خرجت جماعة العدل والإحسان، عن صمتها بعد إغلاق وتشميع ثلاثة مقرات تابعة لها، مؤكدة "أن هذه الحملة التي تستهدفها ترجع بالأساس إلى تمسكها بمواقفها وانحيازها إلى قضايا الشعب المغربي، و اصطفافها إلى جانب القوى المطالبة بالحرية والكرامة والعدل، والمناهضة للفساد والاستبداد الذي بات يحن أكثر من أي وقت مضى إلى التغول والاستفراد بالسلطة والثروة. وتابعت الجماعة في بلاغ لها :"يعرف الخاص والعام جماعة العدل والإحسان بأنها حركة سلمية وعلنية وقانونية منذ عقود، ويعلم كل متتبع لمسارها الحركي دورها الاستيعابي والتأطيري والوقائي ضد كل أفكار التشدد والغلو حتى صارت ملاذا تربويا وسياسيا لفئات عريضة من المغاربة، وخاصة الشباب، من مختلف الشرائح والمناطق، ويعرف المهتمون بالمغرب وخارجه أنها نجحت في دعم التدين الرشيد واستقرار البلاد، رغم الحصار المضروب عليها، وعلى أنشطتها وأعضائها ودعوتها، والذي لم يزدها إلا انتشارا وقبولا وتمسكا بمنهاجها الرافض للسرية والعنف، والحريص على العمل في إطار القانون. وهذا ما أكدته أحكام متواترة للمحاكم بمختلف درجاتها رغم علات هذه القوانين". وشددت الجماعة على : "أن لجوء المخزن إلى هذا السلوك البدائي لن يؤثر على تصور جماعة العدل والإحسان و سلوكها ومواقفها ومنهاجها وأنشطتها وبرامجها، ولن يسقطنا في ردود الأفعال، ولن يستدرجنا إلى العنف المضاد، ولن يدفعنا إلى الانجرار وراء الخطة المخزنية التي تهدف إلى الإلهاء والتغطية على المشاكل الحقيقية للبلاد جراء السياسات الفاشلة التي يكتوي بنارها المغرب والمغاربة. فهذا الأسلوب الانهزامي يعكس الموقف الضعيف الذي يوجد فيه المخزن، والحرج الذي يستشعره جراء فشله الذريع الذي يزيده عزلة وانفضاحا، وطنيا وإقليميا ودوليا. لن تشغلنا هذه المناورات عن قصدنا الأساس في مناهضة الظلم الأكبر وهو الفساد والاستبداد، ولن نسكت عن هضم حقوقنا في التنظيم والتجمع والرأي والتعبير والتنقل، مؤكدين مرة أخرى أننا "لسنا في ضيعة أحد".. ولن يفلح المخزن بأساليبه البالية هذه في صناعة عدو وهمي لا يوجد إلا في مخيلته، لأن القبول والتجاوب المجتمعي الذي تحظى به الجماعة خير شاهد، ولن يتمكن بهذه "الحملات" من التغطية على جرائمه السياسية، ومجازره الحقوقية، وإخفاقاته الاقتصادية والاجتماعية، واستئثاره بالسلطة والثروة، وفشله الأخلاقي والقيمي". كما أكد البلاغ أن: " المخزن يحاول فك عزلته، وتحسين صورته القبيحة، وإظهار نجابته، مستفيدا من سياق لا يرى فيه إلا الجانب المظلم، ومتخذا من جماعة العدل والإحسان هدفا لمخططه، ولكنه يجهل أن مساعيه، بإذن الله، لن تنجح لأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولأن حيله لن تنطلي على المنتظم الدولي الذي يعرف "العدل والإحسان"، ولأن الأكاذيب والأراجيف لم تعد تنطلي على الناس ولو استعان المخزن بأبواق مأجورة محسوبة بهتانا على الإعلام وهو منها براء"، مشيرة إلى أن :" فشل النظام المخزني بلغ مداه، والثقة فيه اهتزت في الداخل والخارج. ونعجب لنظام يدعي الاستقرار والقوة وهو يضيق ذرعا بتدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن طغيانه الذي لم يولد إلا الحرمان". وأردفت الجماعة أن "القوانين المعمول بها، تؤكد أنه لا يمكن إغلاق بيت إلا بموجب أحكام قضائية وفي حالات خاصة جدا لا تنطبق على هذه البيوت، وما يمكن أن يكون على سبيل الاستثناء