شكل موضوع "جيوبوليتيك حوض المتوسط : ترسيم الحدود البحرية وقضايا السلم والأمن الدوليين"، محور ندوة دولية نظمت، يومي ثالث ورابع دجنبر ، بمراكش، بمشاركة أساتذة باحثين من المغرب، ومن الخارج. وقارب هذه الندوة، التي نظمها مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات التابع لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض بمراكش، مجموعة من المفاهيم ، من قبيل الحدود وأهميتها وإشكالية ترسيمها، والسلم والأمن، خاصة في إطار العلاقات الدولية. وأكد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض بمراكش، عبد الكريم الطالب، في كلمة بالمناسبة، أن الندوة تكتسي أهميتها العلمية من خبرة المشاركين المغاربة والأجانب، وتخصصهم في هذا المجال. وأشار عبد الكريم الطالب أيضا إلى راهنية الموضوع، "خصوصا بعد مصادقة المغرب على قانونين لترسيم حدوده البحرية، بما يعزز سيادته واستيعابه للمتغيرات والتحولات على الصعيدين الوطني والدولي". من جهته، أكد رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض بمراكش، السيد سعيد أغريب، أن موضوع الندوة "آني وقديم ومتجدد في الوقت نفسه"، معتبرا أن "أهميته تتجلى في التناقض الظاهر خصوصا في ظل تصاعد أصوات تنادي بفتح وإزالة الحدود الاقتصادية، وبالموازاة مع ذلك تتصاعد أصوات أخرى تنادي بتقسيم الحدود البحرية". وأشار أغريب إلى أن البحر الأبيض مصدر للثروات الطبيعية، مستعرضا، في هذا الاتجاه، مجموعة من المفاهيم، كالسلم والأمن الدولي والسيادة بعد الحرب الباردة. من جانبه، قال مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، إدريس لكريني، إن المختبر اعتاد على تنظيم مثل هذه التظاهرات العلمية، رغم ظروف الجائحة. وسلط الأستاذ لكريني الضوء على "الأهمية الاستراتيجية للمنافذ البحرية، والتي أصبحت من مقومات تعزيز الحضور الدولي، مما أسهم في تصاعد حدة النزاعات على الحدود البحرية"، مشيرا إلى بروز عدد من الاجتهادات الفقهية، التي أثرت على قواعد القانون الدولي في هذا الموضوع. وفي مداخلته الموسومة ب "ترسيم الحدود البحرية: المحددات القانونية والممارسة الدولية" قارب الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل مكناس، السيد محمد البزاز، الموضوع من الجانب القانوني، مشيرا إلى أن "البحار شكلت مهد القانون الدولي، وعبر قواعد قانون البحار تشكلت قواعد القانون الدولي". وقال البزاز إن "الإشكال الكبير في ترسيم الحدود البحرية يرجع الى المرجعية القانونية. إذ تعددت الأنظمة القانونية التي جاءت بها اتفاقية قانون البحار، مما يطرح صعوبة كبيرة في تحديد الحدود البحرية". أما أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بفاس، عبد العالي بوزوبع، فأشار إلى توفر البحر الأبيض المتوسط على ثروات، مما يجعل هذا الفضاء "عرضة للعديد من التحديات التي نتج عنها ازدواجية في التعامل معه من قبل دول الشمال، بحيث تعتبره هذه الدول تارة مصدرا للتهديد، وتارة أخرى سوقا كبيرا". وبحسب بوزوبع، فإن "نظرة دول الجنوب للشراكة مع دول شمال المتوسط تهدف بالأساس إلى تحسين الوضعية الاقتصادية، أما نظرة دول الشمال إلى الشراكة مع دول جنوب المتوسط فهي تختزل في اعتبار الشراكة آلية لمواجهة التحديات والتهديدات المتعلقة بالإرهاب والهجرة". بدوره، أكد الأستاذ الباحث بكلية الحقوق جامعة السلطان قابوس، بسلطنة عمان، عبد الناصر محمد الجهاني، في مداخلته، التي تناولت "أثر نشاطات تهريب المهاجرين على استقرار وأمن حوض البحر المتوسط"، أن "تهريب المهاجرين يمس سيادة الدول"، مشيرا إلى آثار "نشاطات تهريب المهاجرين على أمن الحوض المتوسطي". وقدمت الأستاذة حنان مراد (دكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بالمحمدية)، في مداخلة بعنوان "التهديدات البحرية في حوض البحر المتوسط وتداعياتها على الأمن الدولي -التلوث البحري نموذجا"، نظرة عامة عن ظاهرة التلوث البحري، وما تشكله من تهديد للأمن والسلم الدوليين. كما تطرق فريد زفران (أستاذ القانون العام، فرنسا)، فتطرق في ورقته، التي قاربت موضوع "الجدلية بحوض البحر الأبيض المتوسط، رهانات المواجهة العسكرية الدولية"، إلى التاريخ والحضارة المشتركة لدول منطقة بحر المتوسط، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق "بمنطقة استراتيجية لها حضور وازن في النسق الدولي، وعلى الرغم من ذلك فهناك تضارب في تحديد الحدود بالمتوسط، مما ساهم في بروز مجموعة من النزاعات والصراعات الثنائية والمتعددة الأطراف". وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة الدولية، التي نظمت بشكل حضوري وعن بعد، توزعت أشغالها على أربع جلسات علمية، بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية، وعرفت تقديم 19 ورقة بحثية، من قبل أساتذة وطلبة باحثين من المغرب، وبريطانيا، وروسيا، وسلطنة عمان، والأردن، والعراق، وفرنسا.