تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الإثنين المقبلين    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    كافي: يجب مناقشة التعديلات المقترحة على قانون مدونة الأسرة بعيدا عن التعصب لرأي فقهي    هذا نصيب إقليم الناظور من البرنامج الاستعجالي لتعزيز البنيات التحتية بجهة الشرق    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام بين العلمانية والحكم المسبق قراءة في ردود محمود بلحاح على الشيخ الفيزازي
نشر في شبكة دليل الريف يوم 27 - 01 - 2012

" الاختلاف لايفسد للود قضية " من امثال فقهاء الاسلام " صحيح أن الوعي يملك مقومات ثقافية بارزة لكن التغيير لايتم في الوعي بل في الولقع وهو سياسي واجتماحي وفردي "
الفيلسوف النمساوي : غادمر
تعتبر العلمانية إحدى المنضمات الفكرية التي تساوق المفهوم الجيوسياسي (الجغرافية السياسية ) للمسألة العلمية في إطارها الحداثي , كما تعتبر عند الكثيرين المسطرة المبدئية لقياس مستوى المدنية , وبما أن ذلك كذلك فإن العلم هو الاطار المبدئي للعلمانية ومجال تواجدها وتفاعلها على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية, وبهذا المنطق تدور العلمانية في العالم ,ونادرا جدا ما نجد علمانيين يبحثان المسأة العقدية بالمنطق العلماني إلا في عالمنا العربي . وفي المقابل ما أن ينطق أحد ويحسب نفسه على العلمانية إلا واتهم بالكفر أو بالخطأ على أحسن تقدير , ولن تجد صراعا فكريا شرسا أكثر مما يدور بين العلمانيين والمسلمين العرب ,ووصل إلى حد إهدار الدم ,(=وحالة فرج فودة والاخوان المسلمين في مصر كنموذج), وقد يكون هذا الصراع فكريا عاديا كما في النموذج الذي بين أيدينا .
وفي هذا الحوار الفكري لن تجد طريقا إلى التوافق بين مسلم وعلماني , ربما مرد هذا إلى اعتبار البعض أن العلمانية تدور في فلك العلم والدين يدور في فلك العقيدة , وربما أيضا يكون هذا هو جوهر التماس بين الفكرين . وما يجمعهما وينفرهما معلم واحد هو الدولة وعلاقتها بالدين , وبالضبط مسألة : فصل الدولة عن الدين . ينقسم المفكرونالذين يدورون في فلك الصراع الذي يصب في موضوع فصل الدين عن الدولة إلى أربع نزعات Ώ أ النزعة التوفيقية:
أصحاب هذه النزعة يميون إلى الربط بين ما هو ديني وما هو علمي إي الربط بين الأصولية والمعاصرة ,ويون أن الدين والعقل لايتناقضان وباتالي فللدين والعلم هدف واحد ,وهو إصلاح البشرية , يقول محمد عبده : "ما بالهم قنعوا باليسير وكثير منهم من أغلق على نفسه باب العلم ظنا منه أنه يرضي الله بالجهل , وإغفال النظر فيما أبدع من محكم الصنع "(2) . والجمع بين الدين والعلم في هذا النموذج التوفيقي سرعان ما احتوته الدولة القطرية لهدف شرعنة أنظمة الحكم , وصرت إذا نظرت في المسألة لاتميز فيها بين ما هو ديني وما هو سياسي , والدولة في هذا النموذج تكفلت بنظام الحكم والدين , فيصوم المواطن لهلال الدولة و ويفطر له , وقد نجد في مثل هذه الدول سلوكل عبثيا في الأمور المصيرية للدولة وألأمة مثل الموقف من القضية الفلسطينية وشرعنة خيرات البلاد لغير أهلها , وربما تجد ضمن هذه النزعة من ينادون بالصحوة الاسلامية ولكن لاينادون بمسؤولية المجتمع عن حاضره بل تنادون بمسؤولية الأيمة ورجال الدين أ وأنهم ينادون ليستيقظ الاسلام وينام المسلمون .
