أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بمحكمة الاستئناف بمكناس، الخميس الماضي، قرارها في الملف رقم 15/4774، وأيدت الحكم المطعون فيه بالاستئناف، الصادر في الملف الجنحي التلبسي الابتدائي عدد 15/1925، القاضي بإدانة (م.س)، الرئيس السابق لجماعة تولال بمكناس، بسنة حبسا نافذا، وتغريمه مبلغ 5000 درهم، وأدائه لفائدة المطالب بالحق المدني(م.ب) تعويضا قدره 20 ألف درهم، بعد مؤاخذته من أجل الإرتشاء وطلب وتسلم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال وظيفته العامة. تفجرت القضية عندما حضر المسمى (م.ب)، صاحب محل لبيع مواد البناء، إلى مكتب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمكناس للتبليغ عن تعرضه للابتزاز من قبل المتهم، مصرحا أن الأخير، الذي يشغل مهمة رئيس الجماعة الحضرية لتولال، الواقعة في النفوذ الترابي لعمالة مكناس، يطالبه منذ مدة بدفع رشوة بقيمة خمسة آلاف درهم، بعدما مكنه بتاريخ 13 غشت الماضي من شهادة جبائية سبق له أن تقدم بطلب الحصول عليها من الجماعة نفسها. وأوضح المشتكي أنه ظل يماطل المسؤول الجماعي ويطلب منه إمهاله بعض الوقت إلى حين تدبر المبلغ المالي موضوع الرشوة، قبل أن يقرر بإرشاد من دفاعه مراجعة الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمكتبه للإبلاغ عن واقعة ابتزازه. وأضاف أن المعني بالأمر ظل يتصل به بشكل متكرر عبر هاتفه المحمول، بل وبلغ به الأمر إلى البحث عنه بمحله التجاري لمطالبته بدفع الرشوة، متوعدا إياه، في حال إصراره على عدم تمكينه منها، بحرمانه لاحقا من حقه في الحصول على وثائق إدارية أخرى من الجماعة التي يرأسها، حسب تصريحه. وأكد المشتكي أنه تمكن من تدبر مبلغ خمسة آلاف درهم وأنه من المقرر أن يلتقي في اليوم عينه بالمسؤول الجماعي بمقهى تقع في الطريق الوطنية الرابطة بين مكناس والخميسات من أجل تسليمه المبلغ، مدليا بقرص مدمج يتضمن تسجيلا صوتيا مدته دقيقتان و27 ثانية لمكالمة هاتفية دارت بينهما.
وتنفيذا لتعليمات مباشرة من الوكيل العام للملك باستئنافية مكناس، الرامية إلى مرافقة المشتكي والعمل على ضبط المشتكى به في حالة تلبس بتلقي الرشوة موضوع المتابعة، وبعد نسخ الأوراق المالية المكونة لمبلغ خمسة آلاف درهم المفترض تسليمه إلى الظنين والاحتفاظ بنسخ الأوراق المالية، وبناء على موعد محدد بين الطرفين، انتقلت عناصر الضابطة القضائية إلى المقهى، وبعد مرور فترة قصيرة التحق المتهم بطاولة كان يجلس بها المشتكي ودخلا معا في حديث لم يدم طويلا، قبل أن يقوم الأخير بتسليم جليسه المبلغ المالي لكنه رفض تسلمه، لينهضا معا ويترجلا سويا وسط حديقة المقهى وتوجها صوب موقف السيارات الداخلي، حيث انزويا بعيدا عن أنظار رواد المقهى وهناك تسلم المتهم المبلغ ووضعه في الجيب الأيمن لسرواله، وفي تلك اللحظة تمت مباغتة المشتكى به، الذي أبدى مقاومة لرجال الأمن وحاول الفرار. وبعد إخضاعه لتفتيش جسدي دقيق عثر بحوزته على مبلغ 5000 درهم عبارة عن تسع أوراق نقدية من فئة 200 درهم و32 ورقة نقدية من فئة مائة درهم، تبين في ما بعد أنها تحمل أرقاما تسلسلية متطابقة مع تلك التي تم استنساخها. وبعرض المبلغ عليه أقر أنه تسلمه للتو من مرافقه معتبرا إياه جزءا من مبلغ 8200 درهم سبق أن أقرضه للمشتكي منذ مدة تزيد عن 18 شهرا، عندما قصده بمكتب المحاسبة الذي يسيره بالمدينة الجديدة (حمرية) وأبلغه حينها أنه يمر بضائقة مالية وطلب منه أن يقرضه مبلغ مليون سنتيم، لكنه لم يكن يتوفر ساعتها إلا على مبلغ 8200 درهم مكنه منه، والتزم شفويا برد الدين في أجل محدد في عشرة أيام، مضيفا أن المشتكي لم يف بالتزامه، ما جعله يتصل بها ويطالبه بإرجاع المبلغ المذكور . وهي التصريحات نفسها التي أكدها ساعة محاكمته، مبرزا أنه تعرض ل»مؤامرة» من قبل اثنين من مستشاريه في الجماعة تصفية لحسابات سياسوية. وتأتي إدانة الرئيس السابق لجماعة تولال بعد أقل من شهرين على تصريح الغرفة عينها بتأييد القرار المطعون فيه بالاستئناف، القاضي بإدانة (ع.ح)، الرئيس السابق للجماعة القروية الدخيسة، الواقعة في النفوذ الترابي لعمالة مكناس، بسنة حبسا نافذا، بعد مؤاخذته من أجل طلب وقبول وتسلم عرض مالي من أجل القيام بعمل يدخل في وظيفته بصفة مركزه النيابي، وطلب وقبول وتسلم عرض مالي من أجل تمكين شخص من منفعة، مع تخفيض مدة منعه من الترشح للانتخابات إلى خمس سنوات بدلا من عشر.