بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام: استمعت مُكْرَهًا لهرطقات بعض السفهاء من منكري السنة.. المتطاولين على أئمة الإسلام… وفي الحقيقة كنت أتمنى أن أسمع أفكارا… لكني لم أجد سوى بلطجة لفظية.. وعربدة فكرية… كلام الإفك مثل فحيح أفعى لها لدغٌ.. وملمسها رفيقُ! .. تفلسفت الحمير، فقيل: عِلمٌ! فرد العقلُ: بل هذا نهيق! وقد تتابعت كلمة العقلاء في هذه الأمة التي أخرجت العباقرة، وسادة العلوم، وأفذاذ العلم: أن أعسر ما على العقلاء مجادلة السفهاء، فإن السخف كما قيل لا منتهى له! وقد اجتهد العلماء في تعريف العلم، وضبط حدوده، ورسم قواعده، وفي ذلك ما لا يُحصى من المصنفات! ولكنك لست تجد من يضع حدا للغباء والحماقة والجنون! بل يصنفون الكتب في أخبارهم، وقص ما وقع من أفرادهم، تفكهًا واتعاظًا، وإجماما للنفس! فقد كان الحمق قديما فيه شيء من الظَّرف الذي لا يخلو من نادرة تُضحك، وفكاهة تُطرب! أما زماننا، فالحماقة فيه مركبة، وأشد تعقيدًا من عقل توما الحكيم! وما انصراف العقلاء والعلماء عن الرد على سفاهة كل أحمق، صيانةً للعلم وحفظًا لجنابه! لاسيما أهل الإفلاس الذين غاية الواحد منهم أن يكون أكثر الناس حظًّا من التفاهة، بحشد اللفظ السوقي مصحوبا بشبهات مات أهلها ودفنتهم سياط البراهين العلمية في مئات المصنفات والكتب! ويالله! هل ما زال هنالك من يطعن في السنة، ويتقمم أردأ ما في جراب المستشرقين والمعادين للإسلام؟! فيكون ضِغثا على إبَّالة! ورحم الله أيمتنا! فقد كانوا يحتشدون لمقالة الزور وما عساه يكون شبهةً فيردون ويبينون ويقيمون صروح العلم مضيئة بوهج البرهان ونور الهداية وثلَج اليقين! أما اليوم فلا يكاد يجد الإنسان فكرة مطردة ونظرا مستقيما وإن خالف! بل هي كما قال ابن قتيبة رحمه الله قديما: ألفاظ تهول بلا معنى! نعم! ألفاظ تهول في ثياب عصرية متسخة، لا تليق بعقل، ولا تعرف إلى الفكر المستقيم سبيلا! وإني لأسأل الله لي ولكم هداية وسدادا؛ فإن الإنسان إذا ضل طفئ مصباح عقله، وصار ضُحكة للناس، لا يملك غير الصياح والعويل، يريد أن يلتفت إليه ذو نُهية! ورحم الله المتنبي حين تعرض له سفيه يريد شرف هجاء المتنبي له، فقال أبو الطيب: أَسامِرِيُّ ضُحكَةَ كُلِّ راءِ فَطِنتَ وَأَنتَ أَغبى الأَغبِياءِ صَغُرتَ عَنِ المَديحِ فَقُلتَ أُهجى * كَأَنَّكَ ماصَغُرتَ عَنِ الهِجاءِ! وَما فَكَّرتُ قَبلَكَ في مُحالٍ * وَلا جَرَّبتُ سَيفي في هَباءِ ونحن نقول ما قال أبو الطيب: ما فكرنا في المحال ولا شغلنا به البال، وإنما سمي العقل عقلا لتقييده صاحبَه عن مواطن السوء وأخلاق السوء! وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.