من تدخل للسلطات الإدارية للإغلاق لا يكون إلا وفق إجراءات خاصة. بل إن القانون يمنع إغلاق البيوت المأهولة، ولا يسمح إلا بإغلاق تلك التي تكون في طور البناء بسبب مخالفات جسيمة لقانون التعمير. وعليه، فإغلاق بيوت لأعضاء من جماعة العدل والإحسان تتوفر على كافة الوثائق الإدارية لا يستند إلى أي قانون، بل القانون والدستور يجرمان الإغلاق باعتباره تجاوزا خطيرا، و انحرافا كبيرا في استعمال السلطة. أما بخصوص افتراء تخصيص تلك البيوت لعقد اجتماعات عامة غير مرخص بها، فإننا نؤكد الحق الذي يسنده الدستور قبل القانون، فضلا عن المواثيق الدولية، في استضافة أي مواطن لمن يشاء من الضيوف في أي وقت شاء وكيف شاء، لأنها اجتماعات خاصة في أماكن خاصة". وأضافت الجماعة أن : "المخزن ضاق ذرعا بقانون صنعه على مقاسه، ولما لم تعد تسعفه نصوصه، لجأ إلى أسلوبه المفضل، هو القبضة الأمنية والقمع لكل صوت حر رفض الانصياع والصمت عن جرائمه، واختار الاصطفاف إلى صف الشعب.. وها هو اليوم يزيد في تعسفه لتأويل قانون الحريات العامة والتعمير مفرغا إياها من روحها الحقوقية، وأملا أن يقنع بقراءاته المتهافتة الناس وهيهات. وقد أوضحنا هذا في أكثر من مناسبة، وأوضحه الحقوقيون والمحامون وفقهاء القانون، وإن كنا متأكدين أن احترام القانون هو آخر ما يشغل بال نظام مخزني ليس في برنامجه نهائيا إقرار "دولة الحق والقانون" و"دولة المؤسسات" و"دولة المواطنة"، وإنما ينتعش فقط في دولة التعليمات والمزاجية والشخصنة". وأوضح المصدر ذاته، أن ما حدث من اقتحام وإغلاق متزامن للبيوت يؤكد أنه قرار مركزي وليس اجتهادا لجهة ما محلية، وأنه قرار سياسي وليس قرارا إداريا أو أمنيا فقط، وأنه قرار يعكس منهجية في التعامل مع جماعة العدل والإحسان، وليس معزولا عن الحرب المتواصلة على الجماعة منذ نشأتها؛ وأن المخزن لا يمكن أن يعيش بدون عدو، ولذلك فهو "يصنع" عدوا إن لم يجده؛ مضيفا ان ماحدث يؤكد الروح الانتقامية التي تطبع سلوك السلطات المخزنية تجاه جماعة العدل والإحسان بسبب ما تحظى به من قبول ومصداقية وإقبال، ويعيد إلى الأذهان تصريح وزير الداخلية الأسبق بأن "الجماعة بتكثيفها لأنشطتها تكون قد وضعت نفسها خارج القانون". وأشار المصدر ذاته، إلى ان وراء هذه الخطوة أكثر من هدف، منها محاولة إلهاء الجماعة وإشغالها حتى لا تتفرغ للإشعاع والتواصل والتأطير، أو استفزازها لتنجر لردود فعل غير مفكر فيها، مما يعطي هدية للمخزن أمام المحيط الدولي ليظهر بمظهر من يخوض حربا ضد التشدد الديني. ولذلك فحرصه على وصف هذه البيوت بأنها "مساجد سرية" وإلحاحه على ذلك يثير الشفقة قبل السخرية". وأضاف المصدر ذاته، انه لا يمكن النظر إلى هذه الحملة بمعزل عن الخروقات والاستهداف الذي يطال فئات عريضة من الشعب وكل المعارضين، ساسة وحقوقيين وإعلاميين ونشطاء ومثقفين وفنانين، وهو ما يؤكد أنها سياسة ممنهجة استباقية وتهييئية لخطوات وسياسات قادمة هدفها فرض "نموذج تنموي" يعرف المخططون له الرفض المبدئي والشعبي له، لأنه لا يخدم مصالح البلاد بقدر ما يؤمن مصالح شبكة المنتفعين، في الداخل والخارج، من الريع والفساد." وجددت الجماعة انحيازها وتضامنها مع كل الحراكات الشعبية ونضالات كل الهيئات التي تدافع عن الحرية والكرامة والعدالة، داعيا إلى الإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي ونشطاء الحراكات الشعبية.