تشكل صلاة التراويح في الغابون لحظات خشوع وتأمل تلتقي عندها الجاليات المسلمة يوميا في مختلف مساجد هذا البلد للتقرب الى الله في هذا الشهر الفضيل. وتكتسي صلاة التراويح بمسجد الحسن الثاني في ليبروفيل، الذي يمثل نقطة تجمع والتقاء لا غنى عنها للجاليات المسلمة في الغابون، بعدا خاصا، حيث يؤمها إمامان، مغربي ومصري، في أجواء تطبعها روح الانسجام وتسودها قيم التسامح والتعايش التي تمثل جوهر الشريعة الإسلامية السمحاء. وينعكس هذا الانسجام الواضح بين الإمامين على المصلين الذين تسمو بهم مختلف قراءات كتاب الله العزيز الى عوالم روحانية تستعيد بها الأنفس سلامها الداخلي. وفي هذا الصدد، أشار الامام المغربي ادريس الشرفي الى أن "وسطية القرآن تجمع بيننا بالرغم من الاختلافات الثقافية، وأحيانا الإثنية واللسانية"، مبرزا دور مسجد الحسن الثاني الذي يعكس قيم المملكة المغربية التي ترفض أي تعصب كيفا كان نوعه. وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الإمام الشرفي، الذي أوفدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضمن وفد يضم نحو 422 إماما وخطيبا لضمان التوجيه والتأطير الديني لمغاربة العالم، أن مسلمي الغابون ممتنون لحضور أئمة أجانب الى بلدهم لتلبية احتياجاتهم في ما يخص التفقه في أمور العبادة. وقال إنه راض وسعيد بأجواء الشهر الفضيل في هذا البلد الصديق، معربا عن مدى ابتهاجه بالتدفق الكبير الذي يشهده المسجد من قبل المصلين من رجال ونساء وخاصة الشباب منهم، من أجل اغتنام فضائل هذا الشهر تطهرا وتقربا الى الله تعالى وطلبا لمغفرته ورضوانه. وفي معرض إشارته الى الدروس الدينية التي تنتظم على مدى الشهر الفضيل، حرص الإمام الشرفي على إبراز التفاعل الحاصل أثناء إلقائها بين المحاضرين والحضور الذين لا تكاد تمر هذه اللقاءات دون اقتناصهم لفرص الاستزادة والتوسع في معرفة شؤون دينهم. وفي هذا الصدد، أوضح أن هذه اللقاءات الدينية تم الحرص خلالها على تقريب تعاليم وقيم الإسلام، بما فيها التسامح والاعتدال والوسطية، والإجابة على أسئلة الحضور. ولفت الإمام المغربي الى أن غالبية هذه الأسئلة تتمحور حول فروض الصلاة والوضوء والغاية الحقيقية من فريضة الصيام وفقا للسنة النبوية الشريفة، وتبتغي التعرف على مبطلاتها وكيفية معالجة مفسداتها. وخلص إلى أن هذه المهمة مكنته على مستوى هذا البلد من معايشة تجربة إنسانية ثرية، ولها خصوصيتها على المستويين الروحي والإنساني. تجدر الإشارة الى ان مسجد الحسن الثاني، الذي كان افتتح يوم الجمعة 11 فبراير 1983 بليبروفيل، ما فتئ يشيع قيم التسامح والإنسانية التي تنادي بها الشريعة السمحاء، ويساهم في إشعاع الإسلام في الغابون، على وجه الخصوص، وإفريقيا عموما.