هوية بريس – السبت 05 أبريل 2014 – العنوان: عن تدبير الشأن الديني والتطرف: أية هفوات وأية مفارقات؟؟؟ – المؤلف: الدكتور محمد وراضي – من علماء تزنيت. – الأجزاء: رسالة في (303) صفحات، محتوياتها كالتالي: – المقدمة: بين فيها الشيخ حفظه الله عظمة الدين الإسلامي، الذي قامت عليه دولة «مدنية» و«وطنية» متقدمة راسخة زاهرة؛ يقول الشيخ: «فإن كانت المدنية تعني الحضارة، ومظاهر الرقي العلمي والفني، والأدبي والاجتماعي، والصناعي والاقتصادي والمالي، فهل يدعي مُدع بأن الإسلام ما أسس مدنية، ولا بنى حضارة؟ ولا تجسدت هذه في التراث المادي والمعنوي الذي خلفه أجدادنا، والذي هو ماثل أمامنا كما يتم عرض بعض من نماذجه في هذه الأيام بمتحف اللوفر الباريسي؟ ثم ما الذي يتحدث عنه ابن خلدون في مقدمته؟ أو ما الذي يعنيه بالعمران البشري في ظل الدول الإسلامية على وجه التحديد؟». – تحديد المفاهيم: وبين فيه الشيخ معنى التدبير، ومعنى الشأن الديني، ومعنى التطرف، وبعد أن بين الأخير، وهو تجاوز الحدود المرسومة دينيا أو عرفيا أو قانونيا أو أخلاقيا، قال حفظه الله: «فمن حقنا أن نتساءل عما إذا كانت حدود الدين عندنا محترمة، لا يتخطاها أي كان؟ أم إن حدود القانون هي التي حظيت بالاحترام والعناية والاهتمام في دولة دستورها يصرح في الفصل السادس منه بأن «الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية» مع قبول إخضاع هذه الحرية الواردة هنا لأكثر من تفسير ولأكثر من تأويل!!»؛ ويقول حفظه الله: «ونظرا إلى أن التطرف مفهوم عام، بحيث إنه كان يمارس ولا يزال لدى مختلف شعوب العالم منذ عهود سحيقة، كانت هذه الشعوب متدينة بأديان سماوية، أو بأديان غيرها وضعية محلية، فإن الكلام عن التطرف العلماني جد وارد!! وهو الذي يمارس الآن في أكثر من بلد إسلامي بكيفيات مختلفة صريحة مرة، وملتوية أخرى، على يد المسيحيين الغربيين، مجسدا لجولة أخرى من جولات الحروب الصليبية!! بقيادة الأمريكيين ووراءهم حلفاؤهم الأطلسيون الحاقدون الناقمون!!… -إلى أن قال- وهذا لا يعني أن التطرف العلماني انطلاقا من مرتكزات فكرية لم يعد له وجود، وأنه لم يعد يشكل مخاطر تهدد الأمة المغربية في كل لحظة وحين!! كلا، إنه منصب في هذه المرحلة التاريخية كصنوه في العالم كله على محاربة الدين بطرق مختلفة، ما دامت الشريحة الكبرى من أصحاب هذا التطرف قد استمرأت نتائج النضال أو ثمنه!! فكأنها لم ترض من الغنيمة بالإياب!! ولا قبلت الرجوع بخفي حنين!». – بداية تدبير الشأن الديني: بين الشيخ في هذا المبحث أنه ينبغي أن نستبعد من أذهاننا كل ادعاء بأن تدبير الشأن الديني في بلادنا حديث العهد بالولادة أو الظهور، وأن الأسبقية لنا لا لغيرنا في هذا الباب، وأن ما ننجزه تفتقت عنه عبقرية المسؤول وزاريا عن إنجازه! – دلائل ضرورية لمدبري شأن التدين: بين فيه الشيخ بما لا يدع شكا لمريب أن سنة المختار صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية تدبير فعلي لشأن ما أوحي به إليه. – ما هو الدين الذي يجري تدبير شأنه؟