مؤتمر باريس بشأن تغير المناخ “كوب 21 ” قمة دولية جرت بمدينة الأنوار في فرنسا ، ما بين 30 نوفمبر و11 ديسمبر 2015. و فيه تم إقرار العديد من الإتفاقيات بهدف الحد من الإحترار العالمي لدرجتين فقط. شارك في هذا المؤتمر 195 دولة، منهم 158 رئيس دولة وحكومة ، ما يجعل هذه النسخة بالذات أهم وأكبر اجتماع بعد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث دعا الاتفاق جميع الدول المشارِكة سواء الغنية أو الفقيرة باتخاذ عدد من التدابير بشأن تغيير المناخ و ذلك بحصر احترار الأرض بأقل من درجتين مئويتين فوق المستوى الذي كان عليه فيما مضى . وحل هذا الاتفاق محل بروتوكول كيوتو الذي كان قد قرر بمراكش في “إطار كوب 7” . من باريس إلى مراكش، حيث ستحتضن المدينة الحمراء “كوب 22” قريبا ، في إطار رهانٍ متمثل في حماية البيئة وتفعيل آليات التنمية المستدامة، و النهوض بالطاقة المتجددة للمملكة المغربية . فهل يا تُرى ستكون قمة مراكش مجرد محطة أخرى في السلسلة المؤلمة لمؤتمرات المناخ غير المجدية، أم ستحدث اختراقا فعليا، يوصل إلى اتفاق ملزم و طموح بشأن وقف تصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبط بالتلوث الناجم عن نشاطات بشرية متنوعة كما حدث في مؤتمر باريس الذي أُعتبر إيجابيا نوعا ما..؟ من خلال الشعار الذي يرفعه منظمو مؤتمر الأطراف بمراكش، يبدو جليا اعتمادهم واهتمامهم بجانب التنمية المستدامة، هذا ما جاء على لسان كل من ادريس اليزمي المسؤول عن قطب المجتمع المدني، ومحمد بن يحيى المسؤول عن قطب الأحداث الموازية ، اللذان أكدا على ضرورة عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها، خاصة وأن العالم يواجه خطورة كبيرة تتمثل في التدهور البيئي، كما أشارا إلى أن المغرب ، يصدر نسبة ضعيفة من الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري ، وأن المملكة لطالما كانت مهتمة بالبيئة محافظة عليها، عبر مجموعة من الاستراتيجيات المعمول بها في عدد من الدول المُحترمة للثقافة البيئية ، وأهمها استراتيجية حماية البيئة وتنمية الاقتصاد الأخضر . هذا و أوضحت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، معالم الطريق التي سيسير عليها المغرب في إطار “كوب 22″، حيث قالت أن خارطة الطريق تتضمن العديد من المحاور، من بينها العمل على إقناع الدول المتقدمة لرفع طموحاتها لخفض معدلات انبعاث الغازات ، فضلا عن العمل على دعوة الدول من أجل التصديق أو القبول أو الموافقة من أجل الانضمام إلى اتفاقية باريس حول التغيرات المناخية هنا بمراكش . واعتبرت الوزيرة ، أن المحاور الأخرى لخارطة الطريق ، تتعلق بحث الدول على خفض الظواهر المتسببة في الاحتباس الحراري ، إضافة إلى دعم البلدان النامية لإعداد برامج لمواجهة التغيرات المناخية ، ودعم مشاريع الطاقات المتجددة بأفريقيا.
وإذا كان مؤتمر باريس قد نجح نوعا ما في جعل الجميع متفقا بشأن رهان المناخ، رغم تباين مصالح كل بلد حسب نواياه الصناعية، فإن الرهان الحقيقي لمؤتمر مراكش يكمن في الانتقال الى الفعل، والتزام الأطراف الموقعة بالتخفيف أو الملاءمة مع التغيرات المناخية التي أزّمت من الوضع البيئي العالمي، حيث يعتبر هذا هو الرهان الأكبر الذي تحتاج المملكة المغربية لإنجازه لوضع إسمها كأكثر الدول المحافظة على البيئة والساهرة على احترامها. و قد تكون هناك العديد من المعيقات التي يجب على المنظمين ضبطها، وأهمها مسألة الأمن، خاصة في ظل ما يعرفه العالم من حالات إرهابية عصفت بجل دوله الكبيرة المحتضنة لأكبر التظاهرات والإتفاقيات، فما وقع في باريس السنة الماضية من مظاهرات منددة بكوب 21 ، وما حصل أول أمس قبيل افتتاح الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو البرازيلية، والتي قتل فيها ستة أشخاص في هجوم مسلح، يجب أن يكون عِبرةً للسلطات الأمنية للوقوف على كل كبيرة و صغيرة لإنجاح القمة المناخية العالمية بمراكش.