بعد تسجيل إصابات مؤكدة بفيروس جدري القرود في عدد من الدول الأوروبية وحول العالم، شرعت السلطات الصحية المغربية باتخاذ إجراءات استباقية للتصدي لهذا الفيروس. وأول إجراء باشرته السلطات المغربية تمثل بإعطاء تعليمات للسلطات المحلية والمصالح البيطرية المختصة بمدينة مراكش، جنوبي البلاد، من أجل "جرد القرود الموجودة بساحة جامع الفنا"، وهي ساحة تاريخية اشتهرت بعروض فنية للقردة الذين تجذب حركاتهم عشرات الزوار والسياح، حيث يفضلون مداعبتهم والتقاط صور تذكارية معهم. وأوضح مصدر طبي لمنبر "سكاي نيوز عربية"، أن السلطات "عملت على جمع كل القردة لإخضاعها للمراقبة البيطرية الدقيقة، لمواجهة ودرء خطر تسلل فيروس جدري القرود". وأضاف المصدر أن هذا الإجراء "من شأنه حماية الزوار والسياح من خطر تفشي العدوى، إذا تبين أن بعض هذه القرود تحمل الفيروس". واستنفرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ومسؤولو وأطر المركز الوطني لعمليات الطوارئ، لرصد وتتبع الحالة الصحية للقردة، ومراجعة مختلف البيانات الوبائية وتوصيات منظمة الصحة العالمية بخصوص تطورات جدري القرود. وأصدرت وزارة الصحة المغربية مخططا وطنيا خاصا ب"اليقظة الوبائية" والتتبع لفيروس "مونكيبوكس"، المعروف حاليا ب "فيروس جدري القرود"، بعد تسجيل حالات مؤكدة في عدد من دول العالم. وحسب مخطط وزارة الصحة، فإن "مديرية الأدوية بالوزارة تستعد لمباشرة مجموعة من المشاورات لاتخاذ الإجراءات الممكنة لشراء كميات من دواء (تيكوفيريمات)، لعلاج الحالات المحتمل إصابتها بفيروس جدري القرود في المغرب". ويعتبر هذا الدواء الوحيد المتوفر عالميا، الخاص بفيروس القرود، وأجريت حوله تجارب علمية لدى الحيوان، مثل القردة، والأرانب والفئران. وأوصت وزارة الصحة باعتماد تحليل الحمض النووي لتشخيص والتعرف على الحالات المشكوك فيها أو المحتمل حملها للفيروس، وتشخيص عينات من التقرحات والطفح الجلدي، مع استبعاد اللجوء إلى الاختبارات السيرولوجية للبحث عن المضادات الجسمية، التي لم توصي بها منظمة الصحة العالمية. من جانب آخر، يشدد مخطط اليقظة الوطني على ضرورة إخبار السلطات الصحية المعنية بالحالات المحتملة إصابتها بالفيروس أو المشكوك فيها، إذ تباشر الفرق الطبية التابعة للمندوبيات الإقليمية لوزارة الصحة، بالتدقيق الوبائي بشكل مستعجل، مع تدوين المعطيات الخاصة بذلك. أما بالنسبة إلى العلاجات الموصى بها من قبل وزارة الصحة في حالة ظهور حالات لجدري القرود على الصعيد الوطني، فتعتمد على العلاج بالاستشفاء في قاعة يعزل فيها المريض لمدة 3 أسابيع، مع اللجوء إلى علاج الأعراض المرضية بواسطة المضادات الفيروسية التي تحمل تسمية "تيكوفيريمات". وللمزيد من التوضيحات، رأى الباحث في السياسات والنظم الصحية، الدكتور الطيب حمضي، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن "اتخاذ المغرب قرار استيراد أدوية مضادة لجدري القرود أو اللقاح المضاد موضوع سابق لأوانه". وتابع: "هذا القرار ليس هو الأولوية، لا بالنسبة للمغرب ولا بالنسبة لعدد من الدول، لأن هناك دواء (أونيفغال) المضاد ل(الفايلور) التقليدية وجدري القرود والأبقار الذي انقرض منذ زمن. يوجد هذا الدواء لكن الإنتاج قليل ولا يستعمل إلا نادرا". في المقابل، أشار حمضي إلى أن هناك لقاحات أخرى مصادق عليها ضد جدري القرود، "لكن إنتاجها ضئيل والحاجة إليها قليلة جدا". ودعا الباحث في السياسات والنظم الصحية، المواطنين لتوخي الحيطة والحذر والالتزام بالتدابير الوقائية، تفاديا لأية إصابة بالفيروس. وأوصت وزارة الصحة المغربية بوجوب اللجوء إلى الحجر الذاتي عند أي اختلاط مع أي حالة محتملة أو مؤكدة، مع مراقبة شبه يومية للحرارة، إلى جانب اعتماد العزل المنزلي لمدة أسبوعين. كما أوصت بوقف الدراسة بالنسبة إلى التلاميذ والطلبة، ووقف العمل وعدم استئنافه إلا بعد الحصول على شهادة الشفاء، مع التوصية باحترام صارم للتدابير الوقائية الصحية وخصوصا النظافة الشخصية. ودعت كذلك إلى "تفادي الاختلاط المباشر مع الأشخاص المشكوك في حملهم للفيروس، في وسائل النقل العمومية أو في الوسط المهني أو في المواقع الترفيهية أو داخل البيت، ما يستوجب تجنب لمس الملابس المستعملة للمصاب أو المشكوك في إصابته أو جلده أو سوائله البيولوجية أو تبادل الأدوات المستعملة في الأكل معه". كما اتخذت السلطات المغربية المختصة كل الاحتياطات اللازمة على مستوى المطارات والموانئ والمنافذ البرية، لتحصين المعابر الحدودية للمملكة ومنع تسلل الفيروس، وذلك في إطار خطة استباقية لتعزيز إجراءات المراقبة الصحية في مختلف النقط الحدودية.