ترأس ولاة الجهات وعمال العمالات وعمالات المقاطعات والأقاليم، الأسبوع الماضي، اجتماعات مكثفة مع عمداء المدن ورؤساء الجماعات الحضرية والمقاطعات والجماعات القروية ورؤساء الأقسام المالية والمزانية والبرمجة ومسؤولي الإدارات الجبائية، لإبلاغهم "عدم رضى" وزارة الداخلية وقلق السلطات المركزية من ترهل الموارد الذاتية، وغياب الحزم في استخلاص الجبايات المحلية، وتأثير ذلك على مشاريع الميزانيات السنوية والبرامج المسطرة. واستغل مسؤولو الداخلية هذه الاجتماعات لعرض الخلاصات الأولية للدراسة التي أنجزها خبراء دوليون حول وضعية الجبايات المحلية ومختلف الأخطاء المرتكبة في عدد من الجماعات ما يحد من فعالية هذا المصدر الهام من الموارد المالية، وينعكس على أهداف التنمية المحلية في عدد من المناطق، كما يفرض على الدولة التدخل، في كل مرة، لسد الثقوب والعجز المالي، دون الحديث عن الأموال التي تتحصل عليها هذه الجماعات من توزيع الضريبة على القيمة المضافة. وتوصل الولاة والعمال، بداية الشهر الجاري، بمشروع إصلاح النظام الجبائي المحلي وتقرير حول تشخيص النظام الجبائي المحلي وملخص لمداخلة مكتب الدراسات الدولي الذي واكب جميع مشاريع الإصلاح المرتقب، إذ من المقرر أن تعرض جميع هذه الوثائق على رؤساء الجماعات والمقاطعات والمسؤولين المحليين في اجتماعات من أجل التداول وتجميع الملاحظات والمقترحات وإرسالها في شكل تقرير إلى مديرية الجماعات المحلية في أجل لا يتعدى 20 أكتوبر الجاري. وحسب يومية "الصباح" فإن وزارة الداخلية تراهن على ورش إصلاح منظومة الجبايات المحلية، وتعتبره واحدا من أهم أوراش الإصلاح بها، لارتباط الموارد الذاتية للجماعات برفع قدراتها التدبيرية ووفائها بخدمات ذات جودة موجهة إلى المواطنين، كما يرتبط "الاستقلال المالي" للجماعات بالمرور إلى تنزيل مشروع مركزية والتخفيف من الأعباء التي يتحملها المركز. وحسب أرقام رسمية، بلغت المداخيل المحولة من الدولة إلى الجماعات السنة الماضية إلى 32.4 مليار درهم، منها 18 ملايير درهم من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، والموارد الذاتية المسيرة من الجماعات 7.8 ملايير درهم والموارد الجبائية التي تضخ مباشرة في حساباتها 6 ملايير درهم. وقالت الوزارة إنه رغم الإصلاحات التي خضعت لها هذه المنظومة منذ 2008 وتسطير عدد من الإجراءات والمبادرات، مازال المنتوج المحلي من الموارد دون المستوى، ويعرف تباينا بين جماعة وأخرى، بسبب العجز عن مواكبة المداخيل الذاتية لإيقاع النمو الاقتصادي وتعدد النفقات الإجبارية وضعف مردودية الجبايات المحلية وعدم مواكبتها لتطور الجماعات. وتسرع وزارة الداخلية من وتيرة تنزيل تصورها الجديد لمنظومة الجبايات المحلية وفق المصدر ذاته، عبر حث المعنيين على تجاوز أخطاء السنوات الماضية، والتقليل من حدة الخسائر وسد الثقوب التي تتسرب منها أموال طائلة كل سنة. تتكبد المالية المحلية خسارة ملايين الدراهم سنويا، بسبب تلاعبات في إحصاء الملتزمين بالضرائب والجبايات، واعفاءات غير قانونية وتواطؤ مسؤولين مع أصحاب شركات ومقاه ومستغلي مرافق عمومية. وأحصت تقارير صادرة عن لجان الافتحاص بوزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات أنواعا من الخروقات تطول تدبير مداخيل الجماعات وتساهلات مع ملتزمين، ما أثر على الباقي استخلاصه الذي ارتفع بالبيضاء وحدها إلى 640 مليار سنتيم، وهو مبلغ يتجاوز الميزانية السنوية التي تصل إلى 570 مليار سنتيم. وتخرق أغلب الجماعات، التي شملتها التقارير، المواد 17 و32 و38 من القانون رقم 06.47 المتعلق بالجبايات المحلية، في ما يتعلق ب"إهمال" الإحصاء السنوي للفئات الخاضعة للرسوم والوجيبات والضرائب المستحقة، كما لم يكلف رؤساء جماعات أنفسهم بإصدار التوجيهات لتشكيل اللجان الموكول لها هذه المهمة.