هذا وبرغم مل يحمله الاسلام من مبادئ علمية وأخلاقية إلا أن المسلمين لم يستفيدوا من ذلك , فلا زال المسلمون يستوردون كل شيئ وحتى الأخلاق , مما جعل شريحة لايستهان بها في المجتمعات الاسلامية تشمئز من هذا الوضع , وتبحث عن حل خارج المنظومة الدينية الاسلامية ' فيسقطون في مأزق الحكم المسبق عن فشل الدين في إصلاح أمور المسلمين وينسون أو يتناسون أن الخطأ ليس من الدين بل المشكل في محتضني هذا الدين , والحق أن العبث في أمورالدولة والناس ليس من العدل أن نلحقه بالدين ,كما أشم رائحة ذلك في كلام محمد بلحاج , وأضيف أن الدين الاسلامي هو دين الفطرة " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوذانه أو ينصرانه أو يمجسانه " (3) فضياع الذات مسألة تربوية وأخلاقية , جوهرها هو تدخل الانسان في صناعة المصائر بنية فاسدة , فإذا تم التوافق بين الانسان والمصير بما هو أفضل حصل الحسن ,وحسنت معه كل الأمور وإذا فسد الأمر ضاع الانسان , والحسن في التربية لدى المسلمين هو التشبث بالكتاب والسنة " تركت لكم ما إن أخذتم به لن تضلوا أبدا : كتاب الله وسنتي "(4) وفي القرآن الكريم " إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (5) فالخروج عن سكة الكتاب والسنة يعني الضلال المبين . ويتمثل هذا الضلال أصلا في عدم احترام القوانين الإلهية " رأس الحكمة مخافة الله " (6) والشواهد التاريخية التي منها : عصر الخلفاء الراشدين وأيام حكم عمر بن عبد العزيز حيث لم يسجل تاريخ الاسلام في عهد العمرين أخطاء سياسية أوإدارية أو اقتصادية أو اجتماعية . هي دولة كان الاسلام فيها هو الحكم , وكان صانعوا القرار غير عبثيين وغير أنانيين , وما أن وضعت الدولة الاسلامية في أيد غير أمينة , ظهر الفساد في البر والبحر .
وحسب رأيي الشخصي أن ربط الحكام مصيرهم بمصير الدول المهيمنة وجعل العلاقة بينهما تبعية في شكلها التلازمة هو أيضا ساهم في تأزيم الوضع, فلا لوم على الدين, لذا فتحقيق المشروع السياسي والحداثي دون العلمانية (7) أمر ممكن فالدول الاسلامية في عهد ازدهارها حيث العدل وإحقاق الحق لم تكن دولة علمانية ومع ذاك حققت نجاحا باهرا في العدل , فعهد عمر بن الخطاب يضرب به المثل لحد الآن. ويتساءل الكاتب : هل كان الصراع سيندلع بين المسلمين حول الحكم لو كان الاسلام بالفعل دين ودولة ؟
في الحقيقة أن الصراع الذي دار ابتداء في دار السقيفة كان في وقت حرج يستدعي تدخلا شافيا من طرف الصحابة , وقد دار الحوار في دار السقيفة بين المهاجرين والأنصار في وقت كانت الأمةالاسلامية على شفا بحر من الفتن ,والمنافقون بين المسلمين يتحينون الفرص لإفساد أمر دولة المسلمين . وقبل وفات الرسول ص كانت هناك فتن مثل قطع من الليل كما جاء في الحديث (8) . وهذا ما سيتبلور في ظهور عدة أنبياء كذابين مثل الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب وسجاح في اليمن مما استدعى حروب الردة المعروفة في تاريخ الاسلام ,و يروي الإمام البخاري في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة (9) خبر السقيفة واختيار خليفة المسلمين فيقول: حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة قال: أخبرني عروة بن الزّبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "إن رسول الله لما مات اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير, ومنكم أمير, فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة, فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر, وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيّأت كلاماً قد أعجبني خشيت ألا يبلغه أبو بكر, ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس, فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل, منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا, ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء, هم أوسط العرب داراً –يقصد قريشاً- وأعزهم أحساباً, بايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت, فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عمر بيده وبايعه الناس".
ومن المعروف أن الصحابة كانوا أحرص الناس على العدل فكانو يعتبرون أنفسهم قدوة في الصلاح فما كانوا ليفعلوا لو رأوا هناك موقفا شافيا غير ما فعلوا , كما يظهر ذلك أيضا في مشاكل ما بعدهم حينما تم الاستيلاء على السلطة عنوة في عهد الاقطاع الأموي .