: بين في هذا المبحث حفظه الله اختيار الدولة المغربية لفهم الدين ولممارسة التدين لثلاثي لم تكن هي التي حددت هويته، لا في عهد الأدارسة، ولا في عهد المرابطين، ولا في عهد المرينيين، ولا في عهد الموحدين، ولا في عهد السعديين، ولا في أوائل عهد العلويين، وإنما حدده الفقيه ابن عاشر في قوله: في عقد الاشعري وفقه مالك — وفي طريقة الجنيد السالك – الإمام مالك كعالم متسنن: ومما جاء فيه قولُ الشيخ حفظه الله: «لكنَّ علمَ مالك بالدِّين يتجاوز الفقه إلى علوم أخرى من الضروري أن يكون لكل مُدَّع بأنه على مذهبه إلمام بها في حدود ما تستطيع حوصلته استيعابه، على الأقل كي يتجنب الخلط بين (فقه) الرجل وبين (مذهبه)»؛ ثم ذكر ترجمةً موجزة للإمام مالك وثناء العلماء عليه وعلى علمه وحرصه على التوحيد والسنة. – مالك والمتصوفة: ومما جاء في هذا المبحث قصة الرجل الذي سأل الإمام مالك عن قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيرا، ثم يأخذون في القصائد، ثم يقومون فيرقصون!! فقال الإمام مالك: «أصبيان هم؟ قال: لا. قال: أمجانين هم؟ قال: لا، هم قوم مشايخ، وغير ذلك عقلاء! فقال مالك: ما سمعت أحدا من أهل الإسلام يفعل هذا؟ فقال له الرجل: بل يأكلون ثم يقومون ويرقصون دوائب، ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه!! فضحك مالك، ثم قام فدخل منزله، فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا مشؤوما على صاحبنا، لقد جالسناه نيفا وثلاثين سنة، ما رأيناه يضحك إلا في هذا اليوم»؛ والقصة في «ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» (2/54). ثم بين الشيخ حفظه الله فقه هذه القصة ومواقف الإمام مالك من الصوفية وغيرهم من المخالفين لمنهج الكتاب والسنة، وأقوال غيره من الأئمة المالكية، كقول الإمام أبي بكر الطرطوشي المالكي لما سئل عن مذهب الصوفية واجتماعهم على الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يوقعون بالقضيب على آلة، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه، هل الحضور معهم جائز أم لا؟ فقال رحمه الله: «مذهب هؤلاء بطالة وضلالة وجهالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار، فقاموا يرقصون حوله ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل، وأما التوقيع فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار»؛ والفتوى ذكرها العلامة محمد الموقت المالكي في كتابه «الرحلة المراكشية» (1/171)؛ ثم جاءت باقي مباحث الكتاب -وكلها غنية بفوائد علمية وحقائق تاريخية وواقعية- كالتالي: – مالك على خطى ابن مسعود – تجسيد الضلال الصوفي بالمغرب – ما بين المذهب والفقه من تباين – صراع بين العلماء والحكام – هل المغاربة فعلا مالكيون؟ – قراءة القرآن جماعة مكروهة عند مالك – الدعاء على هيأة الاجتماع حدَثٌ مُبتدَع – صيغ الأذكار بين المسنون والمبتدع. – النطاق البدعي آخذ في الاتساع: مما جاء في هذا المبحث، قول الشيخ حفظه الله: «فقد قاوم الصحابةُ مجردَ الاجتماع على الذكر!! وحمل السبحة!! وقراءة القرآن والدعاء جماعة بصوت واحد!! وضحك الإمام مالك ممّن يرقصون ويذكرون ربهم وهم على تلك الحالة!! بعد ملء بطونهم بما لذّ وطاب من المأكولات!! واعتبرهم إما صبيانا وإما مجانين!! وقال ما مفادُه: إنّ ما يفعلونه ليس من الإسلام في شيء!! أما ما يجري الآن في الواقع المغربي من العمل بالمبتدعات المقبولة والمحمية رسميّاً فحدث ولا حرج!!! سواء في الأيام العادية أو في المولد النبوي!! أو فيما يُعرف بالمواسم التي تقام على جُل أضرحة من تورط أغلبهم في الابتداع بالقول والفعل مرة في العام أو مرتين!! بحيث يحدث فيها من المسخ ما هو معروف منذ عقود!! وما هو محدث في العهود الأخيرة الموالية لعهد الاستعمار!!»