توصل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في الجزائر الإثنين إلى اتفاق مع الرئيس عبد المجيد تبون لزيادة كميات الغاز التي تستوردها روما من الجزائر، بهدف التقليص من التبعية للغاز الروسي. وكان دراغي قد وصل العاصمة الجزائرية في الظهيرة واستقبله رئيس الوزراء الجزائري أيمن عبد الرحمان ووزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الطاقة محمد عرقاب والمدير التنفيذي لشركة المحروقات "سوناطراك" توفيق حكار. وذكر بيان للرئاسة الجزائرية أن الزيارة جاءت "تلبية لدعوة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون (…) في إطار تعزيز علاقات التعاون بين البلدين". وأجرى رئيس الوزراء الإيطالي مع الرئيس الجزائري "محادثات على انفراد" أكد على إثرها رئيس الوزراء الإيطالي للصحافيين: "لقد وقعت حكومتانا إعلان نوايا بشأن التعاون الثنائي في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى الاتفاق بين +إيني+ (المجموعة الإيطالية) و+سوناطراك+ لزيادة صادرات الغاز إلى إيطاليا". وأوضح بيان لسوناطرك أنها وقعت مع "إيني"اتفاقية بغرض تسريع وتيرة تطوير مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي (…) وزيادة حجم الغاز المصدر باستخدام القدرات المتاحة لخط أنبوب الغاز +ترانسمد+". وتابع البيان" كما تسمح هذه الاتفاقية للشركتين بتحديد مستويات أسعار مبيعات الغاز الطبيعي تماشيا مع معطيات السوق وذلك للسنة 2022-2023 وفقا للبنود التعاقدية المتعلقة بمراجعة الأسعار". وبحسب بيان لمجموعة "إيني" فإن الإضافات في كميات الغاز "ستزيد تدريجيا لتبلغ 9 مليارات متر مكعب في 2023-2024". وأضاف أن "إيطاليا مستعدة للعمل مع الجزائر لتطوير الطاقات المتجددة واستغلال الهيدروجين الأخضر (كما) نسعى لتسريع الانتقال في مجال الطاقة وخلق فرص للتنمية والتوظيف". وأكد دراغي أنه "فور غزو أوكرانيا، أعلنت أن إيطاليا ستتحرك بسرعة لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. واتفاقيات اليوم هي استجابة مهمة لهذا الهدف الاستراتيجي". وأعلن عن زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري إلى إيطاليا في نهاية مايو. والجزائر ثاني مزود للغاز لإيطاليا بعد روسيا، التي تشهد أزمة مع كل شركائها الأوربيين منذ غزوها أوكرانيا في فبراير. وتستورد إيطاليا نحو 95 في المائة من الغاز الذي تستهلكه. وهي من أكثر الدول الأوربية اعتمادا على الغاز الروسي بنحو 45 في المائة من احتياجاتها، بينما تزودها الجزائر بنحو 30 في المائة. ودفعت الحرب في أوكرانيا وحزمة العقوبات الاقتصادية ضد موسكو، إيطاليا إلى نشاط دبلوماسي مكثف للبحث عن موارد أخرى خاصة أن الغاز يمثل 42 في المائة من استهلاك البلاد للطاقة. وسبقت زيارة دراغي للجزائر زيارة كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لمجموعة "إيني" الإيطالية العملاقة للطاقة الناشطة للجزائر، بداية الشهر حيث التقى الرئيس تبون لمناقشة "إمداد إيطاليا بالغاز". وكان وزير خارجيته لويجي دي مايو زار الجزائر كذلك في 28 فبراير، حيث ناقش مع نظيره زيادة إمدادات الغاز لتعويض الخفض المحتمل للواردات من روسيا. وأكد دي مايو حينها أن "الحكومة الإيطالية ملتزمة بزيادة إمدادات الطاقة، ولا سيما الغاز، من مختلف الشركاء الدوليين" ومن بينهم الجزائر "التي لطالما كانت موردا موثوقا". من جانبها، أعلنت مجموعة النفط والغاز الجزائرية العملاقة "سوناطراك" نهاية فبراير استعدادها لتزويد أوربا بمزيد من الغاز خصوصا عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائربإيطاليا. وأكد المدير العام ل"سوناطراك" توفيق حكار أن "للمجموعة قدرة غير مستخدمة على خط أنابيب ترانسميد" يمكن استعمالها "لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوربية". وإلى جانب الجزائر، يمكن لإيطاليا أن تزيد واردات الغاز من أذربيجان وتونس وليبيا، وفق الحكومة. وأعلن المدير التنفيذي لسوناطراك توفيق حكار أن "للمجموعة قدرة غير مستخدمة على خط أنابيب ترانسميد" العابر لتونس والبحر المتوسط والتي يمكن استخدامها "لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوربية". وأكد أن أوربا هي "السوق الطبيعية المفضلة" للجزائر التي تساهم حاليا بنسبة 11% من وارداتها من الغاز. وكانت إيطاليا، خلال سنة 2021 الوجهة الأولى لصادرات الغاز الجزائري بحجم إجمالي قدره 6,4 مليارات متر مكعب، أي بزيادة قدرها 109 في المائة مقارنة بسنة 2020، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. ومنذ إطلاق خط أنابيب الغاز العابر للمتوسط بين البلدين في سنة 1981 تشغله المجموعتان سوناطراك وإيني، بطاقة تصدير تصل إلى 32 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. وتم تجديد عقد بيع الغاز بين البلدين في مايو 2019 لتزويد السوق الإيطالية لمدة ثماني سنوات حتى سنة 2027، بالإضافة إلى سنتين اختياريتين إضافيتين. وأوضح وزير الطاقة السابق عبد المجيد عطار في تصريح سابق لوكالة فرنس برس، أن "الجزائر تصدر حوالى 22 مليار متر مكعب عبر أنبوب ترانسميد"، ومع قدرة لتصدير عشرة مليارات متر مكعب أخرى. وأضاف عطار الذي سبق له إدارة مجموعة سوناطراك، أنه يمكن أيضا أن يتم تسييل الغاز وإرساله من خلال ناقلات الغاز الطبيعي، مع العلم أن "وحدات التسييل الموجودة في الجزائر يتم استغلالها فقط بنسبة 50إلى 60% من قدراتها". ومع ذلك، فإن الجزائر لا يمكن أن تعوض وحدها الانخفاض في إمداد الغاز الروسي" بحسب عطار. ولكن "على المدى المتوسط، في أربع أو خمس سنوات، ستكون الجزائر قادرة على إرسال كميات أكبر" مشيرا إلى ضرورة "تطوير احتياطيات جديدة تتكون أساسا من الغاز غير التقليدي" (الغاز الصخري). وتخطط الجزائر لاستثمار 40 مليار دولار بين 2022 و2026 في استكشافات النفط والإنتاج والتكرير، وكذلك استكشاف الغاز واستخراجه.