وأرى أنه من الممكن جدا أن يجتمع كل من الدين والدولة في تدبير شِون الناس بشرط أن يطبق الاسلام تطبيقا علميا وعمليا وأن تراعى في الدولة الاسلامية حكم الأغلبية , عن طريق التشاور / النتخاب ' "وأمرهم شورى بينهم " (10) .
وأرى أن أورد هنا كلاما كلاما للصادق النيهوم ,يدعم فكرة صلاحية اجتماع الدين والدوالة , إذ يقول " إن الدين أيضا مثل البرلمان شريعة مستحيلة التطبيق في محتمع لايملك سلطة الأغلبية , لأن مسؤولية الناس عما كسبت أيديهم مسؤولية لاتقع شرعا حتى يصبح الناس مسؤولين بالفعل عن اتخاذ القرار التنفيذي" (11).
ثم نقرأ للأستاذ بلحاج " وهل يعقلأن يكون الاسلام قد تناول جميع الأمور .......العبادات والتجارة والنكاح ولا يتناول قضية من يتول الحكم ......... والقرآن يقول : " ما لافطنا في الكتاب من شيء " ........." .
من الغرابة أن نسمع هذا من مثقف , هل يريد الأستاذ أن يتحدث القرآن عن كل شيء , حتى عن الربيع العربي , أيمكن أن نلغي التاريخ لأن القرآن لايتحدث عن المماليك والسلطة العثمانية مثلا ؟ لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز " وأمرهم شورى بينهم " ق كريم فعلى المسلمين أن يبحثوا وأن يدبروا شِؤون حياتهم وفق للتطورات الكونية ... والتأقلم مع أوضاع الحياة المختلفة هي مهمة المسلمين ,والله يوفق لمن أراد الحسنى .....أما حصر الخلافة في قريش بالذات دون غيرهم من المسلمين فهذا أمر مرده في البداية إلى ما أشرت إليه من مشاكل التي صاحبت بدايةالنبوة واستمرت إلى نهاية الحكم الراشدي , ومن بعده سيطرة الأمويين , والخلاف الذي دار بين الأمويين من جهة وعبد الله ابن الزبير والحسين بن علي من جهة أخرى ,وكلا الفريقن من قريش لدليل على وجود شطط في تحول السلطة , يضيف الكاتب " القرآن يصف النبي مبشرا ونذيرا وداعيا إى الله ............ ولم يصفه بالزعيم أو الرئيس .
أقول أن الدعوة إلى الله ليس المقصود منها المجالين العقدي والتعبدي فقط بل الدعوة إلى الالتزام وهو واضح في عدة آيات يقول الله تعالى : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " (12) " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار "(13) . وكثير من الآيات الأخرى تدل على أن ربط الايمان بالعمل الصالح هو ما ينفع الناس وليس الزهد والتواكل كما يفهم من يعيش عالة على الاسلام والمسلمين , وليس كذلك من يتخد من الاسلام جبهة قتال لاجبهة حوار أو يرمي بالدين الحنيف إى التحييد .
النزعة التحييدية:
نزعة يعترف أهلها بالاسلام كدين مع عدم خلطه بالسياسة وهذا الميل الفكري الدي ينزع إلى التحييد يفرض على الدين نوعا من حيادية الوجود أي نزع قيمته وهدفه , فالحيادية تفيد معنى رفض الغائية والقيمية , فيفقد الدين قيمته كمنظومة فكرية ووجدانية وعملية وممارسية وعلمية في صيرورة الانسانية , وهذا ينافي الشواهد التاريخية ألتي تشهد بأن المجتمع الاسلامي تحول نحو الأفضل بعد ظهور الاسلام .
والنزعة التحييدية في الفكر الاسلامي ليست جديدة فهي تمتد بجذورها إلى زمن ما بعد معركة صفين مباشرة حيث ظهر ت فرقة المرجئة بالحياد فرفضت إدانة أي من فريقي النزاع حول الحكم (= فريق علي وفريق معاوية) فكانت أول فرقة حملت بذور العلمانية ومالت إلى فصل السياسي الاداري عن سلامة الإيمان (13) .
وقد نجد مثل هذا النزوع عند الكواكبي عندما دعا إلى الاتحاد الوطني دون الديني .
