الجمعة 14 مارس 2014 حلقة جديدة في سلسلة التآمر على بلاد الإسلام، وصفحة من كتاب الخيانة تخُطُّها أيدٍ آثمة ملطخة بدماء وأشلاء بريئة، لم يتردد في ذهنها ولو للحظة واحدة أنها ستصبح ضحية أطماع دينية واقتصادية مقيتة لمجموعة من أصحاب النفوذ العالمي الساعية للتمدد على أرض القارة السمراء، ضاربة عرض الحائط بالقيم والحقوق والمبادئ. ولكي نفهم طبيعة الأحداث الأخيرة في جمهورية إفريقيا الوسطى نحتاج إلى شيء من التفصيل. ديمغرافية الدولة: جمهورية إفريقيا الوسطى دولة داخلية بلا أي سواحل، حيث يبعد أقرب ساحل منها نحو ألف كيلو متر، وهو الساحل الشرقي في الكاميرون، وتقع في قلب القارة السمراء كما هو واضح من اسمها، تحدُّها دولة تشاد من الشمال، ودولة السودان من الشمال الشرقي، ودولة جنوب السودان – المنفصلة قريباً عن السودان – من الشرق، ودولتا جمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو من الجنوب، ودولة الكاميرون من الغرب، في مساحة تمتد لنحو 622.984 كيلو متراً مربعاً، فيما يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة موزعين ما بين الملل والطوائف إلى: 1- مسلمون: نحو 35 في المائة (ثلث السكان)، ويتركزون في شمال البلاد بالقرب من الحدود مع تشاد، وقد بالغ البعض حتى أوصل نسبتهم من 50 إلى 60 في المائة من إجمالي عدد السكان. 2- نصارى: 50 في المائة، نصفهم من البروتستانت والنصف الآخر من الكاثوليك. 3- والبقية ديانات وثنية أخرى. ويتمتع المجتمع في إفريقيا الوسطى بالتنوع العرقي واللساني؛ حيث يتكوّن من ثمانين مجموعة عرقية تتواصل كل منها بلسانها الخاص. ومن أكبر التجمعات العرقية في البلاد جماعات البايا والياكوما والباندا والمبكا والمبوم والماندجيا والفولا، إضافة إلى تجمعات أوروبية أخرى تنحدر من أصول فرنسية في الأغلب. كما يجمع بين سكانها عنصران زنجيان رئيسان، هما: البانتو والزنوج السودانيون؛ فمن البانتو: الماندا واليايا في غرب البلاد، والباندا والسر في الوسط والشرق، والأزندي والأوبنجي في الجنوب، ومن الزنوج السودانيين: القبائل التي تعيش في الشمال والشرق، وأما الجماعات المستعربة فتعيش في الشمال، ومن البربر جماعات البيل والبورورو الذين يسكنون المرتفعات غربي البلاد. وينتشر الإسلام بين الجماعات المستعربة والبيل والبورورو من البربر، إضافة للجماعات القاطنة في منطقتي الشرق والوسط، فيما يكسب الإسلام كل يوم أنصاراً جدداً بين الجماعات الوثنية والنصارى. إلا أنه من الملاحظ أن العديد من الجماعات التنصيرية تنشط داخل البلاد، منها: جماعات لوثرية، ومعمدانية، وكاثوليكية، ومنصرون تابعون لكنائس النعمة الإخوانية، وآخرون من شهود يهوه. ويأتي هؤلاء المنصرون غالباً من فرنسا – التي سيبرز دورها في الأزمة الحالية – والولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا وإيطاليا، إلا أن هناك جماعات تنصيرية تتسرّب إلى الداخل من نيجيريا وجمهورية الكونغو ودول إفريقية أخرى، حيث النشاط التنصيري