سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النقص الجبائي تجاوز 16.8 مليار درهم والجماعات تعيش على مساعدات الدولة المجلس الأعلى للحسابات يرصد اختلالات وعيوب الجبايات المحلية
توصيات بالتركيز على الضرائب العقارية وتقوية الوعاء العقاري الضريبي
طالب المجلس، في تقرير أصدره، أخيرا، حول "الجبايات المحلية"، ببلورة منظور موحد للجبايات المحلية، يتيح تنمية الموارد الجبائية اللازمة للجماعات الترابية، في أفق مواكبة نقل بعض الاختصاصات من الدولة إلى الجماعات الترابية، مشددا على "التركيز على الوظيفة الأولى لهذه الجبايات، باعتبارها مصدرا للتمويل، مع الأخذ بعين الاعتبار القدرات الإسهامية للمواطنين ومستلزمات تنافسية المقاولات". ويستعرض التقرير الوضع القائم بشأن الجبايات المحلية، ويقدم تشخيصا للإطارين القانوني والمؤسساتي للضرائب والرسوم المحلية، وتقييم تدبير مختلف المتدخلين المعنيين بعمليتي الوعاء والتحصيل، ويقترح توصيات وبعض سبل الإصلاح، معتبرا أن المبادئ الأساسية الموجهة للإصلاحات يجب أن تتوخى التبسيط وتحقيق الانسجام والتركيز أكثر على النجاعة والعدالة والشفافية. وأكد على ضرورة أن يمر تحديث هذا النظام عبر بذل "مجهود كبير في مجال توضيح الرؤى، لتسهيل انخراط الملزمين وتقوية تقبلهم للجبايات المحلية"، مبرزا أن خارطة طريق الإصلاحات تشمل، فضلا عن التعديلات الرامية إلى تحسين المنظومة القانونية، الأجهزة والمساطر المعمول بها، وأنماط الإشراف والقيادة والتوجيه، والموارد المخصصة لإدارة الجبايات المحلية. وطالب المجلس باعتماد منهجية تقوم على تدوين موحد للتشريع الجبائي، يضم تشريعا خاصا بالدولة وآخر بالجماعات الترابية، معتبرا أن تبسيط الجبايات المحلية يقتضي أيضا تسليط الضوء مجددا على مختلف مكونات مواردها، لتحديد إمكانيات التعويض أو المقاصة بين مختلف أنواع الرسوم وبين الموارد المحولة من الدولة. كما أوصى المجلس بتركيز الجبايات المحلية على الضرائب العقارية وتفادي، قدر الإمكان، اللجوء إلى الرسوم، التي يكون وعاؤها خاضعا مسبقا لجبايات الدولة، وتقوية الوعاء العقاري الضريبي، من خلال تعبئة الموارد المتأتية من تقاسم ضرائب الدولة. وأكد تقرير المجلس أن النقص الذي ينبغي تغطيته جبائيا تجاوز 16.8 مليار درهم، ينبغي تحصيلها لتغذية خزينة الجماعات المحلية، مبرزا أن الجماعات المحلية تعيش أكثر فأكثر على المساعدات الضريبية للدولة. وكشف تقرير المجلس أن قدرة الجماعات المحلية على تحصيل الجبايات، وحجم الأموال المحصل عليها من تدبيرها المباشر للرسوم الجماعية تعتريهما "عيوب كبيرة ونواقص" تتسبب في حرمان الجماعات الترابية من الأموال الكافية للإنفاق على تسييرها أو الاستثمار، "وما لم تضخ الدولة أموال الضرائب التي تحصلها هي، فإن الجماعات لن تستطيع الاستمرار في العمل". وذكر المجلس الأعلى للحسابات بأن الجبايات المحلية تمثل ما يوازي 17.5 في المائة من المداخيل الجبائية الإجمالية للدولة، وضغطا ضريبيا يساوي 3.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مضيفا أن الرهانات المرتبطة بهذا المجال تكمن في القدرة على تعبئة الإمكانيات الجبائية وتوفير التمويل الدائم لحاجيات المواطن من الخدمات المحلية، مع العمل على تدعيم الاستثمار العمومي والخاص وتحسين الجاذبية والتنافسية. وأبرز التقرير أن مداخيل الجماعات الترابية للفترة 2009-2013 بلغت حوالي 27.5 مليار درهم كمعدل سنوي، وأن حصة الجماعات الحضرية والقروية، ضمن مجموع المداخيل الجبائية للجماعات الترابية، شكلت ما معدله 21.5 مليار درهم في السنة، بما يعادل نسبة 79 في المائة، موزعة بين 15 مليار درهم بالنسبة للجماعات الحضرية، و6.5 ملايير درهم للجماعات القروية. وأضاف أن الموارد المحولة من طرف الدولة لفائدة الجماعات الترابية، والمكونة أساسا من الحصة في منتوج الضريبة على القيمة المضافة، تشكل 54 في المائة من مجموع مداخيل الجماعات الترابية، مشيرا إلى أن التطور في الإطار القانوني للجبايات المحلية أبان عن بعض النقائص، تتمثل في غياب وحدة الاتجاه، وغياب رؤية مندمجة بين النظامين الجبائيين الوطني والمحلي، وعدم القدرة على تحديد المؤهلات الجبائية قصد تغطية حاجيات تمويل الجماعات الترابية، ووجود غموض في الأهداف، وشبه غياب لخارطة طريق بشأن مسلسل الإصلاح. في مجال التحصيل، سجل المجلس الأعلى أن المبالغ الباقي استخلاصها، خلال الفترة 2009 -2013، ارتفعت من 13 مليار درهم إلى 16.8 مليار درهم، بزيادة 29 في المائة، وبارتفاع سنوي بلغ في المتوسط 7.3 في المائة، ما يدل على وجود صعوبات كبرى في التحصيل، موضحا أن هذه الوضعية تستلزم اتخاذ بعض الإجراءات التقويمية على مستوى البنيات المعنية، والعمل على إدماج أفضل لهذه الرسوم ضمن المنظومة الشاملة لتدبير الجبايات من طرف المديرية العامة للضرائب، ودعم عمليات التحصيل ورصد المبالغ غير ممكنة التحصيل. وأوضح المجلس الأعلى للحسابات أن هذا التقرير، الذي يأتي بعد مضي سبع سنوات على دخول القانون رقم 06-47 والقانون رقم 07-39 حيز التنفيذ، يسعى إلى تقييم الجبايات المحلية، عبر رصد جوانب القوة ومكامن الخلل، خاصة أن الفترة الزمنية الفاصلة تتيح إمكانية الوقوف على تطور ظروف تعبئة المؤهلات الجبائية المحلية، مشيرا إلى أن عملية التقييم ارتكزت على ما خلصت إليه جلسات العمل المنعقدة مع بعض رؤساء المجالس الجماعية، ومسؤولين بوزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، وبالاعتماد على استثمار نتائج الأعمال الرقابية، التي أنجزتها المجالس الجهوية للحسابات لدى الهيئات المعنية، والتجارب المقارنة، والممارسات الجيدة في هذا المجال.