والنزعة التحييدية نزعة ترقيعية الهدف منها عند المرجئة الهروب من ابداء الرأي وبالتالي التنصل من مسؤولية التموضع إلى جانب إحدى الفريقتين , وعند الكواكبي الهدف منه إرضاء جميع الفرقاء الديبنيين والميل نحو الدولة اللائكية التي شرب من كأسها في الغرب , ومن المفكرين المعاصرين الذين يقولون بالنزعة التحييدية : زكي نجيب محمود , صاحب كتاب تجديد الفكر العربي نقرأ له " والق أنه لوكان المقصود بالكلمة شيئأ واحدا في الحالتين لعجبت أشد العجب من هؤلاء المعاصرين الحمقى الذين يجعلون من فكة الحرية مدارا لجزء كبير من نشاطهم الفكري " (14). ويقول في مكان آخر " إما أن نعيش عصرنا بفكره ومشكلاته وإما أن نرفضه ونوصد الأبواب لنعيش تراثنا " نفس المرجع /ص189 , والأستاذ بلحاج يلمح إلى نفس الفكرة مع فارق هو: أن نومن بالاسلام كدين ولكن دون تطبيقه في مجال السياسةوالدولة , يقو الأستاذ بلحاج :" لا يعنى أبدا أننا نسعى إلى استبعاد كلي للدين من المجتمع وإنما نسعى إلى إعادة النظر في علاقة الدين بالسياسية ، وبالتالي إعادة النظر في دورالفقهاء وإمارة المؤمنين في مجال الحياة العامة للمجتمع المغربي الأمازيغي" .
أعتقد أن الأستاذ بلحاج واضح في اعترافه بالديد كدين ولايعترف به كمبدإ سياسي لأسباب مذكورة في النص , وكان يجب ألا يحمل الدين الاسلامي مسؤولية سلوك بعض المسلمين , فما يجري في الواقع ليس دائما هو ما يجب أن يكون , وما يجب أن يكون هنا , قد نجده كائنا في مكان آخر , والعكس بالعكس ,لأن سلوك الانسان لايتطابق دوما مع ما يعتقد به إلا إذا كان مخلصا فيه , يقول محمد عبده " ما يوفق مجتمع العقل والعلم القائم في الغرب هو مادعا إليه القرآن , وما يوافق المجتمع الذي يعيش فيه مسلم اليوم , أي مجتمع الكسل والجهل والتواكل هو ما جاء في الانجيل , لايجوز إذن إسناد حيوية وتقدم الغرب إلى أمانة النصارى (= إنصافهم لديانتهم وتقديسها ) , كما لايجوز ربط جمود وتخلف المسلمين إلى عقيدة الاسلام , في كل حالة يخالف السلوك المعتقد "(15) . ويمكن اعتبارضمن هذا السلوك أيضا تصرفات بعض من يدعي الانتماء إلى الاسلام وهو لا يطبق من الدين إلا ما يناسب مآربه , وهؤلاء أشار إليهم القرآن الكريم في قوله تعالى " أتومنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض , فما جزاء من يفعل ذلك إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب " .
وهذا النوع من المسلمين مسلمون بالاسم وحياديين بالعمل , وكأنهم يجعلون الدين بدون غاية أو وكأن الإرادة الإلهية عبثية , وينسون أو يتناسون قول الرسول ص " قل آمنت بالله ثم استقم " (16) فالايمان في غياب الاستقامة غير مقبول , والاستقامة هي مجال احقاق الحق وإبطال الباطل , ورسالة الاسلام هي كذلك , ومن أراد أن يحيد بالاسلام عن واقع المسلمين عليه أن يتذكر أولا أن هذا الانسان اختاره خالقه لتحمل المسؤولية الكبرى , قال تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السسماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان" (17) . لنكون مسلمين حقيقيين واقعيين ربانيين لافقهاء متملقين يبحثون عن مصالحهم باسم الدين , وفي هذا شرك واضح ,لأن كل عمل لم يكن كله لوجه الله فهو باطل ومردود , وليس من الاسلام في شيء . و أتمنى أن الا ينظر الأستاذ بلحاج إلى الاسلام من هذه الزاوية .