المحموم في عدد من دول الجوار، لا سيما أن الحدود الشرقية للجمهورية متاخمة لحدود دولة جنوب السودان التي انفصلت عن دولة السودان وأقامت لها دولة نصرانية خالصة بدعم غربي واسع. الحالة الاقتصادية: رغم تمتع إفريقيا الوسطى – شأنها شأن كثير من الدول الإفريقية – بكثير من الثروات والمعادن التي تسكن باطن الأرض؛ كالألماس والذهب واليورانيوم والحديد، إلا أن اقتصادها يعتمد على الزراعة التي هي الحرفة الأولى للسكان هناك، حيث يعمل بها نحو 65% من القوة العاملة، وتستغل الشركات الأجنبية زراعة القطن والبن والتبغ والمطاط ونخيل الزيت، فيما تُعد إفريقيا الوسطى من أفقر الدول في العالم وفي إفريقيا رغم ثرواتها الغزيرة، ويعتمد معظم اقتصادها على المعونات والمساعدات الخارجية. كانت جمهورية إفريقيا الوسطى مستعمرة قديمة لفرنسا، وفي العام 1958م استقلت البلاد عن باريس معلنة قيام الجمهورية، إلا أن حالة الاستغلال الفرنسي للثروات الهائلة التي تتمتع بها إفريقيا الوسطى لم تنتهِ، حيث تعد فرنسا المستثمر الأول في البلاد، وتتمتع بامتيازات فائقة في عدة مجالات صناعية؛ منها الطاقة والاتصالات والنقل، لكن نسبة كبيرة من تجارة الذهب والألماس في يد مسلمي إفريقيا الوسطى الذين يتهمون فرنسا بالرغبة في استقطاع هذه السيطرة من أيديهم والانفراد بها. الإسلام في إفريقيا الوسطى: دخل الإسلام إلى إفريقيا الوسطى في القرن الخامس الهجري، وذلك عن طريق التأثر بالممالك الإسلامية المجاورة لها، مثل مملكة (كنم) التي قامت في شمال شرقي بحيرة تشاد، والتي وصلت إلى حالة من الازدهار والنهضة في ذلك القرن، فنشرت الإسلام في الأطراف الشمالية لإفريقيا الوسطى، ثم أخذ الإسلام بالانتشار فيها عن طريق كل من مملكة (بورنو) الإسلامية – التي قامت في غربي بحيرة تشاد -، ومملكة (باجرمي) – الواقعة في جنوب مملكة (كنم) -. ويعود الفضل إلى ملوك الباجرمي في بسط نفوذ الإسلام إلى مناطق الزنج في إفريقيا الوسطى. أما النواحي الشرقية من إفريقيا الوسطى فدخلها الإسلام من جهة دارفور وكردفان السودانيّتين، حيث انتشر الإسلام بين أوساط جماعات اللاندا والزاندي والجماعات السودانية التي تعيش في شرقي البلاد، فيما ظل الإسلام يتمدد وينتشر بين الجماعات الوثنية بصورة جعلت منه الديانة الثانية بعد النصرانية. الحالة السياسية: تعد إفريقيا الوسطى موطناً من مواطن الانقلابات في القارة السمراء، حيث تعاقب على حكمها بعد نيلها الاستقلال عن فرنسا التي احتلتها مطلع القرن العشرين؛ ستة رؤساء، منهم أربعة اعتلوا سدة الحكم عنوةً بانقلابات عسكرية، واثنان بانتخابات ديمقراطية، وبيان ذلك على النحو التالي: في العام 1889م أسست فرنسا أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا الوسطى في مدينة "بانجوي"، ومنها توسعت باتجاه باقي المناطق ليتم سنة 1900م إعلان إفريقيا الوسطى مستعمرة فرنسية تحت اسم "أوبانجي شاري"، وضمتها فرنسا في العام 1906م للقيادة الاستعمارية في تشاد. وابتداءً من 25 