بلا شك أن المجتمع العلمي يتفق عاى شروط صفة العلمية (العالم) للشخصيات الاعتبارية المشتغلة بالعلوم في جميع حقولها ..فمن هو العالم عند الجماعة العلمية؟ منشأ هذه المناقشة هو أن الدكتور الفايد لا يقر بوجود عالم في الشريعة وغاية ما هو مقتنع به أن يصفه بالفقيه أو المفسر أو الواعظ. هذا مضمون نص كلامه على لسانه!! والدليل عنده هو أن الفقيه لم يدرس العلوم الكونية وهي (الفزياء والرياضيات والطبيعيات والفلك والطب وهلم جرا. بعبارة اخرى لن يكون الفقيه عالما عند الفايد حتى يكون مستوعبا لجميع العلوم (كشرط جديد عنده). لكن إذا رجعنا إلى فقه العلوم أو تاريخ العلوم ومناهجها سنجد العلوم حقولا مختلفة منها ما هو مرتبط بالآخر ومنها ما هو مستقل بذاته ومنها ما هو جزئي داخل الحقل العلمي الواحد وتبعا لذلك فالجماعة العلمية عبر التاريخ لم تشترط يوما شرط شمولية العلوم لتعطي صفة العالم لمن اختص بواحد من الحقول أو أكثر. فمثلا لك ان تطلع على تراجم العلماء في كل الحقول لتجد وصف العالم يلحق بالفيلسوف في الفلسفة كارسطو وهو لم يقدم شيئا في كثير من العلوم، وكنيوتن في اللاهوت والفزياء ولا علاقة له بالطب ولا بكثير من العلوم ومثله أنشتاين في الفزياء والفلك والرياضيات ولا علاقة له لا بالطب ولا بالفلسفة ولا غيرها . فهل مثل هؤلاء الذين لم يتصفوا بشمولية العلوم في علم الكونيات نفسه لا يستحقون صفة عالم عند الفايد أيضا. إذن فالعالم في المجتمع العلمي يمكن ان يكون عالما في تخصصه ويميزه في ذلك استيعابه وحفظه ونتاجه العلمي المؤثر في حل الإشكالات وتقديم الاصلح في مجال العلوم الذي يراه من خلاله المجتمع العلمي فيعطيه تلقائيا صفة العالم . وعلى هذا درج الناس في كل زمان ومكان ولم يسبق أن قال أحد من المجتمع العلمي أن شرط العالم إتقانه لكل فنون العلم ومجالاته بل كما يعلم الفايد نفسه حتى في الطب يوجد تخصصات دقيقة على مستوى عضو واحد كالقلب ويوجد علماء في طب القلب وحده بل في فرع دقيق من فروعه. إذا أسقطنا هذا المفهوم على مجال الشريعة فإن الفقيه المتمرس على صناعة الفتوى هو عالم شمل علوما ألية وشرعية عديدة لتعطى له أهلية هذه الصنعة ويصبح بها عالما ولا يقل ما يتطلبه هذا الأمر عن متطلبات العالم في الفزياء من حفظ وفهم واستيعاب وفطنة وملكة. وقس على ذلك عالم الحديث والفقه كالإمام البخاري ومسلم وابي الحسن القطان الفاسي وابن حجر والدارقطني والإمام مالك واحمد والشافعي وأبي حنيفة النعمان قديما وحديثا كالألباني في الحديث وفي الفقه كمصطفى بن حمزة وعلماء المجلس العلمي في المغرب وغيرهم وعلم التفسير كابن كثير والقرطبي قديما وحديثا مثل عبدالرحمن المغراوي المراكشي صاحب التفسير في أربعين مجلدا ومصطفى البويحياوي صاحب الدقائق القرآنية وعلماء القراءات كالقراء العشرة والشاطبي وابن الجزري قديما وحديثا مثل عبدالرافع رضوان والنبولسي المراكشي صاحب علو السند والإتقان في القراءات إقراء وتأليفا وغيرهم وعلماء الفكر والفلسفة قديما كابن رشد وحديثا كالمفكر إدريس الجابري الفاسي وغيرهم. فكل هؤلاء علماء في مجالاتهم واختصاصاتهم، لا يقدر الفايد ولا ملء الأرض من مثله أن ينتزع عنهم صفة العلمية (العالم). فما صرح به إنما ينبي عن جهل او عصبية أو كبوة غير محسوبة العواقب لا تليق بمن له أدنى خلفية بالعلم وتاريخه فضلا عن رجل أكاديمي يسعى بتخصص واحد أعزل ليحوز صفة (عالم بالتغذية).