السبت 21 ماي 2016 مما هو معلوم استحباب صيام شهر شعبان، لما رواه أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ (!) قال: ((ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم))(1). – لكن ينبه على أمرين: 1- لا ينبغي صيامه كله -أي شهر شعبان-، وإنما يصوم منه ويفطر، كما كان هديه فيه -صلى الله عليه وسلم-. فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله -صلّى الله عليه و سلّم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان))(2). وعنها -رضي الله عنها- قالت: ((لم يكن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يصوم شهرا أكثر من شعبان؛ فإنه كان يصوم شعبان كله))(3). قلت: أي أكثره وهذا من باب التغليب، ويوضحه الحديث السابق وقولها كذلك -كما عند مسلم-: ((كان يصوم شعبان إلا قليلا))(4). 2- لا يتحرى صيام النصف وما بعده، لورود النهي عن ذلك. قلت: يجوز لمن كان له ورد أسبوعي في الصيام؛ -كمن يواظب على صيام يومي الاثنين والخميس؛ أو صيام الأيام البيض. أو يصوم صيام داود -عليه السلام- يصوم يوم ويفطر يوم-؛ فهذا يجوز له الصيام في النصف الثاني من شعبان إن كان على هذا النحو، ولو وافق اليوم السابق لرمضان، أو ما يسمى بيوم الشك، ويستحب أن يفصل بين شعبان ورمضان بيوم أو يومين، لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم و لا يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه))(5). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))(6). قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "حمل النهي على من لم يكن له عادة بالصوم، فإن كان له عادة فلا حرج أن يصوم في النصف الثاني من شعبان"(7). وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى. الهوامش (1) حديث حسن: المسند (21753)، سنن النسائي (2357). نظر: إرواء الغليل (103/4). (2) صحيح البخاري (1969)، صحيح مسلم (1156)(175). (3) صحيح البخاري (1970)، صحيح مسلم (1156)(177). (4) صحيح مسلم" (1156)(176). (5) ٍ صحيح البخاري" (1914)، صحيح مسلم (1082) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. واللفظ ل"صحيح مسلم". (6) المسند (9707)، سنن أبي داود (2337)، سنن ابن ماجه (1651)، سنن الترمذي (738)، وقال الإمام الترمذي: "حديث حسن صحيح". وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (397)، وإسناده على شرط مسلم. (7) فتح الباري" (215/4).