أرجأت هيئة الحكم بغرفة الجنح التلبسية بابتدائية مراكش النظر في قضية مدير ملحقة تابعة للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء ( الراديما)، وتأجيل البت في اتهامه بالنصب والتزوير في محررات تجارية وخيانة الأمانة،إلى غاية الأسبوع المقبل. أزيد من 100 مليون سنتيم من مستحقات زبناء الوكالة، وضعها المتهم في مهب الريح، وحولها إلى رأسمال خاص، تم توظيفه في تجارة السيارات المستعملة، واعتماده في تحريك"ناعورة" مشروعه بعيدا عن صناديق المؤسسة. فصول القضية انطلقت مع تقدم صاحب مطعم بالمنطقة السياحية جيليز،ووكيل عقاري يعتمد في نشاطه التجاري على كراء الشقق المفروشة، بشكايتين إلى المدير العام السابق للراديما، يحتجان من خلالها ويتساءلان عن الأسباب التي جعلت الوكالة تقطع عليهم خط التزود بالتيار الكهربائي وصبيب مياه الشرب، بالرغم من وفائهما بكل التزاماتها وأداء جميع المستحقات المالية المترتبة عن استهلاك هذه الطاقة، ما يدخل الإجراء المتخذ في حقهما خانة الشطط والإخلال ببنود العقد الذي يربط بينهما من جهة وبين مصالح المؤسسة. ظلت الشكايتين تراوحان مكانهما دون ان يتوصل اصحابها باي جواب، من شأنه وضع حد لحالة التيه والإستغراب، ليشرعا واعتمادا على مجهوداتهما الشخصية، في استقصاء الأخبار والنبش في حقيقة الأمور وما يجري ويدور بدواليب الوكالة. مجهودات اسفرت عن وقوفهما على حقيقة صادمة، عمادها الأساس أن مدير الملحقة الذي كانا يأثمنانه ويوسطانه في استخصلاص مستحقات استهلاكهما للماء والكهرباء، قد استغل ثقتهما ولهف منهما مبلغ 30 مليون سنتيم بالنسبة للمشتكي الأول،و20 مليون سنتيم بالنسبة للثاني تم أداؤها في شكل شيكات بنكية أدوا بها الواجبات المترتبة في ذمتهما، واستخلصها المتهم دون قيامه بعملية السداد. أمام هذه الحقيقة، وبعد أن سدت في وجوه المشتكيان أبواب الحلول المرضية، اضطرا إلى إلقاء كرة قضيتهما في مرمى النيابة العامة، وتحرير شكايتين في شأن ما تعرضا له من ذيول النصب والإحتيال. شرعت عناصر الشرطة القضائية في وضع القضية تحت مجهر تحقيقاتها، وانتهت إلى جملة من المعطيات والحقائق، تحددت أساسا في كون مدير الملحقة المتهم، كان يعتمد طريقة غاية في الدقة والإتقان لتحريف مسارات أموال الملزمين والزبناء، عبر لجوئه إلى أداء ما تراكم من ديون في حقه لفائدة زبناء سبق لهم أن ادوا واجبات استهلاكهم نقدا، بواسطة شيكات زبناء آخرين، مع استخلاصه مبالغ نقدية من واجبات استهلاك الزبناء من الماء والكهرباء، وتسليمهم وصولات أداء. مباشرة بعد مغادرة الزبناء المعنيين لفضاء الوكالة وهم مطمئنون لتسوية أوضاعهم وأداء ما يطوق أعناقهم من مستحقات وواجبات، يعمد المعني إلى إلغاء عمليات الإستخلاص من الحاسوب الخاص بالوكالة، ويحتفظ لنفسه بالجمل وما حمل. أما عن أوجه صرف كل المبالغ المسحوبة ،فقد بينت التحقيقات توظيفها في مجال تجارة السيارات المستعملة، حيث تبين اقتناؤه لسيارة من نوع"إكس3 بي إم دوبل في"، بمبلغ 43 مليون سنتيم. إدارة المؤسسة التي تفاجأت بتهاطل وابل من الشكايات، من طرف زبناء فوجؤوا بقطع التيار الكهربائي وخط الماء الشروب عن محلاتهم ومنازلهم،بالرغم من أدائهم لكل واجبات الإستهلاك المترتبة في ذمتهم،قررت فتح تحقيق داخلي لاستجلاء حقيقة الوضع،وأسباب نزول هذه الوقائع والأحداث الشاذة ،التي لا تستقيم وصرامة النظام المعلوماتي المعتمد في تدبير علاقة المؤسسة مع زبنائها. اعترف مدير الملحقة باقترافاته المذكورة، وأحيل على المجلس التأديبي الذي انتهى بتجريده من مهامه كمسؤول بالملحقة وتخفيض رتبته، مع توقيفه عن العمل لمدة 5 أشهر، وبالتالي إحالته على مصلحة الموظفين بدون مهمة، وهي القرارات التي تم تسييجه بها بعد إرجاعه للمبالغ المختلسة، دون أن تمنع من تحريك مسطرة المتابعة القضائية في حقه.