وقعت إيطاليا اتفاقيتي غاز الأسبوع الجاري الأولى مع الجزائر والثانية مع مصر، وذلك لزيادة إمدادات الغاز وذلك في إطار مسعى لتقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي القادم من روسيا. تعد إيطاليا ثاني أكبر أسواق الغاز لشركة "غاوبروم" الروسية، وتستهلك إيطاليا نحو 29 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا، ووفقا لوزير التحول البيئي الإيطالي روبرتو سينجولاني فإن روسيا تمثل 40% من إجمالي الغاز المستورد لإيطاليا، بحسب ما ذكرته صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا". ويتفق الخبراء على أن استهلاك إيطاليا من الغاز الروسي كان سينمو لولا الأحداث المرتبطة بأوكرانيا والموقف الأوروبي، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يشهد فترة من التعافي بعد جائحة كورونا. وفي ظل ذلك يطرح سؤال حول مدى إمكانية إيطاليا استبدال الغاز الروسي بإمدادات من الجزائر ومصر؟ في مطلع أبريل الجاري، صرح مدير مجمع "سوناطراك" البترولي الجزائري، توفيق حكار، بأن الجزائر غير قادرة حاليا على أن تكون البديل عن الغاز الروسي بالنسبة للشركاء الأوروبيين. وفي في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية، أوضح حكار أن الجزائر لديها حاليا بعض المليارات (من الأمتار المكعبة الإضافية) التي لا يمكن أن تحل محل الغاز الروسي. وفق "RT أونلاين" بدوره رجح خبير الطاقة ألكسي تسيلونف، في منشور نشر بقناة يديرها في تطبيق "تلغرام" والتي هي مخصصة لشؤون إفريقيا، أن يكون لدى الجزائر قدرات أقل مما تم إعلانه لزيادة صادرات الغاز. وقال الخبير، إن "الجزائر تزود 11% من الغاز الأوروبي، لكن الإنتاج ظل راكدا منذ العام 2018 كما أن الاحتياطيات مستنفدة والاستثمارات لا تزال غير كافية بالإضافة لوجود مشاكل في مجال الإدارة، لكن ظهرت علامات إيجابية في الآونة الأخيرة، إذ كان 2021 ناجحا للغاية بالنسبة لشركة "سوناطراك" ربما بسبب قرارات استراتيجية أو ببساطة على خلفية نمو الطلب بعد الوباء". من جهته أشار نائب مدير معهد الدراسات الإفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية ليونيد فيتوني، إلى أن إيطاليا لديها طلب متزايد على الغاز، الأمر الذي سيزيد الضغوطات على روما عند بحثها عن بدائل للغاز الروسي. عند الحديث عن أوروبا ككل، تظهر البيانات أن روسيا زودت أوروبا بنحو 155 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي، استبعد الخبير بوريس مارتسينكيفيتش، رئيس تحرير موقع "جيو إنيرغيتيكا" المتخصص في شؤون الطاقة، إمكانية تعويض إمدادات الوقود الأزرق من روسيا بشكل كامل بإمدادات من دول أخرى مثل النرويجوالجزائر وأذربيجان ودول أخرى، بما في ذلك من مصر، أو حتى بإمدادات الغاز المسال من الولاياتالمتحدة. وأشار الخبير إلى أنه يمكن استعاضة 5 مليارات متر مكعب فقط من إجمالي إمدادات "غازبروم" من الغاز إلى أوروبا، والتي بلغت 155 مليار متر مكعب من الغاز في 2021. وأوضح الخبير قائلا: "كانت المفاوضات في باكو وأوسلو جدية فكل من الشركة النرويجية "إيكونور" (Equinor) والشركة الحكومية الأذربيجانية "سوكار" قادرتان على زيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا، إذ أن "إيكونور" قادرة على زيادة الإمدادات بنحو 1.5 مليار متر مكعب، أما "سوكار" بواقع مليار متر مكعب. ومع الأخذ في الاعتبار حقيقة أنه في العام 2021 قامت شركة "غازبروم" بتزويد دول الاتحاد الأوروبي ب155 مليار متر مكعب من الغاز، لم يتبق سوى القليل قبل الاستبدال الكامل والمطلق للغاز الروسي، فقط 150 مليار متر مكعب، وسيكون كل شيء في وضع ممتاز". وفيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي من الجزائر إلى إيطاليا، أشار مارتسينكيفيتش إلى أن بنية الغاز بحاجة للتحديث كما أن حقول الغاز الجزائرية بحاجة لاستثمارات لزيادة إنتاجها. وقال الخبير إن "خط الأنابيب عبر المتوسط (خط أنابيب غاز من الجزائر عبر تونس إلى صقلية ثم إلى الأراضي الايطالية) تبلغ طاقته السنوية 30 مليار متر مكعب، لكن لم يتم تشغيله بطاقته التصميمية القصوى لفترة طويلة من الوقت، كما أن إنتاج حقل حاسي الرمل العملاق ( أكبر حقل غاز في الجزائر) لم يتجاوز مستوى 20 مليار متر مكعب في السنوات الأخيرة، ولا يمكن زيادته إلا من خلال استثمارات جديدة، إذ أن المعدات تحتاج للتحديث". وشكك الخبير في إمكانية أن تستطيع الجزائر الحفاظ على إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عند المستوى التقليدي البالغ 40 مليار متر مكعب، خاصة وأن الجزائر رفضت توقيع اتفاقية عبور جديدة مع المغرب بشأن إمدادات الغاز عبر MEG (خط أنابيب المغرب – أوروبا) وتفاقم العلاقات بين الجزائر وإسبانيا على خلفية الصحراء الغربية.