، لا مشروع لديهم ينتصر لهوية شعبهم، ولا تصور لهم يستوعب ما يلزم من إصلاحات تحتاجها أغلب الميادين المفلسة، فأغلب كلامهم وتصوراتهم تقليد فيما لا ينبغي فيه التقليد، وخضوع حيث ينبغي رفع الرأس والقيام بالتحدي والتدافع، واستيراد للحلول الاجتماعية والثقافية كما تستورد قطع الغيار للسيارات المصنوعة في بلاد الغرب. قلَّ المصلحون السياسيون الذين يمارسون السياسة من أجل الصالح العام خدمة للدين ومصالح الشعب، حتى صار الاغتناء من الوظائف وتطوير الثروة من خلال استغلال السلطة والنفوذ أو التشارك مع من يمارسهما، أمرًا متواطأ عليه، معمولا به. لذا، إذا سألت المغرببي: من يمثلك؟؟ تحير في الإجابة، وتاه عقله، ليرجع قي النهاية ليعترف ألا أحد يمثله في الانتصار لمقومات هويته الحقيقية، وينوب عنه في تحقيق آماله العامة، وتدبير ثروات البلاد لصالحه. إننا نعيش في المغرب أزمة ثقة، بين الفرد والدولة، بين الشعب والمؤسسات، ناهيك عن الفقر والحاجة التي يعيشها أغلب الناس في أسرهم، والضياع الذي يعيشه معظم الشباب، والعطالة التي تقضي على كل أمل في التغيير. إن بلادنا تحتاج اليوم إلى طينة من الشباب الجاد القوي في علمه وجسمه وإرادته، الأمين في ذمته، والحصيف في رأيه، المخلص لدينه وأمته، العالمِ بواقعه والمتسلح بالعزيمة والصبر والتفاني. هذا الشباب هو من ينبغي أن يفتت بنيات الفساد التي تمنعه من تحقيق آماله والوصول إلى تحقيق أحلامه. في رأيي، إننا جميعا لا ينبغي أن ننتظر المهدي ليقوم بالتغيير، بل علينا فرادى وجماعات أن نعمل في كل اتجاه لتقوية المصلحين في كل قطاع، وإضعاف المفسدين ومشاريعهم. خصوصا أولئك الذين يلتمسون عند عدونا التاريخي حلولا لأدوائنا، ويخصونه بالمشاريع الكبرى في بلادنا ليستمر نفوذه، فلا انطلاق دون كسر القيود. كما على من يهمهم مصلحة الدولة أن يتوقفوا عن ترويج الوهم والحديث عن الإصلاح والإقلاع الاقتصادي، وإصلاح التعليم والإدارة والسياسية، فأبدًا لا يمكن للإصلاح أن يحصل بنخبة فاسدة تمنع الصالحين المصلحين من أبناء الشعب من الوصول إلى مراكز القرار، حتى تدوم سلطتهم وتؤمن مصالحهم. إن المغربي بأمجاده وتاريخه العظيم، والله ثم والله لا يستحق هذه الحالة التي يعيشها. لست عدميا ولا أطيق العدميين، وأقر أن هناك محاولات جادة للإصلاح لكن أركان الفساد لا تزال قوية، ودعائمه تستفيد من السلطة والمنصب لذا يستمر استغلالها للشعب.