لازال عمر الجزولي العمدة الأسبق لمراكش ونائبه القوي وزميله في الحزب عبد الله رفوش (ولد العروسية) مجبرين رفقة بعض الأطر الجماعية على قطع رحلات مكوكية أسبوعية، تجاه مبنى محكمة الاستئناف بالمدينة، بناء على قرار هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية زوال أول أمس الخميس، تأجيل النظر في القضية التي تتابع على خلفيتها المجموعة المذكورة إلى جلسة الخميس المقبل لاستكمال المرافعات. وقد بدا واضحا من خلال الجلسات السابقة، أن دفاع المتهم الرئيسي عمر الجزولي قد أسس استراتجيته الدفاعية على محاولة النأي بموكله عن كافة التهم التي سيجته، عبر الإلقاء بحبل مسؤوليتها تجاه عنق زين الدين الزرهوني الرئيس الأسبق لقسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية المتابع في الملف ذاته. اعتبر دفاع العمدة، أن موكله وبالرغم من كونه الآمر بالصرف والمؤتمن على تدبير وتسيير أموال الجماعة، فإن كل القرائن والاعترافات المتضمنة بقرار الإحالة من طرف قاضي التحقيق تبين بما لا يدع مجالا للشك، بأن رئيس القسم ظل يشكل المخاطب الأول والأخير في تغطية نفقات الإيواء والإطعام للمستفيدين من «كرم البلدية». «تبديد أموال عمومية وتزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها والحصول على فائدة في مؤسسة يتولى تسييرها»، شكلت قائمة التهم الثقيلة التي خلصت إليها قناعة قاضي التحقيق وطوق بها أعناق المتهمين. وكان الأظناء الذين يتشكلون من عمر الجزولي وعبد الله رفوش وكذا زين الدين الزرهوني وعبد العزيز بلقزيز، الذي كان ينهض بمهمة مدير ديوان العمدة على عهد رئاسة المتهم الرئيسي، قد عجزوا عن إثبات براءتهم أمام هيئة الحكم بالمجلس الجهوي للحسابات، التي أحاطتهم بغرامات مالية كل حسب مسؤوليته في القضية، قبل أن تتلقفهم فضاءات غرفة الجنايات، إيذانا بانطلاق الشوط الثاني من المتابعة القضائية. ضيوف ثقال سخر لهم المتهمون زمن تربعهم على مقاليد تسيير الشأن المحلي ببهجة الجنوب أموال البلدية، للتنعم وقضاء سفريات مخملية، دون أن يقدموا للمدينة أي خدمة تبرر كل هذا البذخ الذي غطى حلهم وترحالهم داخل المغرب وخارجه. الأستاذ الجامعي والصحفي الإعلامي والإطار المفتش بوزارة الداخلية، كلها شخصيات استفادت من الريع البلدي، وأفردت لها مساحات كرم حاتمي انطلقت من الاستضافة بفنادق فخمة بمراكش، لتصل إلى التكفل بكامل مصاريف الإقامة والسياحة بالبلاد الأجنبية. الكرم الحاتمي امتد للأجانب، فتم في أكثر من مناسبة استقبال مستشارة رئيسة مجلس الشيوخ السنغالي وتخصيصها بإيواء وإطعام من المستوى الرفيع، بالرغم من كون الزيارات كانت تدخل في صلب سهرها على مصالحها الخاصة. ولأن «الميدة ميدة الله، واللي كرمو المجلس تايتكرم»، فقد اتسعت طاولة الكرم لمنتخبين وموظفين جماعيين وزوجاتهم، مع تحمل مصاريف شهر عسل بمدن مغربية لفائدة بعض هؤلاء. رئيس القسم الاقتصادي لم يستثن بدوره من الاستفادة من هذا الريع البلدي، فكانت تغطى نفقات رحلاته المكوكية لمدينة الجديدة وكل نفقات الأكل والإقامة من المال العام، دون أي مبرر أو تفسير مقنع. منطق «صدقة صدقة، في المقربين أولى»، كانت حاضرة في زحمة هذا الفيض من «التبراع»، فخص بعض من أهل حزب «العاود» الذي كان العمدة يمثل منسقه الجهوي وعضو مكتبه السياسي، بنصيب وفير من هذا الكرم البلدي، وهي الحقيقة التي يجسدها إقدام عبد الله رفوش النائب الأول للعمدة حينها على كراء حافلة على حساب مالية الجماعة لنقل شبيبة الحزب لمخيم الجديدة، وهي العملية التي تمت فيها المصادرة على المال العام باسم «الأعمال الاجتماعية للمجموعة الحضرية» التي كان يرأسها المنسق الجهوي لشبيبة الحزب، الأمر الذي يتنافى ومنطوق كشوفات وزارة الشبيبة والرياضية الخاصة بالاستفادة من المخيم الصيفي، والتي تؤكد بأن المراسلة تمت باسم الشبيبة الدستورية وليس باسم المصالح البلدية. مؤتمر الليبرالية الأممية الذي استقبله حزب الاتحاد الدستوري، تمت تغطية نفقاته على حساب الجماعة بالرغم من كون الأمر يدخل في صلب النشاطات الحزبية، البعيدة كل البعد عن تسيير الشأن المحلي بمدينة الرجالات السبع. بعض الموظفين من أعضاء الحزب ذاته، كانوا ينخرطون في زيارات لمدينة مارسيليا الفرنسية تحت يافطة «بعثات» وتتم تغطية نفقاتها من أموال الجماعة، بالرغم من كونهم مصنفين في أدنى السلالم (السلم 1-2 و5)، مع ركن الأطر الإدارية على الرف، وبالتالي السؤال حول الأسباب الحقيقية لهذه الزيارات ومردوديتها النفعية على تسيير. حقائق ووقائع شكلت بعض غيض من فيض مظاهر «السفه» التي اعتمدت في تدبير مالية الجماعية على امتداد مرحلة بكاملها، تسائل اليوم مجموع المتهمين وتضعهم في قفص الاتهام، بعد رحلة تحقيق ماراطونية، انطلقت قافلتها من محكمة المجلس الجهوي للحسابات، لتحط رحالها بعتبات غرفة الجنايات باستئنافية مراكش، فيما كل طرف يحاول التملص من المسؤولية والإلقاء بكرتها في مرمى الطرف الثاني وفقا لمبدأ «كثيرون عند الطمع، قليلون عند الفزع». إسماعيل احريملة