النزعة التلفيقية
يمثل هذه النزعة الحركة السلفية الاحيائية المتعصبة التي ترى أن الحياة دار إسلام أو دار حرب " وفي الحقيقة أنك لن تستطيع تحديد فئة بعينها في عصرنا هذا , لآن الحركات الاسلامية في الوطن العربي فئات لاحصر لها : الإخوان المسلمون جماعة الجهاد جماعة الهجرة والتكفير جند اله جماعة القاعدة ون ضمنها الطالبان التي يقول فيها رضوان السيد " إن الطالبان ليسو أصوليين , وإنما هم شباب ذوو ثقافة دبينية تقليدية " (18) إضافة إلى جماعة العدل والاحسان في المغرب ....... وأود الاشارة إلى أنني لاأصنف الجماعات التي تندمج ضمن الأحزاب التي يقال عنه "أحزاب دينية " كما نسمع في الاعلام, كحزب النهضة التونسي , أو حزب العدالة والتنمية في المغرب, إنما ألحقها بالنزعة التوفيقية .
ومن الملاحظ , في هذه الجماعات ,أن في كل فرقة يوجد متطرفون ومعتدلون وقد يغلب تيار الاعتدال كما جماعة الاخوان وقد يغلب تيار التعصب كما عند القاعدة , كما يلاحظ أيضا إن هده الفرق تأخذ أشكالها من موقفها من العمل السياسي مع ربطه بالديني ., فحركة الاخوان مثلا لاترى أية مشكلة في التعامل السياسي مع أي إنسان آخر , نجد جماعة القاعدة تختار أصدقاءها بعناية فائقة . ولاتجتمع هذه الجماعات في اتفاقها إلا في إنتاج فكر نقيض ضد العلمانية , أو ضد الشيوعية , وهي تجربة هزيلة تعتمد أسلوب العنف أو القذف عند هم أكثر مما تعتمد أسلوب الاقناع الفكري , وربما تجد ذلك في نقيضها العلماني لكن بنزوع إلى أخذ مشروعية الحرب من كلام تلك الجماعات (= فرج فودة كنموذج). وما يميز هده الفرقة التلفيقية أيضا هو ميلها الشديد إلى العنف الذي زاد من حدة تداعياته موقف الغرب وعلى رأسه أمريكا وربيبتها إسرائيل من القضايا العربية المعاصرة (= قضية فلسطين العراق أفغانستان ....................) وكذلك تدخل الغرب في شؤون المسلمين , هذا العنف كثيرا ما تتخذه هذه الجماعات كمبدإ ديني وترتبه ضمن حيثيات الجهاد الذي يعتبر فريضة غائبة ( = الاخوان / سيد قطب ), وتفاقم هذا العنف خاصة ضد الديانات الأخرى برفض هذه الجماعات ما يطلق عليه " حوار الديانات أو حوالرالحضارات " فعمدت الطاللبان وحطمت تماثيل بوذا الذي هو نفسه لم يقل بها , حينئذ قال الهلاي لاما بما معناه : إن المسلمين لم يعترفوا بنا كحجارة فكيف يعترفوا بنا كبشر لهم ح أيضا ق في الوجود , كما عمدت القاعدة وحطمت المركز التجاري العالمي في أمريكا , كل هذا باسم الدين , وجاءت استنتاجاتهم في حلة تلفيقية أسكرت حتى بعض المعتدلين .
نقول عن هذه الجماعة بأنها ذات نزعة تلفيقية لأنها تحاول إدخال في الاسلام شيئا لاتوجد له ضرورة , فالله تعالى يقول " لاإكراه في الدين "(19)"وجادلهم بالتي هي أحس "(20) كما أن سلوك المسلمين الأوائل لايشبه هذا في شيئ أ زد على ذلك أن العالم اليوم أصبح قرية وسكان الكرة الأرضية كلهم جيران , فلا يجوز فرض الذات والفكرة , كما لايجوز إنكار شعور الآخر , والسلعة غير الصالحة ترجع لأهلها , فكيف سيبلغ المسلمون وهم على هذه الحال . قال رسول الله ص " بلغوا عني ولو آية" (21) .
