ظل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش وفيا لريادته كأول مهرجان عربي ينتج فليما بتقنية الوصف السمعي للمكفوفين وضعاف البصر، حيث عرض مساء الخميس، الفيلم المغربي "جوق العميين"، بالتقنية المذكورة حضره العشرات من المكفوفين. وبالإضافة إلى فيلم جوق العميين للمخرج المغربي محمد مفتكر، عرض المهرجان طيلة أيامه 7 أفلام من أميركا وبلجيكا وكندا وفرنسا توفرت على تقنية الوصف السمعي وهي: "ملكية عارية"، و"وجه لوجه"، و"يوم بلا نهاية"، و"السيد لوهر"، و"مدينة الأطفال المفقودين"، و"الإغراء الأخير للمسيح". وتقوم هذه التقنية على وصف اللقطات والمشاهد الصامتة والحركية غير المُعَبّر عنها في حوار الفيلم. وقام بأداء الصوت الرجالي في الوصف في فيلم جوق العميين الإذاعي المغربي المعروف محمد عمورة، فيما أدت الصوت النسائي عزيزة العيوني، حيث تناوب الصوتان من خلال مشاهد الفيلم. وكان تجاوب المكفوفين الذين يعانون من ضعف شديد في البصر وحضروا عرض الفيلم، واضحا من خلال الوصف المتقن باللهجة المغربية لبعض المشاهد أو الحركات في الفيلم، والتي نالت ضحكاتهم وحتى تصفيقهم. وفي كلمة له قبيل العرض قال محمد مفتكر، مخرج فيلم جوق العميين، إن فيلمه عرض في الكثير من دور العرض في المغرب وخارجه وشارك في عدد من المهرجانات، لكن "عرض اليوم أمامكم له طعم خاص، فأنا فرح جدا لعرض الفيلم أمامكم ومتشوق لمعرفة آرائكم فيه". وقال رشيد الصباحي، المسؤول الإعلامي عن عرض الأفلام المنتجة بتنقية الوصف السمعي لفائدة المكفوفين في المهرجان، إن "إحداث فقرة للوصف السمعي ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش مبادرة فريدة، وهي فقرة ضمن المهرجانات العالمية للسينما، تتيح الفرصة لفئة خاصة من الناس متابعة السينما عن طريق الوصف السمعي". وأضاف أن هذه التقنية "مكّنت المكفوفين من مشاهدة واحد من أهم الأفلام المغربية، الذي خلف صدى كبيرا بعد إنتاجه وعرضه في القاعات السينمائية وطنيا ودوليا، وحاز على العديد من الجوائز. وأشار الصباحي إلى أن "المشاهدين من المكفوفين وضعاف البصر تمكنوا من ملامسة الفيلم من أوله إلى آخره"، معتبرا أن "عملية الوصف السمعي لا تمكنك من التقاط صور الفيلم 100 بالمئة، لكن تعطيك قدرة على ملامسة الفيلم باستقلالية بنسبة أكثر من 80 بالمئة". ودعا إلى تدعيم هذه المبادرة التي وصفها ب"الفريدة" في المغرب عن طريق إنتاج أفلام أكثر، وألا تبقى مقتصرة على إنتاج فيلم وحيد سنويا لفائدة مهرجان مراكش، كما طالب القائمين على القنوات التلفزيونية العمومية المغربية بتبني مبادرة إنتاج برامج وثائقية ودرامية بتقنية الوصف السمعي خصوصا أن إمكانية بثها ممكنة، بحسب الصباحي. وقال في هذا الصدد "المبادرة المغربية في هذا المجال فريدة ويجب أن تستثمرها بطريقة مفيدة حتى نكون رائدين بالنسبة إلى هذه التقنية في العالم العربي وأفريقيا وخصوصا الدول المنتجة للسينما التي لم تدخل بعد غمار هذه التجربة". وأشار إلى أن "دولا عريقة في السينما، كمصر ولبنان وتونس وغيرها لا زالت لم تدخل بعد هذه التجربة، فالمغرب هو البلد الوحيد الذي ينتج فيلما بتقنية الوصف السمعي". يذكر أن فيلم جوق العميين لمخرجه محمد مفتكر فاز بجائزة التانيت الذهبي للدورة 26 لمهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس، أواخر الشهر الماضي. وتعود أحداث الفيلم إلى السنوات الأولى لحكم الملك الراحل الحسن الثاني (1929-1999)، حيث يعيش "الحسين" قائد فرقة موسيقية شعبية (جوق)، وأحد محبي الملك الجديد، مع زوجته حليمة في منزل عائلتها، منزل يعيش طيلة اليوم في صخب مصدره أصوات وإيقاعات الفرقة الموسيقية والرقصات الشعبية، ويضطر أعضاء الفرقة من الرجال إلى الإيهام بالعمى من أجل إحياء الحفلات النسائية، التي تنظمها العائلات التقليدية والقروية. جدير بالإشارة أن المهرجان الدولي للفيلم في مراكش اختتم فعالياته، أمس الجمعة، وتنافس على جوائز المهرجان في المسابقة الرسمية بما فيها الجائزة الكبرى 15 فيلما دوليا.و لم يقع الإعلان عن النتائج إلى حد أمس ويترأس المخرج الأميركي فرانسيس فورد كوبولا المنتمي إلى جيل من السينمائيين المولعين بثقافة "البوب"، لجنة تحكيم الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وستتولى لجنة هذه الدورة من المهرجان تكريم السينما الكندية، حيث يحضرها 25 من الممثلين والمخرجين والمنتجين الكنديين.