ليلة الجمعة الماضية ضرب الزلزال. وفي صباح يوم السبت بدأت تأتي الأخبار، وبدأنا نستوعب شيئا فشيئا حجم الكارثة مع مرور الوقت. وبعد يومين، اتضحت الصورة أكثر. الزلزال كان قويا، والدمار كان جارفا، والمأساة عظيمة، والشهداء تجاوزوا الألفين. وفوق هذا وذاك، كان الحدث مفاجأة بكل المقاييس سواء العلمية أو التاريخية أو الاجتماعية أو التنموية. من الناحية العلمية، ضرب الزلزال منطقة تصنف في خانة المناطق المستقرة جيولوجيا. فالزلزال يتم رصده في ملتقى الصفائح التكتونية أو في أطرافها، كما هو شأن زلزال أكادير سنة 1960 والحسيمة سنة 2004. لقد كانت تلك الزلازل طبيعية من الناحية العلمية لأنها ضربت مناطق تقع في ملتقى الصفيحة الإفريقية بالأوراسيوية. لكن زلزال الحوز ضرب منطقة تقع فوق الصفيحة التكتونية وهو ما أثار استغراب وحيرة علماء الزلازل. من الناحية التاريخية، تعتبر المناطق التي ضربها زلزال الحوز، مستقرة جيولوجيا ولم يسجل تاريخ المنطقة الزلزالي أي حوادث أو ارتدادات تكتونية. وبالتالي فقد كان علماء الزلازل يستبعدون أي حركة زلزالية في المنطقة وفق البيانات التي يتوفرون عليها. لكن زلزال الحوز بعثر تلك الأوراق ليس بالنسبة للمعهد الوطني للجيوفيزياء، وإنما على صعيد المختبرات العالمية المتتبعة للحركات الزلزالية في الكرة الأرضية. من الناحية الاجتماعية، ضرب زلزال الحوز منطقة كانت تاريخيا، مستقرة وبعيدة عن الكوارث الطبيعية، وهو الأمر الذي جعل سكانها يعتمدون البناء التقليدي المكون من الطوب والطين والخشب. هذه البنايات، لا حول لها ولا قوة في مواجهة زلزال من مستوى 7 درجات على سلم ريشتر. فماذا عسى زلزال بقوة 25 قنبلة نووية أن يفعل بمنطقة مبنية بالطوب والطين؟ أما من الناحية التنموية، فقد وقع اختيار المنطقة وعاصمتها مراكش، لتكون منطقة سياحية بامتياز. وعرفت استثمارات في مجال السياحة جعلت من مراكش وجهة عالمية ومرآة المغرب في سوق السياحة العالمي. وهو الأمر الذي زاد من تعميق الأزمة. هذه المعطيات جعلت من قوة الزلزال مفاجأة كبرى، وحجم الدمار كان كبيرا وكبيرا جدا. ومما زاد من حدة المأساة، كون الزلزال لم يضرب منطقة محددة جغرافيا يسهل التعامل معها في عملية الإنقاذ. بل دمر قرى كثيرة متناثرة، متباعدة ومسالكها صعبة. لكن حجم التضامن الذي أبان عنه المغاربة، من شأنه ترسيخ إيماننا بأن نتجاوز هذه المأساة بنجاح ونخرج إن شاء الله من هذا الكابوس أكثر قوة وأكبر عزما لبناء المستقبل. رحم الله شهداء زلزال الحوز، ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى، وأن يخفف التضامن الوطني معاناة الضحايا ويهوِّن على الناجين ما عانوه جراء تبعات الزلزال.