الثلاثاء 11 مارس 2014 إن استخدام الألفاظ الخارجة عن الأدب شعار المهزومين كما يقولون، والكلمات التي يستخدمها العلمانيون وأمثالهم بحق الإسلام والمسلمين إن دلت على شيء، فإنما تدل على ظهور حقيقة هؤلاء العلمانيين في وطننا المغرب الحبيب الغالي على نفوسنا، حيث أن خلافهم مع المسلمين لم يعد خلافا سياسيا فحسب، بل عاد إلى حقيقته وأصله؛ خلاف عقائدي ديني بامتياز، الأمر الذي غفل عنه كثير من المسلمين من قبل، حيث تعاونوا لفترة طويلة مع هؤلاء على أن الخلاف سياسي لا ديني. فلماذا ينتقل الخوف من الإسلام إلى المسلمين أنفسهم، فتجد الإعلام وبعض المثقفين ذوي الخطاب العلماني يروج ل"فوبيا" الإسلام وكأن هؤلاء الكتاب والمثقفين لا ينتمون لهذا العالم الإسلامي، ولا يحملون الديانة الإسلامية!؟ وهم يعلمون حقيقة لا يستطيع أحدهم إنكارها وإن روجوا لخلافها وهي أن الإسلام حق، وهو الدين الأسرع نموا في العالم، كما نشر موقع ال"سي إن إن". ومن العجيب حقًّا أنه في الوقت الذي يحاول فيه العلمانيون في بلادنا هدم الإسلام، واتخاذ كافة الوسائل التي من شأنها محاصرته وتقويضه يشهد الغرب صحوة دينية متزايدة، وعودة مرة أخرى إلى الكنيسة، وتزايد تدخلها في الشأن السياسي والاجتماعي، بل واستلهام التراث النصراني من قبل الساسة في مخاطبة الجماهير؛ يقول أ.د.مصطفى حلمي: (فقد استطاعت الحركة الأصولية البروتستانتية أن تلعب دوراً مؤثراً في الحياة السياسية الأمريكية، واستعادة المفاهيم والتصورات النقية التي طرحتها الأصولية في بدايات القرن، وصبغها بأبعاد سياسية، واستخدامها في الواقع السياسي الأمريكي، بل وامتدادها لتشمل السياسة الخارجية الأمريكية، وكان المرشحون الثلاثة إبان انتخابات الرئاسة عام 1980م أندرسون وكارتر وريجان، كانوا يعلنون جميعًا انتماءهم إلى الإنجيلية). وتقول "كارين آرمسترونج" -أستاذة الأديان المقارنة بجامعة أكسفورد-: (إن الدين أصبح قوة يعمل لها حساب، وانتشرت صحوة دينية لم تكن تدور بخلد الكثيرين في الخمسينيات والستينيات؛ إذ كان العلمانيون يفترضون أن الدين خرافة تجاوزها الإنسان المتحضر العقلاني، وأنه على أحسن الفروض مجرد نشاط فردي عاجز عن التأثير في الأحداث العالمية). ويقول القس الألماني "جوتفرايد كونزلن": (ولقد قدمت العلمانية الحداثة باعتبارها ديناً حل محل الدين المسيحي، يفهم الوجود بقوى دنيوية هي العقل والعلم.. لكن، وبعد تلاشي المسيحية في أوروبا سرعان ما عجزت العلمانية عن الإجابة على أسئلة الإنسان، التي كان الدين يقدم لها الإجابات.. فالقناعات العقلية أصبحت مفتقرة إلى اليقين.. وغدت الحداثة العلمانية غير واثقة من نفسها، بل تفككت أنساقها العقلية والعلمية عدمية ما بعد الحداثة.. فدخلت الثقافة العلمانية في أزمة، بعد أن أدخلت الدين المسيحي في أزمة.. فالإنهاك الذي أصاب المسيحية أعقبه إعياء أصاب كل العصر العلماني الحديث). لقد جرجرت العلمانية الشعوب الإسلامية إلى متاهة حقيقية؛ فكانت سرابًا يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، فكانوا كالمُنبَت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى. وفي الختام أبشركم أن الخطاب العلماني يعاني من أزمة في علاقته بالدين، ولست أقصد موقفه هو، فهذا أمر محسوم منذ زمن، ولكني أعني كيفية إيصال هذه العلاقة إلى جماهير الناس، فالازدواجية طافحة لمن لديه أدنى اطلاع على أدبيات القوم وآرائهم، فهم من جانب يحاولون إقصاء الدين من حياة الناس، وإن وجد ففي شكل شعائر فردية في زوايا منسية، أما أن يهيمن الدين -والكلام هنا على الإسلام خاصة- على مناحي الحياة المختلفة، فهذا ما تحاول العلمانية القضاء عليه بكل ما أوتيت من قوة. إن من حق كل إنسان مسلم أن يحذر من العلمانية وأساليب خداعها، ومن حق كل إنسان علماني أن يعود إلى الإسلام بشموله وتكامله وتوازنه بعد أن خدعوا قراءهم ومريديهم فقالوا الغرب تخلى عن دينه.