النز عة العدمية نزعة ترنوإلى عزل الدين عن مؤسسات الدولة بهدف محاصرته , ويمثل هذه النزعة العلمانيون الذين يعيشون في المجتمعات ذات نمط تاريخ اجتماعي ديني , ويمثله أناس مبهورون بالديمقراطية الغربية وحقوق الانسان , ويظهر هذا السلوك وكأنه وسيلة دفاعية للحفاظ على الذات , وهذا التحرك الفكري شبيه بذلك الذي سبق الثورة العلمية في غرب أوروبا , ذلك التحرك الذي بدأ باختراق الأنساق القديمة القائمة آنذاك والذي كثيرا ما جلب على أهله ويلات الكنيسة . والفرق بين هذا وذاك هو أن الفكر العلماني في الوطن العربي يعتمد منطق العدمية بإفعال مفهوم العلمانية في الأعمال الفكرية : الدين / الاجتمكاع/السياسة , مع محاولة فصل الدين عن المؤسسات الأخرى في المجتمع ,فنتج عن ذلك اصطدام مع الفقهاء والاسلاميين وكل من له المصلحة في تغييب الفكر العلماني , وبقي هناك في بوتقة صراعه حوالي قرن من الزمن .
أما الفكرالعلماني في الغرب الحداثي فقد اعتمد منطق وممارسة البحث العلمي , فاخترق الأنساق(القديمة)وظهرت إلى الوجود اللآلة البخارية والكهرباء وتقدم الطب , كل ذلك بموازاة الفكر الفلسفي الفعال الذي اهتم بالفعالية التربوية , واستمر التطور والنمو .ووو...............ولا زلنا نحن نئن تحت إشكالية إعادة النظر في إشكالية علاقة الدين بالسياسة محملين دين الله أخطاء من قال فيهم كتاب الالله " مذبذبين بين ذلك لاإلى هؤلاء ولا إلا هؤلاء "(22).
قد نجد هناك مفارقة نوعية عند مقارنة تأثيرالفكر العلماني في دول الجنوب معه في دول الشمال, وذلك في موضوع فصل الدين عن الدولة ..... فإذا كان الهدف من هذا في الغرب المسيحي هو تضعيف تدخل الدولة في أمور الدين , لأن الولة في رأيهم تستمد أخلاقها من خارج الدين (= قد يكون مصدر هذه الأخلاق العلمانية أو غيرها , كالصهيونية أو الماسونية أو حتى النازية ) , حتى أن الكثيرين في الغرب العلماني يعتبرون زواج الكنيسة أقدس وأربط من زواج مدني عادي , فإن المسألة في دول الجنوب تدور حول تقليل تدخل الدين ,أو عدم تدخله ,في أمر الدولة , في تلميحات مستنتجة من أخطاء بعض من يحسبون على الاسلام, مفاد هذه التلميحات أن الدين يفسد أخلاقيات الدولة المتعلقة بالحكم ودور الفقهاء , هؤلاء الذين ضاعوا في بحثهم المستمر عن التأقلم برفق بين التعصب والاعتدال من جهة , وبين الدين والسياسة من جهة ثانية , وبين صراع الحضارات والحوالر الديني العالمي من جهة ثالثة .
الخاتمة
يعتمد الانسان حين يتحسس وجوده وكنهه وماهيته , أمورا تؤكد له صحة وجوده , ويعمد إلى البحث عن شيء يثبت قدماه في واقعه ,قبل أن يفلت هذا الواقع من تحت قد ميه . من هنا تنشأ الأمور العقدية(= من العقيدة/الاعتقاد) , والعقدية هذه توجد في ذات كل فرد , (وقد تتطور لتصبح هذه الذات ذات جماعة ) وهي ترافق الفرد/الجماعة عندما ينظر في أمر ما فيعتقد أنه أدرك , فيغريه ذلك , وينبهر بالنتائج التي يجري وراءها , مما يجعل الفرد يشعر بالزهو الذي يقود إلى إعتماد العقل في جميع الأمور ' لكنه حينما يزل (=يسقط في الخطا) يعود إلى البحث من جديد . وهذه هي عادة إعمال العقل دائما (= دوام تغير النتائج المتوصل إليها عقليا ) لأنك إذا أردت للصور أن تعكس الواقع وتعبر عنه بصدق لابد أن تتصف بالحركة وتبتعد عن الجمود . ومن هنا يولد التطور .