يناير 1910م أصبحت لإفريقيا الوسطى قيادة استعمارية مستقلة في إطار ما سمي إفريقيا الاستوائية الفرنسية التي كانت تضم إضافة إلى إفريقيا الوسطى كلاً من تشاد والغابون وجمهورية الكونغو. وفي العام 1946م أصبحت إفريقيا الوسطى مُمثلة في الجمعية الوطنية الفرنسية بحسبانها مستعمرة فرنسية، وكان يُمثلها النائب "بارثيليمي بوغاندا" الذي أسس سنة 1949م حزب "الحركة من أجل التطوير الاجتماعي لإفريقيا السوداء". وفي العام 1958 تغير اسم مستعمرة أوبانجي شاري إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وأصبحت تحت حكم ذاتي داخل المجتمع الفرنسي، ومن ثمّ نالت الاستقلال في العام 1960م، وتأجج صراع محتدم على السلطة بين اثنين من أقرب المساعدين لبوغاندا، هما: أبيل جومبا وديفيد داكو، وبمساعدة فرنسا تمكّن داكو من اعتلاء كرسي الحكم في إفريقيا الوسطى في العام نفسه مطيحاً بغريمه جومبا الذي قام داكو بإيداعه في السجن، ثم أنشأ بحلول العام 1962م دولة الحزب الواحد في إفريقيا الوسطى. وفي ديسمبر من العام 1965م أطاح جان بيديل بوكاسا بديفيد باكو في أول انقلاب عسكري في إفريقيا الوسطى، ثم عيّن نفسه إمبراطوراً على البلاد وسمى نفسه (بوكاسا الأول) في العام 1976م، منفقاً نحو ربع ميزانية الدولة في حفل تنصيبه، وقد حظي بمساعدة فرنسا خلال فترة حكمه نظير منحها الحرية التامة في التصرف في جزء كبير من البلاد وثرواتها، والذي ما لبث أن تم خلعه عن حكم البلاد بمساعدة الفرنسيين أيضاً في العام 1979م على يد ديفيد داكو في انقلاب أبيض ليتمتع بفترة حكم جديدة بعد فترة حكمه الأولى التي استمرت من العام 1960م إلى العام 1965م. وفي العام 1981م أطاح الجنرال أندريه كولينجبا بداكو في انقلاب أبيض أيضاً، واعتقل عدداً كبيراً من معارضيه وسن عقوبات قاسية للجماعات السياسية المعارضة، وذلك إثر عدة انقلابات عسكرية فاشلة حاولت الإطاحة به عن سدة الرئاسة. وفي العام 1993م تولى أنجي فيليكس باتاسيه رئاسة البلاد عن طريق الانتخابات وبدعم واضح من دولة تشاد صاحبة النفوذ الأقوى في إفريقيا الوسطى، وكان باتاسيه رئيساً للوزراء من العام 1976م إلى العام 1978م في فترة حكم بيديل بوكاسا جان، فيما تولى رئاسة الدولة من العام 1993م إلى العام 2003م حين أطيح به من قبل الجنرال فرانسوا بوزيزي في انقلاب عسكري، حيث قاد تمرداً ضد باتاسيه الذي سبق أن اختاره رئيساً لأركان الجيش ليضمن ولاءه، فانتهز المتمردون فرصة وجود باتاسيه في النيجر في العام 2003م ومنعوا طائرته من الهبوط في المطار، ما دعا قائدها للهروب إلى الكاميرون، وسيطر المتمردون على العاصمة بانجي، واعتلى بوزيزي سدة الحكم رئيساً للبلاد، متعهداً بقيادة مرحلة انتقالية لمدة عامين ينقل خلالها إفريقيا الوسطى إلى ما أسماه الاستقرار الديمقراطي، ثم أجريت انتخابات رئاسية في العام 2005م فاز فيها بوزيزي بمنصب الرئيس جامعاً بين منصبه رئيساً ومنصب وزير الدفاع الوطني. الصراع الحالي: يعد الرئيس بوزيزي مفتاحاً