع،وتؤدى دائما من أموال البلدية،دون أي سبب يبرر هذا الكرم. اللقاءات الإعلامية التي كان ينظمها العمدة، كانت تؤدى فاتورة ضيوفها الصحفيين من صندوق الجماعة، بنفس القوة التي كانت تتم بها تغطية نفقات طبع وإصدار جريدة محلية، في ملكية أحد نواب العمدة، وكذا واجبات إصدار إحدى المجلات وأقراص مدمجة، خصصت للرواج الإنتخابي لحملة عمدة المدينة. وحتى تمتد مساحة العبث،فقد تم الوقوف على حقيقة قيام بعض الموظفين بالتوقيع على أذونات الإيواء المومأ إليها، دون توفرهم على الصفة القانونية والإدارية التي تخولهم حق القيام بهذه التوقيعات.
وكانت الشرارة التي اوقدت نيران القضية وألقت بحجر في مياه بركتها الراكدة ، قد انطلقت بشكاية تقدمت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب فرع مراكش،تطلبت تحقيقات ماراطونية من الشرطة القضائية التي انجزت محضرا تضمن مجمل فصول مظاهر"التخربيق" التي أحاطت بالموضوع، ليكون قرار الوكيل العام بمراكش بتحريك المتابعة وإحالة ملفها على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال.، للتحقيق مع الأظناء بالتهم الثقيلة الموجهة إليهم من عيار تبديد أموال عمومية، تزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها،والحصول على فائدة في مؤسسة يتولاها بالنسبة للعمدة السابق وزين الدين الزرهوني رئيس قسم الشؤون الثقافية والرياضية والإجتماعية. نار المتابعات القضائية المذكورة، تهدف إلى كشف مجمل الظروف والملابسات المحيطة بهذه الطريقة السريالية في صرف مالية الجماعة. تضمنت قائمة المتابعين في هذه القضية، بالإضافة إلى إسم عمر الجزولي العمدة السابق ونائبه الأول عبد الله رفوش المشهور بولد العروسية ، محمد نكيل النائب السابق لرئيس المجلس الجماعي المفوض له تدبير وتسيير قسم الشؤون الثقافية والرياضية والإجتماعية، ولازال يتولى مهمة كاتب المجلس، حيث تميز مسار الرجل بالنجاح في القفز على الحواجز الاجتماعية، حيث تحول في ظرف وجيز من مستخدم يعمل بالاجرة،الى احد الوجوه المعروفة في مجال العقار بالمدينة، اطر وموظفين جماعيين،يوجدون بدورهم في مرمى سهام المتابعة المذكورة، ضمنهم زين الدين الزرهوني رئيس قسم الشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية، و رئيسة مصلحة العلاقات الخارجية، والعربي بلقزيز رئيس الكتابة الخاصة للعمدة السابق. وكانت هيئة الحكم بالمجلس الجهوي للحسابات، قد سبق لها ان وقفت على بعض مظاهر هذه الوقائع والحقائق الصادمة،واصدرت في شانها احكام بغرامات مالية في حق بعض المتابعين، لتكون المتابعة الجديدة بمثابة المجهر الذي سيعمل على كشف أدق تفاصيل وخبايا هذا الواقع الذي ظل ينخر مالية المدينة،ويدخلها متاهة"اللي عنذو شي درهم محيرو، يشري بوفروادي ويطيرو".