أكد المشاركون في المنتدى الإسباني المغربي " الأندلس والمغرب .. التربية في إطار التنوع " أمس الاثنين على ضرورة دعم وتقوية التربية الشاملة والتشاركية باعتبارها تشكل أفضل سلاح ضد التعصب وعدم التسامح والإقصاء كما تساهم في تثمين قيم التنوع داخل المجتمع . وأضاف العديد من الخبراء والباحثين الجامعيين والفاعلين في النسيج الجمعوي ومكونات وهيئات المجتمع المدني خلال هذا المنتدى الذي نظمته " مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط " في إشبيلية (جنوب إسبانيا ) بشراكة مع الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أن التعدد الثقافي والتفاعل بين روافد مختلف الثقافات بكل تمظهراتها تظل آليات حاسمة لمواجهة التطرف المتنامي ورفض الآخر مؤكدين على أهمية دور التربية والتعليم في تشكيل القيم الإنسانية وتكريسها في عقول الناشئة خدمة للعيش المشترك . ولاحظوا أن التعددية الثقافية تصبح مطلوبة أكثر عندما يتعلق الأمر بإدماج التلاميذ الذين ينحدرن من أسر مهاجرة ضمن المجتمع المستقبل مستعرضين في هذا الإطار العديد من التجارب التي تضمنتها مختلف الأنظمة التربوية والتعليمية سواء بمنطقة الأندلس أو بالمغرب . وقال جواد الدقيوق مدير التعاون والدراسات والتنسيق القطاعي بالوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة إن التربية والتعليم تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للأجيال الجديدة التي تنتمي إلى الأسر المهاجرة خاصة في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم والموسومة بالتنقلات المكثفة للمهاجرين واللاجئين الذين يبحثون عن الاستقرار وتحسين ظروف المعيشة . وأكد أن التعليم الفعال والنافع يبقى أفضل رد على كل المشاكل والإكراهات التي تواجهها الأجيال الجديدة من المغاربة المقيمين في إسبانيا مضيفا أنه على الرغم من التدابير المصاحبة والدعم المدرسي الذي تم اعتماده من أجل ضمان اندماج التلاميذ الذين ينحدرون من أسر مهاجرة فإن العديد منهم يغادر فصول الدراسة في سن مبكرة أو يتوجه إلى شعب وتخصصات مهنية لا تساعده على تنمية قدراته ومهاراته . وأوضح جواد الدقيوق أنه لمعالجة هذا الوضع وضعت الوزارة مخطط عمل سيتم إنجازه بشراكة وتشاور مع جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج بهدف بلورة مقاربات جديدة للدعم المدرسي مشيرا إلى أن العديد من الإجراءات والتدابير المصاحبة تم تنزيلها لمواكبة التلاميذ أبناء المهاجرين في دراستهم ودعمهم مع تحفيز الذين يعانون من بعض الصعوبات والمشاكل إلى جانب تنمية وتطوير ملكاتهم وتشجيع ذوي المهارات والكفاءات . وأشاد بكل المبادرات والأنشطة خاصة في ميدان التربية والتكوين التي يتم تنظيمها في إطار الشراكة مع " مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط " والتي تروم بالأساس دعم وتعزيز احترام التنوع وتكريس قيم التسامح والعيش المشترك وتحقيق التنمية المستدامة. ومن جهتها أكدت صونيا غايا شانسيز وزير التربية بمنطقة الأندلس أن التربية والتعليم تظل هي الوسيلة الوحيدة والفعالة لمواجهة عدم التسامح والتعصب مشيرة إلى أن النظام التعليمي على عاتقه واجب ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين التلاميذ الذين ينتمون للجاليات المهاجرة في إطار احترام هويتهم الأصلية.
وأضافت أن منطقة إقليم الأندلس يظل رائدا في هذا المجال من خلال اعتماده لنظام تربوي وتعليمي يولي أهمية قصوى لمصاحبة ودعم التلاميذ الذين ينتمون لأسر مهاجرة كما يولي أهمية خاصة لتقوية وتثمين والاطلاع على ثقافتهم الأصلية . وبدوره دعا ألبير ساسون العضو المؤسس لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات إلى تدبير شامل وفعال للتربية كترياق ضد الإقصاء والتهميش مشيرا إلى أنه عمل صعب يتطلب مجهودات كبيرة لكنه ضروري لدعم وتعزيز التنوع والتعدد الثقافي . وشدد على ضرورة أن يرتكز هذا المجهود المتواصل على المعرفة وعلى العلم باعتبارهما يساهمان بشكل كبير في تسليط الضوء على القواسم والقيم المشتركة بين جميع الثقافات مؤكدا على أهمية الجهود التي يبذلها المغرب في هذا المجال والتي تنسجم مع سياسة المملكة الخاصة بالهجرة التي تؤيد إدماج المهاجرين الذين يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون بما في ذلك الحق في التربية والتعليم . ومن جانبه أشار خوسيه مانويل سيرفيرا غراخيرا مدير " مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط " إلى أهمية هذا اللقاء الذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل مضيفا أن هذا المنتدى يشكل فرصة لتبادل التجارب والخبرات في مجال التربية والتعليم الذي يساهم في تكريس التنوع واحترام قيم التسامح والعيش المشترك . كما دعا إلى جعل التعليم كآلية ومرتكز لتعزيز التفاعل بين الثقافات والتنوع مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل منذ إنشائها على دعم وتقوية الحوار بين الثقافات خاصة بين المغرب وإسبانيا . ويروم المنتدى الإسباني المغربي الذي هو موجه بالأساس للأساتذة والباحثين المغاربة والإسبان المقيمين بمنطقة الأندلس وكذا لمختلف الفاعلين في النظام التربوي والتعليمي وممثلي هيئات ومكونات المجتمع المدني وأفراد الجالية المهاجرة توفير المعرفة اللازمة بشأن تدبير التنوع مع التركيز بشكل خاص على تجربة النظام التعليمي بمنطقة الأندلس في تطوير مدرسة شاملة ومحترمة للتنوع وتركز على النجاح التربوي والتعليمي للجميع . ويندرج تنظيم هذا المنتدى الذي حضر أشغاله فريد أولحاج القنصل العام للمغرب بإشبيلية في إطار برنامج " القنطرة .. جسور للحوار والتعايش " الذي تنفذه مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط بشراكة وتعاون مع الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة . ويحضر أشغال هذا المنتدى الذي ينظم بشراكة وتعاون مع وزارة التربية والتعليم بإقليم الأندلس ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ومجلس الجالية المغربية بالخارج وعدة شركاء آخرين ويستمر يومين باحثون وخبراء ومتخصصون في قضايا التربية والتعليم وعلاقاتها مع الهجرة .