لفهم طبيعة أبعاد المؤامرة الحالية في إفريقيا الوسطى، فبوزيزي كان رئيساً مسيحياً موالياً لفرنسا شأن من سبقه، وقد سبق له أن حصل على اللجوء السياسي لفرنسا مرتين: الأولى في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، والأخرى في بداية التسعينيات، وقد استشرى الفساد في عهده، حيث كان حريصاً كل الحرص على تأمين نفسه من حمى الانقلابات الإفريقية، واعتمد في ذلك على ما لديه من خبرة عسكرية، مهملاً شؤون الدولة، ومتعمداً إضعاف جيش بلاده، إضافة إلى أنه سيطر على مناجم اليورانيوم والماس ووزع ثروات البلاد على الحلفاء الفرنسيين والغربيين في الخارج كسباً لودهم وجلباً لدعمهم ضد المعارضة المسلحة المتمثلة في تحالف مقاتلي سيليكا التي بدأت تقوى ويشتد عودها في ذلك التوقيت، أما القشة التي قصمت ظهر البعير فتمثلت في انهيار اتفاق تقاسم السلطة الذي أُبرم في يناير من العام 2013م والذي أفشله بوزيزي، حيث كان يقضي بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ودمج عناصر التحالف في الجيش الوطني للدولة، وهو ما انتهكه بوزيزي ولم ينفذه. ويتكوّن تحالف سيليكا من خمس مجموعات من الفصائل المقاتلة المعارضة للرئيس بوزيزي، يقدر عددها بنحو 25 ألف مقاتل، منحدرين من الديانتين الإسلامية والنصرانية، كما تتوزع جنسياتهم ما بين الإفريقيين الأوسطيين والسودانيين والتشاديين، ولا يعرف عنهم انتماؤهم لجماعات إسلامية جهادية كما تشيع عنهم فرنسا أو يشاع عنهم في التقارير الغربية، وكان يقود التحالف مايكل دجوتوديا – وهو مسلم -، والذي نجح في العام 2013م في قيادة تحالف سيليكا (الذي أنشأه في العام 2005م) للإطاحة ببوزيزي وتوليه سدة الحكم بعدما سيطرت قوات التحالف على القصر الرئاسي في شهر مارس وفرار بوزيزي إلى الكاميرون، إثر أشهُر من القتال بين التحالف وبين الميليشيا النصرانية الموالية لبوزيزي والمسماة (مناهضي بالاكا) أو (مناهضي السواطير) نسبة إلى نوعية السلاح الذي اشتُهرت الميليشيا النصرانية باستخدامه في مذابحها ضد المسلمين هناك. وفي سبتمبر 2013م أعلن دجوتوديا رسمياً حلَّ تحالف "سيليكا"، واتخذ خطوات جادة لدمج مقاتلي التحالف في الجيش، فيما بقيت بعض قوات التحالف محتفظة بقياداتها وبتماسكها. وفي ديسمبر من العام نفسه نزعت القوات الفرنسية – بالتعاون مع القوات الإفريقية الموجودة في البلاد – أسلحة أكثر من سبعة آلاف من مقاتلي التحالف ووضعتهم في ثكنات مختلفة بالعاصمة، وهو ما أشعل الأجواء من جديد، حيث كان ينظر المسلمون إلى تلك القوات على أنها حماية لهم من اعتداءات الميليشيات النصرانية، فخرج المسلمون في احتجاجات بشوارع العاصمة منددين بالانحياز الفرنسي ضدهم لحساب مناهضي بالاكا، في مظاهر أشبه ما تكون بالثورة الشعبية، وأقاموا الحواجز بالحجارة وإطارات السيارات احتجاجاً على انتشار القوات الفرنسية التي وصفوها بالمحتلة. وكان من نتيجة ذلك أن استنجد بوزيزي بمن أطلق عليهم (أبناء عمومته من الفرنسيين والولايات المتحدة) للتصدي