علق الدكتور إدريس الكنبوري على "دراسة" أنجزها مجلس النواب المغربي خلصت إلى نتيجة مثيرة للاستغراب؛ تقول إن 59% من المغاربة يريدون تفعيل قيم الحداثة!! وقال المحلل السياسي المغربي "لو أن "الدراسة" أخفت الأرقام لكان أفضل؛ لكنها قدمت أرقاما مثيرة للريبة؛ فعدد المستجوبين هو 1600؛ والذين يدعمون قيم الحداثة منهم هو 947 !!!. ولكن هذا العدد ليس غريبا؛ فدعاة الحداثة في المغرب أقلية صغيرة جدا ولكنها نافذة؛ مثلها مثل 947 شخصا النافذين؛ الذين ينوبون عن جميع المغاربة كما ينوب النواب البرلمانيون عن جميع الشعب!". وعقب الكنبوري على دراسة مجلس النواب بقوله "هذه "الدراسة" العجيبة هي توجيه ايديولوجي وسياسي؛ أي أن "علم" سبر الآراء أصبح في خدمة الايديولوجيا لدى مجلس النواب. ولا يحتاج المرء إلى عبقرية لكي يفهم هذا؛ فهذه "الدراسة" تقول إن 60 في المائة من المستجوبين يفضلون المساواة على الحرية!!! والأمر واضح؛ فهو توجيه ايديولوجي لدعم مطالب تغيير مدونة الأسرة؛ بمعنى أن مجلس النواب يقف إلى جانب تيار معين؛ ويشرعن موقفه ب"دراسة" لها طابع العلمية. و المثير أن "الدراسة" تقول بأن 31 في المائة من المستجوبين يرون أن الانتماء إلى الوطن أهم من الانتماء إلى الأسرة!! ولا أفهم شخصيا لماذا هذا السؤال في الاستطلاع أصلا؛ وهل من يدعم الانتماء إلى الوطن يرفض الأسرة؛ ومن يدعم الأسرة يرفض الانتماء إلى الوطن؟ وهل المغاربة يقيمون في موزمبيق حتى يطرح هذا السؤال عليهم في الداخل؟ نحن جميعا ندعم قيم الحداثة؛ تلك التي تدعم الديمقراطية والحرية والشفافية؛ وندعم المساواة في الفرص والثروة والحظوظ؛ لكن لا ندعم الحداثة المغربية التي تمسك البغل من ذيله بعد أن يكون قد أدخل رأسه واختفى. دور البرلمان إنجاز دراسات حول الفساد والمال العام والغلاء؛ ومراقبة عمل الحكومة لا قناعات المواطنين؛ وليس إنجاز "دراسة" غير دقيقة بهدف سياسي وايديولوجي لخدمة اتجاه معين؛ وحشر نفسه في صراع قيمي كان من الواجب أن يكون "نواب الأمة" على وعي به". وختم الكنبوري تعليقه بقوله "نتمنى أن تكون هذه الدراسة محور دراسات من طرف المفكرين والمثقفين المغاربة للخروج من حالة الصمت؛ فهذه "دراسة" أنجزتها مؤسسة تشريعية تمثل الأمة؛ ويجب أن تلقى الاهتمام الذي تستحقه".