خلال هذا التطور يحتاج الفرد / الجماعة إلى مبدإ يستبطنه ............ وهنا تتدخل العناية الإلهية , فتكون النبوات والرسالات السماوية , فيؤمن من يريد ويكفر من يريد , لكن الواقع ذاك لايزال مشتركا بين هذا وذاك , بين من يؤمن وبين من يكفر وبينه وبين من ينزل بين المنزلتين (= علماني موحد=مسلم)....... فالمسلم دينه وموقفه ومدرسته(=الفكرية) وهدفه ونمط عيشه وسلوكه ينبع من شيء واحد هو دينه, لأن الموقف والمدرسة يجب ألا يتناقضا وإلا سقط في المحضور , والاسلام سياسة وتتمثل في الأمانة , وهو السلوك الفردي/الجماعي ويتمثل في الإيمان ,وهو مسؤولية جماعية, وتتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وهو الدعوة إلى الخوف من عذاب الخالق ويمثله الوعد والوعيد /الجنة والنال . والإسلام قانون ونهج حياة في آن واحد , لذلك فأحكام الدين , هي دائما , أحكام مسبقة تأخذ مشروعيتها من منبع سابق ودائم هو المشرع الذي يتدخل في كل الأمور الدينية والدنيوية ليوجه الإنسان نحو الأفضل . فكل شيء من الله صائب , وبعض الشيء من الإنسان قد يكون خطأ لأنه مخلوق ضعيف , ولكنه مجهز بطاقة تؤهله للتصرف في الطبيعة , إن أحسن التأقلم معها .
أما العلمانية فهي موقف غير دائم , لأن العلمانية سلوك/حل اجتماعي سياسي وهو حل مؤقت في انتضار عجلة التطور لتسحقه كما سحقت المواقف والمنضومات السابقة عن العلمانية .
والعلمانية سياسة لكونها تبحث أمور الدولة , وهي مبدأ إجتماعي حيث يقر ويدعوا إلى احترام حقوق الانسان , وهي نهج حياة,ولكنه لايمكن أن تكون قانونها , لأن العلمانية شيء متغير بحسب إرادة الأفراد , وعند تدخل النزعة الفردية في أمر ما غابت ضمانة الاتفاق , ومع غياب الخوف من عقاب خالق /مراقب قد يغيب الضمير الذي قد يستعصي إيجاده خارج الدين , وبعض الأنظمة الأرضية تدعوا إلى اليمين الدستوري وهي علمانية , فعن أية مرجعية تؤخذ الأيمان ؟ ,
و الضمير ذاك إذا غاب عن أهل الاسلام فمعناه الخروج من منهجه , لذا فلا يمكن اعتبارمن فقد ضميره من الناس مؤمنا سالما , ثم نحمل الاسلام أخطاءه , لأن ذلك ظلم للإسلام والمسلمين .
وأود أن أشير إلى أن مرد صلاح الأمورلا يتم بإعمال العقل وحده , ولا بالدين وحده ولا بالوجدان وحده ولا بالعلم وحده بل صلاح الأمور يتم بربط كل من العقل والدين والوجدان والعلم بالعمل في الواقع المعاش ولا يتم تغيير الواقع إلا بتغيير النيات وتوجيه الإرادة توجيها سليما " إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيرةا ما بأنفسهم " (23).
و" من طلب رضا الناس جميعا فقد طلب المستحيل"( 24)./.
الهوامش
1 :Ώ اربع نزاعات : التوفيقية التحييدية التلفيقية العدمية . أورده الدكتر طيب تيزيني في مِؤلفه الرائع : من التراث إلى الثورة ووظفتها في موضوع غير موضوع , وبمعنى غير آخر.
2 رسال التوحيد ص 466
3 حديث شريف
4 حديث شريف
5 آية قرآنية
6 (حديث شريف
7 يمكن فصل الحداثة عن العلملنية , لأن الحداثة
8 ( صحيح مسلم 8: 168باب نزول الفتن
9 (حديث رقم 3668)
10 آية قرآنية
11 الصادق النيهوم / الاسلام في الأسر/ ط 1 / سنة2000/ ص 48
12 آية قرآنية
13 حسن الصفدي في رده على الصادق النيهوم / المرجع السابق : ص 327
14 زكي نجيب محمود / تجديد الفكر العربي / ط5/1978/ص184
15 هذا النص أورده عبد الله العروي / مغهوم العقل/ ط1/1996/ص53
16 آية قرآنية.
17 آية قرآنية
18 رضوان السيد / الصراع على الاسلام ط1/2005 /ص 28
19 ية قرآنية
20 آيةقرآنية
21 حديث شريف
22 آية قرآنية
23 آية قرآنية.
24 الفيلسوف : سقراط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.