؛ وقال حفظه الله: «ومما يؤسف له، ومما سوف يحاسب عليه المسؤولون عن تدبير الشأن الديني، هو أن العادات القديمة لا تزال باقية على صورتها من ذبح للقرابين في أفنية الأضرحة!! مع دق الطبول وارتفاع زغاريد النساء وعقد ما يعرف بالحضرة أو بالعمارة!! حيث الرقص الجنوني الذي يذكرنا بما كان يجري في المجتمعات الطوطمية التي لا تعرف دين التوحيد!! وليس لها به صلة!! لكننا نحن الذين نعرفه أو ندّعي معرفته كرسميين بالخصوص أبَينا إلا أن نوجه إليه ضربات لازبة في الصميم!! فقط لأننا نشجع الناس على الشرك!! ونحن على يقين من كون الاستعانة والاستغاثة بالمقبورين المَزورين طعنٌ في الربوبية وطعن في الألوهية». – بدع أخرى تتقاطع مع مذهب مالك: وتحت هذا المبحث العناوين التالية: 1- ماذا عن الزكاة؟ 2- ماذا عن الجنائز ومتعلقاتها؟ 3- ماذا عن القبورية كمعتقد وكتطبيق للمعتقد؟ – التشوف إلى رجال التصوف: وهو عنوان كتاب للتادلي المعروف بابن الزيات، حققه أحمد التوفيق -وزير الأوقاف حاليا- وبعد أن بين الشيخ الغايات والأهداف المنشودة والمطلوبة من التحقيقات العلمية، والتي أخل بأهمِّها محقِّقُ الكتاب -وهي النقد الداخلي، من خلال التعامل مع النص بتقييم مضمونه الفني أو الأدبي أو الأخلاقي أو الديني، لا أن يصبح المحقِّقُ مجرد مصور محترف لأي منظر خارجي!!- قال الشيخ حفظه الله: «لكن التوفيق أحمد -كبقية المتصوفة المخدوعين أو المندفعين وراء الأوهام- قدم لنا طبقا شهيا من الضلال والظلام الصوفيين، دون أن يثير انتباهه خطر الترويج لما قدمه لنا وأمن عليه»؛ وبعد أن ساق الشيخ حفظه الله بعضَ أمثلة الخرافات والخزعبلات التي حواها الكتاب المحقَّق!! والتي يستحي ويخجل القلم من كتابتها، واللسانُ من ذكرها، ناشد المحقِّقَ بقوله: «أناشدك الله أيها المتزعم لتدبير الشأن الديني بالمغرب المسلم، هل من قام بتحقيق كتاب من كتب الصوفية كما قمتَ به، يبيح له دينه أن يغض بصره عن الظلام الذي قرأناه للتو؟ أم إنه من واجب العالم أن يفضح البدع والمبتدعين؟ وأن يظهر السنن وأن ينتصر للمتسننين؟». ثم جاءت باقي مباحث الكتاب -وهي كما أسلفت غنية بفوائد علمية وحقائق تاريخية وواقعية- كالتالي: – واجب الأئمة بالمغرب وكيف يؤدونه – ماذا عن عقيدة أهل السنة والجماعة؟ – المتصوفة والمذاهب الفقهية – مدخل للوقوف على حقيقة الجنيد – ابتعاد المغاربة عن طريقة الجنيد – ماذا عن مسمى عيد المولد النبوي؟ – صلة المبتدعين بعيد المولد – ما يجري في الاحتفال بالمولد النبوي: وفيه بيان بعض ضلالات وانحرافات قصيدة البُردة للشاعر البوصيري. – كلمة عن مواسم الصالحين!! – الحضور الغربي في الشأن الديني المغربي!!! – مزيد من الإساءة إلى الإسلام الحق! – من ظلاميات الأسانيد الصوفية – ما يشتغل به الشاذليون من ضلالات! – قناعات وترهات القادريين! – ماذا عن التيجاني وسند طريقته؟ – الخاتمة: ذكر الشيخ فيها أن الدِّين الذي يجري تدبير شأنه دينٌ مبهم غامض!! «إنه خليط من السني والبدعي -يقول الشيخ- أو هو مزيج جرى تلفيقه بين ما هو حق وبين ما هو باطل! حيث يغلب البدعي على السني، والسقيم الضعيف على السليم الصحيح! مما فرض علينا تقييم ما حصل وما سوف يحصل، إن في القريب، وإن في البعيد، منذرين محذرين من أوخم العواقب التي تبدو بوادرها الخطيرة في الإنفاق المالي المرصود -قبل غيره- لإنجاز المخطط القائم على سياسة مرسومة بدقة يبدو لمن وراءها أنها متناهية قلّ نظيرها!!» اه. جزى الله الشيخ الدكتور محمد وراضي خيرا، وبارك في جهوده الإصلاحية التنويرية، وأصلح الله المسؤولين القيمين على الشؤون الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الشؤون، ووفقهم وأعانهم على العمل بما فيه صلاح البلاد والعباد… آمين. {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}.