قدم عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية لسنة 2009 إلى الملك محمد السادس، وقال في ورقته التقديمية إن حجم الأزمة العالمية وعدم وضوح الآفاق بشأن نهايتها يستلزم تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود أمام الصدمات الخارجية والتكيف مع المتغيرات الدولية. ويتعين في هذا الصدد التعجيل بالتدابير الرامية إلى التحسين المستمر لنظام التربية والتكوين وللقدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية. ومن المهم أيضا تقوية الحكامة الجيدة للسياسات العمومية ومناخ الأعمال، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز الآليات التي تم وضعها للتغلب على العجز في المجال الاجتماعي. الجواهري أضاف أن من الضروري أيضا التصدي على وجه الخصوص لإشكالية الخلل الذي يعرفه الحساب الجاري لميزان الأداءات، من خلال تقليل تركيز الصادرات على منتجات ذات حمولة تكنولوجية ضعيفة وعلى أسواق ذات إمكانات نمو محدودة. وعلى صعيد المالية العمومية، قال والي بنك المغرب إنه يتعين التسريع بإصلاح نظام المقاصة واتخاذ تدابير لترشيد نفقات التسيير بغية تحقيق فائض يسهم في دعم الجهود المبذولة لتقليص العجز في المجال الاجتماعي. ومن اللازم كذلك تقوية دينامية الموارد على أساس مستدام عبر إدراج القطاع غير المهيكل. وفي الوقت نفسه، يتعين تدعيم عملية التعزيز المالي من خلال تنمية الادخار على المدى الطويل وتوسيع نطاق الاستفادة من الخدمات المالية إلى الفئات ذات الدخل المحدود. وأبرز الجواهري تراجع نمو الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي من 1.4 في المائة في الفصل الرابع من 2008 إلى 0.6 في المائة في الربع الأول من 2009، وهو أدنى مستوى له في السنة. غير أنه سرعان ما بدأ في الارتفاع تدريجيا ليصل إلى 2.6 في المائة في الفصل الثالث من 2009. وبلغ نموه خلال السنة ككل 1.4 في المائة، مقابل 4.2 في المائة سنة 2008، ليعكس بذلك التزامن المتزايد لدورة الاقتصاد الوطني مع مثيلاتها في أهم البلدان الشريكة. ويعزى هذا التوجه إلى الانكماش الحاد في الطلب الخارجي على بعض الصناعات، سيما من منطقة الأورو، وكذا التباطؤ الذي شهده قطاعا السياحة والنقل. كما أن التحويلات الجارية وتدفقات الاستثمارات الأجنبية أثرت سلبا على دينامية الاستهلاك والاستثمار الخاص. وفي ما يخص السياسة المالية، تميزت سنة 2009 باتخاذ جملة من التدابير لتحفيز النمو، ارتكزت على إنعاش الاستثمار ومواصلة الإصلاحات الضريبية. وقد أدت هذه الإجراءات، مقرونة بتأثير تراجع النشاط غير الفلاحي على المداخيل الجبائية، إلى عجز في الميزانية بلغ 2.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وتباطؤ ملموس في وتيرة انخفاض نسبة الدين العمومي إلى الناتج الداخلي الإجمالي التي استقرت في حوالي 47 في المائة. وعلى مستوى ميزان الأداءات، قال المصدر ذاته إن عائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج لم تمكن من تقليص عجز الحساب الجاري بشكل ملموس، رغم الانخفاض الملحوظ في العجز التجاري. إذ انتقل الرصيد السلبي للميزان التجاري من 24.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2008 إلى 20.8 في المائة سنة 2009، بينما أفرزت مداخيل السياحة والتحويلات الجارية رصيدا إيجابيا بلغ على التوالي 11.7 في المائة و 13.6 في المائة. وحسب التقرير ذاته، وفي ما يخص سوق الشغل، انخفض معدل البطالة من جديد ليصل إلى 9.1 في المائة مقابل 9.6 في المائة في 2008. ويشمل هذا التغير تراجعا في نسبة البطالة في المدن واستقرارا في المناطق القروية رغم تحسن الأنشطة الفلاحية. وسجلت أسعار أهم الأصول توجها نحو الانخفاض، إذ واصلت مؤشرات البورصة تراجعها، وانخفضت أسعار العقارات السكنية بعد الاستقرار الذي شهدته سنة 2008. وعلى صعيد الخدمات البنكية قال الجواهري، إن سنة 2009 شهدت إعطاء الانطلاقة لمنظومة الوساطة البنكية التي تهدف إلى حل الخلافات بطرق ودية. كما تمت دعوة البنوك إلى إضفاء الشفافية اللازمة على الشروط المطبقة على عملياتها. وهكذا، سيتم خلال سنة 2010 وضع نص تنظيمي يحدد الخدمات البنكية الأساسية المجانية وإعداد مؤشر لأسعار الخدمات البنكية وإرسال كشف سنوي إلى الزبناء بكافة العمولات المقتطعة.