كثيرا ما يثار النقاش حول مسألة القراءة في الكتب الورقية والرقمية وأيهما أفضل، فهناك من يفضل الأول وهناك من يميل مع الثاني ورأي وسط يرى أنه لا فرق بينهما وأنهما وسيلة لتحقيق الفائدة والعبرة بالقراءة كيفما تأتت، ولا شك أن الفرقين الأولين حكمهما متأثر بالتجربة والممارسة فمن قضى جل حياته مع الكتب الورقية، وتعود عليها وصارت متعته في القراءة فيها ولا ارتباط له أصلا مع الرقمي حكم للورقي على الرقمي، وهذا الفريق غالبا ما يكون من الجيل الذي قضى جل حياته قبل ظهور التقنية الحديث من حاسوب أو محمول. والفريق الثاني من الجيل الذي فتح عينيه على هذه الوسائل وصارت ملازمة له في حياته ملازمة الظل ولا يكاد يعرف صلة بالورقي إلا في المدرسة أو الجامعة أو له صلة به لكنه ممن يتعذر عليه الحصول على الورقي إما لندرة الطبعات الجيدة في السوق، أو لغلاء السعر فيضطر إلى الرقمي وقد يكون أولا مع أصحاب الرأي الأول ثم بالممارسة والتجربة، تعود على الرقمي فإما أن يمازج بين الكتابين فيصير الى أصحاب الرأي الثالث وإما أن يعتاد على الرقمي بالكلية ويصير إلى أصحاب الثاني ويقدم الرقمي، و الصنف الأول من أصحاب الرأي الثاني ممن لا يكاد يقترب من الورقي فلا شك أنه يصعب عليه القراءة فيها ويراها صارت تاريخا كما صارت الكتابة على الأحجار وما شابهها. وما الرأي الثالث فهو في نظري أعدل الأقوال فهو لا يبخس أي الكتابين حقه ويرى أن هدف القراءة يتحقق بأي وسيلة كانت وفي رأي وتجربتي أظن ان المسألة مسألة عامل نفسي ناتج عن التعود على إحدى الوسيلتين مما يجعل تصور التعامل مع الأخرى صعبا. وقد كنت أرى في أول ظهور الرقمي رأي الفريق الاول متأثرا بما سمعت عن الموضوع من أفضلية الورقي وعدم التجربة مع الرقمي فكان تفكيري منصبا على طباعة الكتب المصورة خصوصا الطبعات الجيدة المخدومة من محققين مرموقين كآل شاكر وعبد السلام هارون مثلا نظرا لتعذر الوصول إلى المطبوعة بسهولة، إلى أن يسر الله تعالى التعامل مع المكتبة الشاملة وتعودت القراءة فيها ووجدت لها متعة وفائدة مثل الكتب الورقية فعرفت أن للعامل النفسي والتجربة السابقة دخلا في تفضيل أحد الكتابين على الآخر.