لقوات التحالف، إلا أن الأمر جوبه بالرفض الفرنسي الصريح، وأكد الرئيس فرنسوا هولاند أنه لن يتم استخدام الجنود الفرنسيين المتمركزين في البلاد للدفاع عن حكومة بوزيزي. ويبدو أن التقارب الاقتصادي الذي أجراه بوزيزي بين بلاده والصين والولايات المتحدةالأمريكية على حساب فرنسا، ومحاولاته تغيير حرسه التشاديين الموالين لفرنسا بآخرين من جنوب إفريقيا؛ كان أحد أسباب تخلي فرنسا عنه في هذا الموقف. إلا أن خروج الأمر عن أيدي فرنسا وسقوط البلاد في يد دجوتوديا وتحالف سيليكا ذي النكهة الإسلامية نوعاً ما؛ أفاق فرنسا من جديد فأشعلت نار الفتنة بين المسلمين والنصارى، تلك النار التي لم يكن يعرفها تاريخ هذا المجتمع المسالم، ما حركها لدعم وتشجيع مناهضي السواطير للتحرك ضد المسلمين بهذه الصورة الفجة والدموية، وسحب سلاح السيليكا؛ الأمر الذي أضعف من قدرتهم أمام الميليشيا النصرانية، إضافة إلى الدفع ب 400 جندي فرنسي جدد ليصل عدد جنودها هناك إلى ألفي جندي، ورغم هذا العدد الهائل فإن المنظمات الدولية تتهم قوات حفظ السلام بالتقاعس عن أداء مهامها في تأمين المسلمين وحمايتهم، بل عدم كسر هيمنة الميليشيات النصرانية التي تهاجم المسلمين يومياً، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل: ما مهمتهم إذاً؟! وبالنظر إلى حجم المجازر اليومية التي تلحق بالمسلمين وقتل الآلاف منهم حتى الآن، وبالنظر إلى دمويتها وبشاعتها، واستهدافها للمساجد ودور العبادة الإسلامية فقط، وفرار عشرات الآلاف من المسلمين إلى دول الجوار هرباً من مجازر الميليشيات النصرانية؛ فإن ذلك يدعو للدهشة والتساؤل: إذا كان الصراع في الأساس على الثروات الطبيعية لإفريقيا الوسطى المتمثلة في الذهب واليورانيوم ومصادر الطاقة والأخشاب، وإذا كان الصراع مجرد مطامع اقتصادية وحرب ديناصورات المال والأعمال المتمثلة في فرنسا من جانب والصين والولايات المتحدة من الجانب المقابل؛ إذا كان كل ذلك فما العلاقة بينه وبين استهداف المسلمين، والمسلمون على وجه الخصوص؟! لماذا تُستهدف المساجد والصراع اقتصادي؟! لماذا يؤكل المسلمون أمواتاً وأحياءً – والمسلمون فقط – والصراع اقتصادي؟! لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نجنّب الصراع الديني عن المشهد؛ فالمطامع الاقتصادية والمادية التي تحرّك الغرب في كثير من مؤامراته، كانت تصحبها على المدى التاريخي مطامع أخرى دينية منذ الحروب الصليبية على الشرق، وانتهاءً بالأوضاع الحالية في بلاد الإسلام، والصراعان لا يتجزآن، بل ربما يفوق العداء الديني والثارات التي يحتجزها الغرب في صدره أيَّ عداء آخر، فالفتوحات الإسلامية التي طالت قلب أوروبا حتى وصلت إلى فرنسا نفسها وإلى أبواب باريس، هذه الفتوحات لم ينسها الغرب، بل كانت حاضرة في ذهنه يوماً بعد يوم، بدءاً بطرد المسلمين من الأندلس، مروراً بالحرب على العراق وأفغانستان، وانتهاءً بالوضع في مالي وإفريقيا الوسطى وغيرهما، فقد كان الصليب حاضراً ومهيمناً ومسيطراً.